ميليس: أوصيت بتوقيف القادة الأمنيين اللبنانيين لمشاركتهم «إلى حد ما» في التخطيط للاغتيال

رئيس التحقيق في اغتيال الحريري: من دون التعاون السوري لن نحصل على الصورة الكاملة

TT

قال القاضي الالماني ديتليف ميليس، رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مؤتمره الصحافي الذي عقده امس انه «اوصى بتوقيف قادة الاجهزة الامنية السابقين اللواء الركن جميل السيد والعميد ريمون عازار واللواء علي الحاج وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، لان لجنة التحقيق رأت ان هؤلاء المشتبه بهم الى حد ما شاركوا في التخطيط الذي ادى الى الاغتيال»، مشدداً على «ان قرينة البراءة قائمة وعلى ان حقوق الموقوفين مصانة». واشار الى ان النائب السابق ناصر قنديل، الذي جرى التحقيق معه واخلي سبيله، هو ايضاً من المشتبه بهم، لكن امر توقيفه يعود الى المدعي العام اللبناني. وذكر ميليس ان التعاون السوري الذي طلبه اعترضته بعض المشكلات، لكنه ابدى تفاؤله في امكانية التوصل الى حل لهذه المشكلات «لانه من دون التعاون السوري لا نحصل على الصورة الكاملة»، مؤكداً ان «لا مشتبه بهم في سورية حتى هذه اللحظة». واوضح ان طلبه مقابلة اشخاص سوريين كشهود مرده الى ان «على اللجنة ان تستجوب كل شخص كان له في اي وقت دور أمني في لبنان «، متوقعاً ان يؤدي عدم التعاون السوري الى «تمديد مهمته اسابيع عدة، لان اللجنة ستضطر حينها الى الحصول على المعلومات عبر جهات اخرى».

ورفض ميليس الاجابة عما اذا كان الرئيس السوري بشار الاسد مطلوباً للشهادة في التحقيق، مبدياً استعداده لزيارة سورية ومقابلة المسؤولين فيها. وافاد انه لم يستجوب الرئيس اللبناني العماد اميل لحود بصفته شاهداً، نافياً ان يكون لحود احد المشتبه فيهم في الجريمة.

واوضح ميليس ان التحقيق «احرز تقدماً على جبهات عدة مع متابعة عدد من الخيوط الهامة ومع مواصلة مسح مسرح الجريمة بمساعدة خبراء من هولندا وبريطانيا واخيراً من اليابان، اضافة الى فريق الطب الجنائي الذي يستكمل تحليل مئات الادلة». ورفض التعليق على الشائعات المتعلقة بأي تورط لـ «حزب الله» في التفجير، مؤكداً ان التنسيق الامني الوحيد يتم مع اجهزة الحكومة اللبنانية، كما نفى معرفته بأي قائمة اغتيال تضم اسماء شخصيات لبنانية، مشيداً بتعاون الاجهزة القضائية والامنية اللبنانية مع لجنة التحقيق. واعتبر انه ما زال من السابق لأوانه البحث في تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم، نافياً اي ضغط من اي جهة على من يعمل في اللجنة لتسييس التحقيق.

وعن وجود انتحاري في عملية التفجير والتوصل الى معرفة شخصيته، قال ميليس: «هذا جزء رئيسي في التحقيق. لكن آسف لانني لا استطيع ان اقول شيئاً عن الامر.» وقد عقد ميليس مؤتمره الصحافي في فندق «برنتانيا» في برمانا (جبل لبنان) بعدما كان مقرراً في فندق «الكورال بيتش» في بيروت الجنوبية والاعلان بعد ذلك عن انعقاده في مقر لجنة التحقيق في المونتيفردي (جبل لبنان). وقد استغرق نقل الاعلاميين من منطقة المونتيفردي حيث يقيم ميليس والتي كانوا وصلوا اليها منذ التاسعة صباحاً، الى الفندق حوالي الساعتين، وسط اجراءات امنية مشددة.

ورفض ميليس اعطاء اي معلومات تتعلق بتفاصيل التحقيق او بالاحتمالات الافتراضية التي قد تنتج عنه، وقد استهل القاضي ميليس مؤتمره بتلاوة بيان وصفه بـ «الموجز» قال فيه: «في 17 يونيو (حزيران) من هذا العام اجتمعنا آخر مرة لنعلن ان لجنتنا بدأت عملها في اليوم السابق. هذه المناسبة اعطت لي فرصة لكي األقي بعض الضوء على عناصر معينة من تحقيقنا. واود ان انبهكم الى اننا في حاجة، الامم المتحدة واللجنة، الى المساعدة من الشعب اللبناني ومن الحكومة اللبنانية. واليوم، كما قلت، هذه فرصة اخرى اولاً لنقدم شكرنا لشعب لبنان واود ان اؤكد على ذلك، شعب لبنان والحكومة اللبنانية كذلك رئيس الجمهورية بالاضافة الى شكرنا للسلطات القضائية والامنية للمساعدة التي قدمت لنا وعلى تعاونها...ان تحقيقنا يسير على قدم وساق، كما تعلمون. واحرزنا تقدماً على جبهات عدة ونحن نواصل تحرياتنا في اتجاهات مختلفة مع متابعة عدد من الخطوط المهمة. ولهذا الغرض فان دولاً عدة اعضاء في الامم المتحدة قدمت الينا خبراتها ولها منا كل الشكر... وعملاً بقرار مجلس الامن 1595 التمسنا ايضاً مساعدة قانونية من دول اطراف ثالثة لغرض اجراء مقابلات مع بعض رعاياها ضمن جملة امور. واعتبر هذا الطلب محاولة ضرورية وفرصة لاستيضاح الامور». وافاد ميليس: «لقد حددت اللجنة خمسة مشتبه بهم وتم استجوابهم بصورة واسعة. ويعمل كل من اللجنة والقضاء اللبناني راهناً على مراجعة افاداتهم وتقويمها. وفي هذه الاثناء فإن قرينة البراءة قائمة وتظل حقوق المشتبه بهم مصانة بالكامل. وعليه، فإن من الانصاف ان نقول ان القضية لم تقفل بعد وما زلنا ندعو اي شخص داخل لبنان وخارجه تكون لديه اي معلومات حول هذا الاغتيال ان يوافي اللجنة بها. سوف نقدم الأمن للشهود والمشتبه بهم عند الحاجة». وعن سبب تسمية مصطفى حمدان قبل مدة على انه مشتبه به في الجريمة وعدم القاء القبض عليه آنذاك وعلى المشتبه بهم الاخرين، قال ميليس «لم نذهب الى الجنرال حمدان سلفاً فأود ان اؤكد مرة اخرى ان التحقيق جار، وآنذاك كانت لدينا شكوك وافادات وكان يتم تجميعها. وشعرنا انه من الضروري توقيف هؤلاء المشتبه بهم. اللجنة ليست في موقف قانوني يمكنها من احتجازهم الى الابد. ولا بد من ان يقوم بذلك المدعي العام. وحسب علمي لم يتم بت هذه المسألة نهائياً وعن سبب عدم توقيف النائب السابق ناصر قنديل، قال: «لتوضيح المسألة تماماً لدينا خمسة مشتبه بهم. وبالطبع حتى يتم توقيف شخص ما لا بد من ان يكون مشتبهاً به. لكن المدعي العام ليس عليه ان يلقي القبض على كل مشتبه به. فالجنرال حمدان كان مشتبهاً به ولم يتم توقيفه والامر نفسه في لبنان والمانيا واوروبا».

وعن مدى صحة ما يقال عن حصول اللجنة على معلومات من اسرائيل، قال ميليس: «اريد ان تفهموا، من فضلكم، انني لا يمكن ان اعطيكم اي اجزاء من الادلة المتصلة بالتحقيق." ورداً على سؤال لـ «الشرق الأوسط» اذا كانت التحقيقات تقتضي ان يبادر مجلس الامن الى انشاء محكمة خاصة لاستدعاء المسؤولين السوريين المشتبه بهم قال ميليس: «اننا حتى الآن لا نتعامل مع اي مشتبه به من سورية. والذي طلبناه من الحكومة السورية هو ان نطلب من هؤلاء السادة ان يحضروا كشهود وليس كمشتبه بهم. وكما ذكرتم بالنسبة الى المحكمة الدولية، فمن السابق لأوانه ان نتحدث عن هذه المرحلة التي نأمل في ان نصل اليها. واذا وصلنا اليها فإن ذلك يستغرق بعض الوقت. ..اعتقد ان مسألة انشاء محكمة دولية او كيفية التعامل مع المشتبه بهم المحتملين في لبنان تتعلق بأناس ينبغي ان يقدموا الى المحاكمة. وهذا سؤال ينبغي في الواقع ان يناقش في وقت لاحق».

وعن كون التوصية بتوقيف المشتبه بهم الاربعة مبنية على اعترافات منهم ومدى انزعاجه من دفاع رئيس الجمهورية عن العميد مصطفى حمدان على الرغم من توقيفه، قال ميليس: «مرة اخرى المشتبه بهم ليسوا مدانين ويجب النظر اليهم كأبرياء. ولذلك اذا شعر الرئيس انه من الضروري ان يوضح ذلك كحقيقة، في رأيي ليس هناك شيء خاطئ في ذلك... لذلك لم اشعر بالانزعاج».

وعن مدى الاقتراب من كشف حقيقة اغتيال الحريري، قال: «اعتقد اننا احرزنا تقدماً جيداً ولم نوص بالقبض على اشخاص بناء على اقوال او اشاعات. ولذلك تستطيعون ان تقولوا ان لدينا ادلة مهمة. وسبب حضورنا الى هنا هو كشف الحقيقة. ولا نزال نعمل نحو هذا الهدف. وأنا متفائل. وآمل في التوصل اليها».