العراقيون يشيعون قتلى التدافع.. ورائحة الموت تلف جسر الأئمة

أحدهم فقد والديه وأخته ولم يتبق له سوى أخ لم يعثر له على أثر

TT

بغداد ـ الوكالات: تجمعت الحشود أمس لتشييع جنازات نحو ألف عراقي قتلوا في تدافع خلال مناسبة دينية يحييها الشيعة فيما عم الحزن أنحاء البلاد لمأساة طغت على الاقتتال الدامي في البلاد. وأقيمت سرادقات للعزاء في مدينة الصدر الشيعية الفقيرة في بغداد في حين استعد أقارب الضحايا لتلقي العزاء قبل بدء نقل أغلب الجثث إلى مدينة النجف ذات المزارات الشيعية لدفنها هناك.

ومن شأن حالة الحداد التي أعلنت لمدة ثلاثة أيام تهدئة الأوضاع في بلد صدمته الكارثة رغم اعتياده على سقوط أعداد من القتلى في شوارعه. وصباح أمس كانت رائحة الموت تلف جسر الأئمة حيث وقعت المأساة. وما زالت آلاف الأحذية وبينها الكثير من أحذية الأطفال والكثير من الأغراض الشخصية وأكياس الطعام التي كان الزوار يحملونها تغطي ارض الجسر فوق الذي يصل بين جانبي بغداد.. الكرخ والرصافة. واستمر تدفق العراقيين الذين فقدوا أعزاءهم في هذه الكارثة يبحثون عن أي شيء شخصي يدلهم على ضحاياهم.

وقال عبد الكريم منخي (28 عاما) وهو من اهالي مدينة الصدر (شرق بغداد) وقد استغرق في البكاء «هذا حذاء اخي.. إنني لا اعرف ماذا حصل له وأين هو».

وأضاف «اخي متزوج وله طفلان وعائلته تنتظر مني ان اعود اليها برب الاسرة.. تعبت من البحث بين المستشفيات وفي ثلاجات الموتى بدون فائدة». وقام القائمون على مسجد ابو حنيفة النعمان (السني) الواقع بجانب الجسر بتعليق الهويات والبطاقات التعريفية للضحايا على حائط المسجد لكي يتعرف عليهم ذووهم.

والقى عطية الشمري (32 عاما)، وهو من اهالي محافظة واسط (180 كلم جنوب بغداد)، والذي جاء بحثا عن اخيه الاصغر، بعد ان وجد جثث ابيه وأمه وأخته في مستشفى مدينة الطب، على الحكومة العراقية مسؤولية هذه «الكارثة البشرية».

وبدا ساهما وهو يقول «العديد من الضحايا ما زالوا في قعر النهر بينما تقف الحكومة مكتوفة الايدي عاجزة عن انتشالهم». ويتابع الشمري «انا هنا منذ الصباح الباكر علهم يخرجون جثة اخي، لكن احدا لم يأت لا من الشرطة ولا الجيش ولا حتى من فرق الانقاذ او اي جهة رسمية. الاهالي هنا يقومون بما يمكنهم وقد انتشلوا قبل قليل جثتي طفل وامرأة». ويحمل العديد من الشهود القوات الأمنية جانبا كبيرا من المسؤولية بعد ان قامت بوضع الحواجز الخرسانية فوق الجسر لمنع مرور السيارات ولإجبار الناس على المرور من فتحة ضيقة امام رجال الأمن للتفتيش قبيل اجتياز الجسر.

ويرجح السكان ان تكون الجثث المتبقية عالقة بين الصخور الموجودة في اسفل النهر.

وفي مستشفى مدينة الطب الذي يعد اكبر مستشفيات العاصمة العراقية بغداد حيث نقل قسم كبير من الضحايا، شوهدت صفوف من الاهالي وهم يحملون نعوشا فارغة ويفتشون عن قتلاهم بين مئات الجثث التي غصت بها الثلاجات.