أمهات بيسلان يهددن باللجوء السياسي للغرب وبوتين يلتقيهن اليوم في الكرملين

بيسلان تقرع الأجراس في المدرسة وتحيي ذكرى مرور عام على الحصار الدامي

TT

بعد لقاء عاصف مع ممثل الرئيس الروسي في جنوب روسيا دميتري كوزاك هدد اعضاء «لجنة أمهات بيسلان» باللجوء السياسي الى أي من الدول الغربية احتجاجا على قصور سياسات الكرملين ومحاولات طمس الحقيقة حول تطورات المأساة الدموية التي اسفرت عن مقتل ما يزيد عن 330 من اطفال مدرسة يسلان في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قالت سوزان دودايفا رئيسة «لجنة امهات بيسلان» انهن قررن على مضض الموافقة على اللقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين وكانت كثيرات من اعضاء اللجنة يرفضن هذا القرار.وقالت انهن يذهبن الى الرئيس بوتين بحثا عن الموضوعية والحقيقة وبغية الحيلولة دون التستر على المذنبين من قيادات الأجهزة الامنية ممن يتحملون مسؤولية قرار الاقتحام الفاشل واستخدام الأسلحة الثقيلة دون التفكير في مصائر وحياة الصغار من فلذات اكبادهن.

ومضت دودايفا لتقول انها ترفض الثأر سبيلا لمعالجة الأحزان. وأشارت الى انها كأم وكامرأة لا يمكن ان تقبل الانزلاق الى ما قد يكون سببا في ازمة المزيد والجديد من الدماء. وكشفت عن سخطها وغضبها من رئيس الدولة الذي قالت انه لم يعرب عن ندم او أسى تجاه ما حل بأهل بيسلان من مصائب وكوارث مؤكدة انها تريد مطالبته بالتحول الى الموضوعية والابتعاد بالتحقيقات عن سيناريو الكذب ومحاولات التستر على المسؤولين عن وقوع المأساة.

من جانبها قالت آلا ليسايفا احدى اعضاء «لجنة الأمهات» ان بيسلان لن تغفر لبوتين تقصيره وإنها ستلاحقه قانونيا لمحاسبته عن تقصيره تجاه حماية أبناء الوطن. وانتقدت ما قاله كوزاك ممثل الرئيس عن ان الدولة لا تستطيع حماية مواطنيها من الارهاب الذي تعاني منه كل دول العالم. وأشارت الى «ان ما يقوله يعد دعوة غير مباشرة الى ان يضطلع كل امرئ منا بحماية نفسه وعلينا جميعا ان نحمل السلاح ما دامت الدولة تقر بعجزها عن حماية مواطنيها». ودق الجرس اربع دقات صباح أمس في تمام الساعة 15،9 في مدرسة بيسلان معلنا مرور سنة بالتمام على بدء عملية احتجاز الرهائن، ما اعطى اشارة الانطلاق لمراسم احياء هذه الذكرى.

وعلت بعد قرع الجرس انغام "القداس الجنائزي" لموزار في حرم المدرسة حيث كانت عائلات الضحايا تتوافد منذ ساعة لوضع الازهار في قاعة الرياضة حيث سقط معظم القتلى.

وعبر اكثر من مئتي شخص البوابات المجهزة بأنظمة لكشف الأسلحة للدخول الى المدرسة فقاموا بدورة الملعب الرياضي لإلقاء نظرة على صور الضحايا الـ331 التي علقت من حوله.

وأسدلت على جدران المبنى ستائر حمراء عليها حمامات بيضاء. وكان الزائرون يدورون بصمت حول الملعب الرياضي في مجموعات فيضعون زهورا ويشعلون شموعا أمام صور اقربائهم.

وشق صوت البكاء الصمت الذي غلف المدرسة الرقم 1 في بيسلان. لكن الحزن امتزج بالغضب وصاح البعض مرددين «قاتلة.. قاتلة» في وجه مديرة المدرسة السابقة التي كانت هدفا لمزاعم الاقارب المفجوعين بان تقصير المسؤولين على كافة المستويات أدى الى ارتفاع عدد الضحايا.

في صالة الالعاب المهدمة في المدرسة حيث قتل كثير من الضحايا ونصفهم من الاطفال في انفجار وفي تبادل للنيران وضعت النساء جباههن على صور ابنائهن القتلى المعلقة في صفوف على الجدران. وفي بعض الحالات علقت صور تحمل نفس اللقب متجاورة في اشارة الى أنه قضي على عائلة بالكامل في حمام الدم ذلك. ويخشى مسؤولون أن يحاول مقاتلون رفاق للذين احتلوا المدرسة مطالبين باستقلال الشيشان احياء ذكرى مرور عام على الحادث بشن هجوم اخر ووضعت أجهزة رصد المعادن عند مدخل المدرسة المهدم وكانت الشرطة متواجدة بكثافة. وفي باقي ارجاء روسيا كانت دوريات الشرطة تراقب الصغار عند وصولهم للمدارس في بداية العام الدراسي في أول سبتمبر (أيلول) وبمجرد دخولهم للمدارس وقف الصغار دقيقة حدادا على ضحايا بيسلان.

وفي بيسلان حملت كلارا جاسينوفا حفيدتها اليونا (18 شهرا) لصالة الالعاب كي ترى صورة أمها فاتيما وشقيقتها كريستينا اللتين قتلتا في المدرسة بينما أنقذ جندي الطفلة اليونا. قالت جاسينوفا «ذهبنا ووضعنا زهورا وأشعلنا شموعا وأرينا اليونا الصورة. وقالت.. فاتيما.. فاتيما كما اعتادت أن تناديها».

وقبل عام وصل اكثر من ألف من أولياء الامور والاطفال للمدرسة الرقم 1 وقد حمل كثيرون الزهور للمدرسين وهو تقليد روسي في أول يوم في الفصل الدراسي. لكن كان في استقبالهم رجال مدججون بالسلاح احتجزوهم ثلاثة أيام وقتلوا كثيرين من الرهائن الذكور وحرموا الرهائن من الماء مما اضطر بعض الاطفال على شرب بولهم.

وفي ذروة دامية دفع انفجار وقع في صالة الالعاب قوات الامن لاقتحام المدرسة وقتل مئات في الاشتباك المسلح الذى اعقب ذلك. ويقول بعض الاقارب ان كثيرين من الضحايا قتلوا لان المسؤولين لم يتقنوا عملية الانقاذ. وحملت أمس في مدرسة بيسلان مجموعة من أولياء الامور الذين لم يتمكنوا من السيطرة على غضبهم على مديرة المدرسة السابقة ليديا تساليافا واخذوا يرددون «قاتلة.. قاتلة .. ماذا جاء بك الى هنا» بينما شكل أقارب اخرون درعا لحمايتها. ويتهم بعض الاقارب تساليافا بالتواطؤ مع محتجزي الرهائن. وهي تنفي الاتهام لكنه يعبر عن انعدام الثقة في المسؤولين المنتشر على نطاق واسع في بيسلان.

وقالت كلارا كوتونوفا الذي قتل حفيدها تيموراز دوروف في الحصار «ناسنا هم الذين باعونا. يوجد أناس هنا يطلبون مني ألا أبكي. لا يريدون أن أتحدث. لكنني سأتكلم سأحكي كل شيء. لا أخشى شيئا».

وفي أماكن أخرى في روسيا فتحت مدارس أبوابها في حضور الشرطة. وفي شارع بولشوي كوزيخينسكي في وسط موسكو وقف حوالي خمسة ضباط شرطة عند بوابة مدرسة لدى وصول اولياء الامور والاطفال ومعهم باقات الزهور.