إعصار كاترينا: القتلى بالآلاف وبوش يتوعد النهابين ويعهد لوالده وكلينتون بتنسيق المساعدات

الرئيس الفنزويلي ينتقد فشل نظيره «راعي البقر» في إدارة الكارثة

TT

علقت السلطات الأميركية عمليات الاجلاء من مدينة نيو اورليانز امس، بعد تعرض طائرة هليكوبتر عسكرية لاطلاق الرصاص، فيما توعد الرئيس جورج بوش النهابين المستفيدين من حالة الطوارئ في المناطق المنكوبة، وعهد الى الرئيسين السابقين جورج بوش الاب وبيل كلينتون مهمة تنسيق الهبات لضحايا اعصار كاترينا.

ووسط ارتفاع حصيلة الضحايا الى الالاف، تسعى السلطات الى استعادة السيطرة على مدينة نيو اورليانز التي حولها الاعصار كاترينا يوم الاثنين الماضي الى خراب. ودفعت حادثة اطلاق الرصاص على طائرة الهليكوبتر راي ناجين، رئيس مجلس بلدية نيو اورليانز، الى اصدار اوامر للشرطة بارجاء عمليات الانقاذ والاجلاء ومكافحة عمليات السلب والنهب والجرائم الاخرى التي انتشرت في المدينة.

وجرح احد جنود الحرس الوطني بعد تعرضه لاطلاق الرصاص اول من امس، في صالة الالعاب المغطاة في نيو اورليانز، التي تأوي آلاف المنكوبين في ظروف تزداد سوءا. وقالت كاثلين بلانكو حاكمة ولاية لويزيانا الغاضبة للصحافيين: «سنفعل ما يلزم لاستعادة القانون والنظام الى منطقتنا». واضافت: «انني غاضبة. انه امر غير مقبول». وقال مسؤول في الحرس الوطني امس، ان ما يصل الى 60 الف شخص تجمعوا في صالة الالعاب لاجلائهم.

وظل آلاف الاميركيين الذين تقطعت بهم السبل ينتظرون بالساعات لاجلائهم من مدينة نيو اروليانز التي ضربها الاعصار، في الوقت الذي اعترف فيه الرئيس بوش بان تعافي الولايات المنكوبة بفعل الاعصار والمطلة على خليج المكسيك سيستغرق سنوات.

وبدأت امدادات الطعام ومياه الشرب تنقص في المدينة التي انتشرت في شوارعها عمليات السلب والنهب، الا ان منسوب مياه الفيضانات توقف أخيرا عن الارتفاع منذ ان ضرب الاعصار خليج المكسيك بعنف ليل الاثنين.

وفي مواجهة الانتقادات التي يواجهها، قال الرئيس الاميركي في مقابلة تلفزيونية امس: «أعتقد انه يجب ألا يكون هناك اي تهاون يذكر مع من ينتهكون القانون خلال اوقات الطوارئ مثل هذه، سواء من يقومون باعمال النهب او رفع الاسعار عند محطات البنزين او استغلال عمليات توزيع المعونات او القيام بعمليات الاحتيال على التأمين». وتعرض الرئيس الاميركي لانتقادات حول مواجهة ادارته لاعصار كاترينا ودعا الاميركيين الى عدم اقحام السياسة في الكارثة. وقد اتهمه منتقدوه بالاخفاق في معالجة مسألة الاعصار بالاهمية والسرعة التي تستحقها، الا انه دافع عن نفسه في مقابلة مع تلفزيون «ايه. بي. سي» وقال: «آمل في ان لا يقحم الناس السياسة في هذه الفترة. هذه كارثة طبيعية لم تشهد بلادنا لها مثيلا من قبل. هذه حالة طوارئ وطنية. وما يجب ان نفعله كشعب هو الوقوف معا لحل المشكلة وعدم اقحام السياسة فيها. سيكون هناك وقت كاف للسياسة». وقد اتهمته صحيفة «نيويورك تايمز»، في مقال لها امس بالقول: «فيما يبدو انه اصبح تقليدا لدى هذه الادارة، فقد ظهر الرئيس متأخرا عن الوقت الذي نحتاجه فيه». وفي محاولة للرد على الانتقادات، اعلن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان للصحافيين ان الرئيس بوش سيزور الجمعة (اليوم) مناطق خليج المكسيك المنكوبة. واضاف ان الرئيس «سيتفقد المنطقة عن طريق الجو والبر».

كذلك، اعلن المتحدث باسم البيت الابيض امس ان الرئيس بوش عهد الى الرئيسين السابقين بوش الاب وكلينتون مهمة تنسيق المساعدات لضحايا الاعصار. وكان الرئيس بوش قد عهد الى الرئيسين السابقين مهمة تنسيق مساعدة ضحايا تسونامي الذي ضرب آسيا العام الماضي.

ومن جهتها، اعلنت الخارجية الاميركية، ان الولايات المتحدة تدرس العروض التي أتتها من حكومات اجنبية لمساعدة ضحايا اعصار كاترينا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سيان ماكورماك: «تلقينا بعض العروض من قبل حكومات ترغب في مساعدتنا في عمليات البحث (عن الضحايا) واعادة بناء المناطق المنكوبة». واضاف، ليست لدي حاليا لائحة كاملة (باسماء تلك الحكومات) ولا اريد ان اذكر دولا وانسى اخرى، لان هذه العروض لا تزال تصلنا، الا انه اوضح ان نحو اثنتي عشرة حكومة اتصلت بنا لهذه الغاية. وتابع قائلاً: نقدرها جميعا وسنبدأ في الايام المقبلة دراسة كيف يمكن ادارة عروض مساعداتها هذه على احسن وجه، نظرا لحاجات المناطق.

واكد انه ليس على علم بان الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، عرض ارسال وقود ومساعدات انسانية للولايات المتحدة.

ومن جهته، وصف الرئيس شافيز، الذي يعد من أشد منتقدي السياسة الاميركية، الرئيس بوش بانه «راعي بقر»، فشل في ادارة الكارثة الناجمة عن اعصار كاترينا. وقال شافيز خلال اجتماع حكومي بثه التلفزيون على الهواء: «هذه الحكومة ليست لديها خطط اجلاء. هذا أمر لا يصدق. أكبر قوة في العالم منشغلة جدا بالعراق وتركت مواطنيها تتقطع بهم السبل».

ويعتقد ان الاعصار كاترينا ربما قتل آلاف الاشخاص في ولايتي لويزيانا ومسيسيبي، حين ضرب خليج المكسيك برياح بلغت سرعتها 225 كلم في الساعة وبجدار من الامواج بلغ ارتفاعها تسعة امتار غمرت مناطق شاسعة من السواحل وحاصرت السكان الذين لجأوا الى اسطح المنازل.

وأعلن الرئيس بوش ان السلطات نقلت بالفعل أكثر من 78 الفا الى ملاذات الطوارئ، وان عشرات الآلاف من المنازل والمكاتب دمرت. ولم يتكشف بعد حجم الضرر الذي خلفه الاعصار، حيث يجري اجلاء آلاف الاشخاص من نيو اورليانز. وقال الرئيس بوش ان الحكومة ستبدأ تنفيذ جهد اغاثة شامل بعد مساعدة الذين يحتاجون الى معونات فورية. واضاف قائلاً: نحن نركز على اعادة الكهرباء وخطوط الاتصال التي قطعت اثناء العاصفة. وسنقوم باصلاح الطرق البرية الرئيسية والجسور وغيرها من وسائل المواصلات الاساسية في اسرع وقت ممكن. وقطع الاعصار الكهرباء عن نحو 2.3 مليون مشترك ونحو خمسة ملايين شخص في اربع ولايات، وفقا لما ذكرته شركات المرافق، التي حذرت من ان استعادة التيار قد تستغرق اسابيع.

وارسل الجيش الاميركي سفينة مستشفى وحاملتي هليكوبتر لمساعدة سفينتين اخريين من البحرية تقومان بعمليات انقاذ في المنطقة. وحشد حكام الولايات المتضررة ثمانية الاف من قوات الحرس الوطني.

وقال يان انغلاند منسق الامم المتحدة لجهود الاغاثة في حالات الطوارئ، الذي اشرف على جهود الاغاثة في كارثة تسونامي اواخر العام الماضي، ان الاعصار كاترينا قد يتفوق بسهولة على كوارث طبيعية أخرى حديثة مدمرة فيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية. ووصف انغلاند الاعصار كاترينا، بانه واحد من أكبر الكوارث الطبيعية وأكثرها تدميرا. وعرض مساعد الامين العام للامم المتحدة مساعدة المنظمة الدولية على الولايات المتحدة في رسالة رسمية بعث بها الى جون بولتون المندوب الاميركي في نيويورك.

وبينما قدرت الامم المتحدة الخسائر المادية عن امواج المد بنحو عشرة مليارات دولار، قدر محللو المخاطر ان الاعصار كاترينا سيكلف شركات التأمين ما يصل الى 26 مليار دولار، اي سيكون اكثر الاعاصير تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة.