ناجون وأقارب ضحايا يروون لـ الكابوس الذي عاشوه على جسر الأئمة .. ومعاناة البحث عن أحبتهم

TT

مرت ليلة طويلة على مالك السوداني وهو يبحث عن ابنه علي، ذي الخمسة عشر ربيعا، احد ضحايا مأساة جسر الأئمة التي شهدتها بغداد الأربعاء الماضي. وكان مالك وقتها مشغولا باحد اولاده المصاب بالتهاب رئوي شديد حسب ما أكد له طبيب المستوصف الصحي في المنطقة التي يسكنها والتي منعته من الذهاب مع اولاده في احياء المراسم الدينية لزيارة الامام الكاظم ليتوجه اولاده الاربعة بصحبة اهالي منطقة الكسرة ذات الاغلبية الشيعية والتي تقع ضمن النطاق الجغرافي لمنطقة الاعظمية.

قال مالك لـ«الشرق الأوسط» ان علي كان قد التفت اليه قبل ذهابه سائلا «أبي هل ستأتي معنا؟» فأجابه : «كلا ساذهب مع اخيك حسين الى المستشفى». بعدها غادر مالك قاصدا المستشفى من اجل ان يكشف الطبيب الاختصاصي على ولده الراقد هناك لغاية اليوم. وبعد مضي ساعات جاء احمد وهو الابن البكر لمالك ليبلغ اباه بان اخيه علي مفقود بسبب الزحام الكبير الذي شهدته المسيرة المليونية.. فذهب مالك وشقيقاه الاصغر منه للبحث عن ولده المفقود وبعد رحلة طويلة امتدت يومين متتاليين وبعد معاناة البحث بين الضحايا وجد مالك ولده علي الذي قضى نحبه غرقا في نهر دجلة . وذكر له احد العاملين في مستشفى النعمان ان جثة ولده تم احضارها من قبل احدى سيارات الاسعاف الخاصة بالمستشفى مساء الخميس الماضي وأن الجثة قد تم انتشالها من قاع النهر وقد وجدت آثار الطين عالقة في قدمي الجثمان ما يؤكد ان الضحية كان قد علق في قاع النهر. اما حكاية رافع مهدي وهو عم طه صباح الذي راح ايضا ضحية حادثة جسر الائمة فيرويها لنا وهو يشعر بالذنب لان موت ابن اخيه كان نتيجة تقصير منه ، حسب قوله. فقد قال «في صبيحة يوم الاربعاء الماضي استيقظت باكرا من اجل الذهاب الى زيارة الامام موسى ابن جعفر (ع) وقد اصطحبت ولدي مرتضى وحسن واخذت معي ابن اخي طه الذي فقد والده في حادث مؤسف قبل عام ونصف العام» واضاف «بعد وصولنا الى بداية جسر الائمة شاهدت الزحام الذي لا يستطيع اي شخص بالغ ان يمر من خلاله فكيف بالاطفال الذين اصطحبهم معي، لكن بعد لحظات قليلة صادفني احد اصدقائي فطلبت منه ان يحمل طه معه وانا احمل ولدي لكي نكمل مشوارنا، وفي غمرة المسير والتدافع حصلت الكارثة فلم ار بعدها صديقي ولا ابن اخي طه الذي يبلغ من العمر عشر سنوات وقد نجوت باعجوبة من الموت انا وولداي، فبعد سيرنا فوق الجسر وصلت الى فتحة السلم الذي يوجد على جانبي الجسر وقمت بحمل اولادي ونزلت مسرعا بعد ان تعرضنا نحن الثلاثة الى اصابات ورضوض مختلفة وان احد اطفالي قد كسرت يداه اليمنى من جراء سقوطه من على ظهري على ارتفاع سبعة امتار، وبعد عودة الهدوء قمت بالبحث عن صديقي وابن اخي فلم اجدهما واتصلت بأخوتي الذين كانوا ضمن موكب العزاء الذي تقيمه منطقتنا بهذه المناسبة وبعد وصولهم قمنا بالبحث بين جثامين الضحايا فلم نجد لهم اثرا .. وبعد مضي ساعة اتصل احد جيراننا وهو ضابط شرطة في مجمع مدينة الطب الكائن في باب المعظم ليبلغني بان جثة ابن اخي طه موجودة هناك بالاضافة الى جثة صديقي».