واشنطن تصعد ضغوطها على سورية وتستبعدها من لقاء مقترح لدول حليفة وشرق أوسطية

TT

كشف مسؤولون اميركيون بارزون ان إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش تعتزم بذل مساع جديدة داخل الامم المتحدة، خلال الشهر الحالي، لتضييق الخناق على سورية والمساعدة على إعادة بناء لبنان سياسيا. وتأتي هذه الخطة الاميركية، المدعومة فرنسيا، في وقت وجهت فيه تهم جنائية ضد اربعة من الجنرالات اللبنانيين الموالين لسورية بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وتعد خطوتا الخطة الاميركية جزءا من مساعي دولية موازية لتحميل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية تدخلها في الشؤون اللبنانية، في الوقتين الحاضر والسابق. ويبدو ان هذه المساعي تعززت بتركيز التحقيق الذي تقوده الامم المتحدة على حلفاء وعملاء سورية في لبنان ودورهم في اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) الماضي. ونقل عن مسؤولين اميركيين ومصادر دبلوماسية اوروبية تصريحات بأن وزيرة الخارجية الاميركية، كوندوليزا رايس، عقدت اجتماعا لم يعلن عنه رسميا، الثلاثاء الماضي بالبيت الابيض مع مبعوث الامم المتحدة الى لبنان، تيري رود-لارسين، ومستشار فرنسا لشؤون الأمن القومي، موريس غوردو-مونتان ومستشار الأمن القومي الاميركي ستيفن هادلي، لمناقشة الاوضاع في سورية ولبنان. ووصل مبعوثا فرنسا والأمم المتحدة خصيصا للمشاركة في هذا الاجتماع. وتعتزم كوندوليزا رايس استضافة اجتماع مع دول حليفة في اوروبا والشرق الاوسط لمناقشة وضع جهود ومساع مشتركة، وذلك خلال حضورها جلسة افتتاح الجمعية العامة للامم المتحدة منتصف الشهر الحالي. وكشف مسؤولون اميركيون انهم سيستبعدون من هذا الاجتماع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سيزور الامم المتحدة لأول مرة كرئيس لسورية. وقال مسؤول بارز انه لو كان محل بشار الأسد لأعاد التفكير في الحضور الى نيويورك، مضيفا انه لن يلاقي فيها الاهتمام الإعلامي الكبير الذي يتوقع. وكان مسؤولون اميركيون وأوروبيون قد اعربوا عن ارتياحهم ومفاجأتهم بجرأة محقق الأمم المتحدة الألماني ديتليف ميليس وشجاعته في كشف ملابسات التورط في جريمة اغتيال الحريري التي هزت لبنان وأطلقت حركة سياسية جديدة اجبرت سورية على إنهاء احتلالها العسكري للبنان.

وقال مصدر مطلع ان فريق التحقيق قد توصل الى «ادلة دامغة».

ومن المقرر ان يسلم ميليس تقريره في 17 سبتمبر (ايلول) الحالي لدى افتتاح الجمعية العامة للامم المتحدة. وعلى الرغم من ان التوقعات تشير الى احتمال مطالبته بتمديد فترة التحقيق، فان مصادر اشارت الى ان الاعتقالات التي جرت هذه الاسبوع في بيروت تعتبر خطوة اولى فقط في الكشف عن المعلومات التي حصل عليها حتى الآن.

وبناء على هذه المعلومات وجهت، اول من امس، تهم تتعلق بالتورط في اغتيال الحريري الى اربعة من كبار المسؤولين العسكريين اللبنانيين هم اللواء الركن جميل السيد والعميد ريمون عازار واللواء علي الحاج والعميد مصطفى حمدان، قائد الحرس الجمهوري. وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد ناشدت سورية التعاون في اجراءات التحقيق، اذ قال الناطق الرسمي باسم الوزارة، شون ماكورماك، انهم اكدوا بوضوح على ضرورة تعاون كل الأطراف المعنية في التحقيق الذي يجريه ميليس، وأضاف ان اللبنانيين في انتظار أجوبة توضح تفاصيل ما حدث وتكشف عن الجهة المسؤولة عن اغتيال الحريري، كما أكد المتحدث ان ميليس قد احرز تقدما جيدا في التحقيق حول هذه القضية. وحذر مسؤول اميركي بارز من ان التحقيق اذا توصل في نهاية الأمر الى تورط دمشق، فإن ذلك يعني ان سورية «ستواجه مشكلة». ويتحدث مسؤولون في الامم المتحدة ودول اوروبية مع تقدم سير التحقيق حول الخطوات التالية، بما في ذلك ما ستكشف عنه المحاكمات وما اذا ستجري هذه المحاكمات في لبنان. وعلى الرغم من ان لبنان يريد ان يصبح قادرا على مواجهة ماضيه كخطوة في طريق تأمين مستقبله، فإن هناك من يشعر بالقلق إزاء قوة النظام القضائي اللبناني وخلوه من النفوذ السوري على نحو يجعله قادرا على إجراء محاكمات نزيهة ومستقلة.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)