تركيا تهدد بالتخلي عن سعيها إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي إذا فرضت عليها شروط جديدة

سترو متفائل ببدء محادثات انضمامها للاتحاد.. والمفوض الأوروبي يشدد على ضرورة تنفيذها بروتوكول أنقرة بالكامل

TT

صعدت الحكومة التركية من لهجتها، وأعلنت انها ستتخلى عن سعيها الى الانضمام للاتحاد الاوروبي اذا فرض الأخير شروطا جديدة، مشيرة الى ان ليس لديها ما تقدمه من تنازلات اخرى للاتحاد. ورفضت في الوقت نفسه الضغوط التي تمارس عليها بشأن اعترافها بقبرص. وجاء التصعيد التركي أمس بالتزامن مع الاجتماع غير الرسمي لوزراء الخارجية الاوروبيين في نيوبورت (ويلز). ورفض رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، الضغوط التي تمارس على بلاده بخصوص الأزمة القبرصية قبل بدء مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي في اكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال «ليس لدى تركيا الآن ما تقدمه (للاتحاد الاوروبي). لقد قمنا بكل شيء يتعلق بالمعاير السياسية لكوبنهاغن».

وتتناول المعايير السياسية لكوبنهاغن الحريات السياسية الأساسية والشروط التي يتعين ان تلبيها اي دولة تسعى الى الانضمام للاتحاد الاوروبي.

وقال اردوغان في مطار انقرة قبل توجهه الى نابولي (جنوب ايطاليا) لحضور مؤتمر دولي «لقد قمنا بكل ما طلب منا بعد 17 ديسمبر (كانون الاول) حين حدد القادة الاوروبيون موعد فتح مفاوضات انضمام انقرة».

واضاف «كل ما كان منتظرا منا تم ابلاغه خطيا ولقد أنجزناه. ومن غير الوارد قبول تطورات جديدة». وكان يشير الى الضغوط الاوروبية كي تعود السلطات التركية عن حظر وصول سفن وطائرات قبرصية (يونانية) الى مرافئها ومطاراتها.

وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قد أعرب عن تفاؤله ببدء المباحثات المتعلقة بانضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي في موعدها المقرر في الثالث من اكتوبر المقبل. وإذ شدد على ان أياً من نظرائه المشاركين في اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي غير الرسمية، في جنوب مقاطعة ويلز البريطانية، «لم يطرح تساؤلات» عن امكان دخول تركيا الى الاتحاد، فقد اوضح انه «واثق الى درجة لا بأس بها» بأن المفاوضات بخصوص هيكلية انضمام اوروبا ستفتح مطلع الشهر المقبل.

وفي تعقيب على اسئلة عن موقفه من تصريحات متشددة نسبت الى وزير الخارجية التركي عبد الله غل، عن ان بلاده غير ملزمة بتطبيق «بروتوكولات الجمارك» الواردة في اتفاقية أنقرة التي أبرمتها مع الاتحاد الأوروبي، قال سترو إن «الوثائق الرسمية مثل بروتوكول أنقرة، ينبغي ألا توقع ويصادق عليها فحسب، بل يجب ان تطبق ايضا».

أما المفوض الأوروبي لشؤون توسيع الاتحاد، أولي رين، فقد أكد ان توقيع انقرة للبروتوكول يتطلب منها تنفيذه بالكامل، وربما في ذلك فتح ابواب موانئها للبواخر القبرصية.

وقال رين، الذي كان يتحدث الى جانب سترو في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، «من الواضح ان توقيع بروتوكول أنقرة يجب ان يؤدي الى مصادقة البروتوكول بنية طيبة في الوقت المناسب».

وأضاف «وحالما تتم مصادقته، فإن ذلك يجب ان يفضي الى تنفيذه بشكل كامل، الأمر الذي يعني بالتأكيد فتح ابواب المرافئ التركية أمام الزوارق القبرصية. وعاد الجدل حول القضية القبرصية في نهاية يوليو (تموز) حين وقعت تركيا بروتوكولا لتوسيع اتفاق جمركي يربطها مع الاتحاد الاوروبي ليشمل الدول الاعضاء العشر الجدد، وبينها قبرص. وهذا التوقيع كان آخر شرط مسبق فرضه الاتحاد الاوروبي على تركيا قبل بدء مفاوضات الانضمام، لكن الحكومة التركية ارفقت البروتوكول بإعلان تؤكد فيه مجددا ان توقيعه لا يعني ابدا اعترافا بقبرص. وتابع اردوغان «نحن نركز بشكل خاص على عملية المفاوضات وليس على امور اخرى».

ولم يتمكن وزراء الخارجية الاوروبيون خلال اجتماعهم في نيوبورت من الاتفاق على سبل زيادة الضغط على انقرة للحصول على اعتراف تركي بقبرص لكنهم لم يتراجعوا عن موعد اكتوبر.

من جهته، رفض الوزير غل ايضا الخميس فكرة فتح مطارات ومرافئ تركية امام سفن وطائرات قبرصية ـ يونانية طالما ان تركيا لم تصبح «عضوا كاملا» في الاتحاد الاوروبي.

وقال غل في مطار انقرة قبل التوجه الى نيوبورت امس ان «المرافئ والمطارات قسم من قطاع الخدمات»، مضيفا ان فتحها «يطلب فقط من الدول الكاملة العضوية» في الاتحاد الاوروبي.

وتابع الوزير ان «تركيا لم تصبح بعد عضوا في الاتحاد. وما هو منتظر من دولة عضو يختلف عما هو منتظر من دولة على طريق الانضمام»، محذرا «يجب ألا يحاول احد استغلالنا».

الى ذلك، نقل عن غل قوله ان تركيا ستتخلى عن سعيها الى الانضمام للاتحاد الاوروبي اذا فرض عليها الأخير شروطا جديدة أو حاول ان يعرض على أنقرة علاقة تقل عن العضوية الكاملة في الاتحاد.

وقال غل في مقابلة مع مجلة «ذي إيكونوميست» ستنشر اليوم «سننسحب من المفاوضات اذا ما عرضوا علينا ما هو اقل من انضمام كامل او اذا طرحوا شروطا جديدة». واضاف «اذا انسحبنا هذه المرة، فسيكون ذلك نهائيا». وتابع «التزمنا بما يوجبنا به العقد وحان دور الاتحاد الاوروبي ليلتزم بالجزء المتعلق به».

يذكر ان قبرص مقسومة منذ عام 1974 الى شطرين; تركي (شمال) ويوناني (جنوب) منذ اجتياح الجيش التركي الشطر الشمالي ردا على انقلاب للقوميين القبارصة اليونانيين في محاولة لإلحاق الجزيرة باليونان.

من جهته، ابدى وزير الخارجية القبرصي جورج ياكوفو «تفاؤله» أمس حول فتح مفاوضات انضمام انقرة الى الاتحاد الاوروبي، كما هو مرتقب الشهر المقبل. وقال امام الصحافيين في نيوبورت «انني متفائل بأنها ستبدأ». واضاف «نحن ننتظر من تركيا ان تطبِّع علاقاتها مع جمهورية قبرص بسرعة». لكنه اوضح «لم اقل ابدا اننا سنضع فيتو. لم نعارض ابدا البدء بمفاوضات الانضمام مع تركيا». وردا على سؤال حول ما سيقوله لنظيره التركي غل، قال ياكوفو مبتسما «فلنتكلم».

وكانت مساعي تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي والتعقيدات التي خلفها رفضها الاعتراف بقبرص موضوعا رئيسيا في الاجتماع غير الرسمي لوزراء الخارجية الاوروبيين الذي عقد في نيوبورت.