وكالة الطاقة تتهم إيران باستئناف تحويل اليورانيوم وواشنطن تريد رفع ملفها إلى مجلس الأمن

طهران تنتقد دوافع التقرير السياسية وتتعهد بمواصلة التعاون مع الوكالة

TT

قال دبلوماسي أميركي كبير ان الولايات المتحدة تريد احالة ملف ايران الى مجلس الامن الدولي، حيث قد تفرض عليها عقوبات بعد أن أكد تقرير صدر أمس عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تواصل العمل فى أنشطة نووية حساسة. وجاء في التقرير الذي وضعه مدير الوكالة محمد البرادعي ووزع على الدبلوماسيين أنه بعد عامين ونصف العام من التحقيقات لم تزل الوكالة عاجزة عن تأكيد أن ايران لا تملك أي مواد أو أنشطة نووية سرية. وأضاف التقرير أن ايران استأنفت عملية تحويل اليورانيوم، وهو بين الانشطة التي كانت قد علقتها بموجب اتفاق مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وتولت الدول الثلاث اجراء محادثات مع ايران نيابة عن الاتحاد الاوروبي في محاولة لإقناعها بالتخلي عن التقنية التي يمكن أن تستخدم لإنتاج قنابل نووية مقابل حوافز سياسية واقتصادية.

وقال التقرير السري الذي وزع على الدول الـ35 الاعضاء في مجلس امناء الوكالة ان ايران مطالبة من جديد «بالشفافية الكاملة» لأن وكالة الطاقة «غير قادرة بعد سنتين ونصف السنة من عمليات التفتيش والتحقيقات المكثفة، على توضيح بعض المسائل العالقة». وقال التقرير ان «حوالى اربعة آلاف كيلوغرام» من معدن اليورانيوم ادخلت حتى الثلاثاء في عملية التحويل الى غاز في مصنع اصفهان وسط ايران. وكان مجلس حكام الوكالة طلب من ايران في 11 اغسطس (آب) استئناف «التعليق الطوعي» لهذه النشاطات.

ودعا البرادعي الى اعداد تقرير لعرضه في الثالث من سبتمبر (ايلول). وتؤكد الوثيقة ايضا ان طهران لم تستأنف تخصيب اليورانيوم بالمعني الدقيق للكلمة، وهي مرحلة لاحقة تسمح بإنتاج الوقود النووي.

من جهة اخرى، رأت الوكالة ان آثار اليورانيوم المخصب التي عثر عليها في ايران ناتجة عن تجهيزات مستوردة، وهو ما يؤيد التأكيدات الايرانية، لكنها اعلنت عن تحاليل جديدة في هذا الشأن قبل اصدار اي «نتائج نهائية». وقال التقرير ان التحقيق في آثار اليورانيوم المخصب الذي كان عثر عليه مفتشو الوكالة في محركات الطرد المركزي في ايران يميل «في الاجمال الى دعم التصريحات الايرانية حول المصدر الخارجي للجزء الاساسي من البقايا»، التي عثر عليها في مواقع عدة. ولا يأتي التقرير على ذكر باكستان وشبكة تهريب التكنولوجيا النووية فيها، لكن دبلوماسيين قالوا ان التلوث جاء من هذا البلد. وأكد البرادعي اخيرا ان تجارب على البلوتونيوم الذي يشكل مصدرا آخر لإنتاج اسلحة نووية، ما زالت تراقب. وكانت ايران وضعت تحت مراقبة الوكالة التابعة للامم المتحدة والمكلفة منع انتشار الاسلحة النووية، بعد ان تبين ان هذا البلد أخفى نشاطات نووية حساسة لمدة 18 عاما.

وبعد ان طالب بتعاون ايران الكامل «اخيرا»، اشار التقرير الى نقاط لم تتوضح حول نشاطات اليورانيوم والبلوتونيوم واجهزة للطرد المركزي من اجل تخصيب اليورانيوم. واشار الى ان مفتشي الوكالة لا يحق لهم دخول بعض المواقع التي تجري فيها نشاطات قد تكون مشبوهة في ايران مثل بارفين ولافيزان. وقال مسؤول قريب من الوكالة انه «على ايران تقديم ادلة».

وقال الدبلوماسي الاميركي الذي طلب عدم نشر اسمه في تأكيد على موقف واشنطن «ما لم توقف ايران تحويل اليورانيوم وتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعود لمائدة المفاوضات، فاننا نتفق بشدة مع الثلاثي الاوروبي بأن على مجلس أمناء الوكالة أن يحيل هذه المسألة الى مجلس الامن الدولي». وتقول ايران انها أجابت على معظم أسئلة الوكالة وأنها أظهرت أن طموحاتها النووية تقتصر على استغلال الطاقة النووية في توليد الكهرباء، نافية أنها تريد انتاج أسلحة نووية كما تشتبه في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. ولكن طهران أثارت غضب الاتحاد الاوروبي عندما استأنفت عملية تحويل اليورانيوم الشهر الماضي في منشأة اصفهان; وهي خطوة أدت لانهيار المحادثات بينها وبين الاتحاد الاوروبي وحدت بالمسؤولين الاوروبيين الى التهديد بإحالة ملفها الى مجلس الامن. وقد طلب مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية بالاجماع من ايران يوم 11 أغسطس العودة الى وقف الانشطة النووية بالكامل، وطلب من البرادعي تقديم تقرير بشأن التزام طهران بحلول الثالث من سبتمبر. وسيجتمع المجلس مرة اخرى يوم 19 سبتمبر (أيلول) لبحث كيفية التعامل مع معطيات التقرير. وقال الدبلوماسي الاميركي «بشكل عام يؤكد التقرير مخاوفنا من أن ايران تطور برنامجا للاسلحة النووية. ان المجتمع الدولي بحاجة الى وضع المزيد من الضغوط على ايران لإجبارها على العودة الى مائدة المفاوضات». وفي اول رد فعل لها، رأت ايران ان التقرير يتضمن انتقادات دوافعها سياسية تجاه طهران. وقال المسؤول عن الملف الايراني النووي علي لاريجاني في حديث الى التلفزيون الرسمي الايراني ان «الانتقادات الواردة في التقرير ليست قانونية ولا تقنية». وأضاف «لا نعتقد ان هذا الجانب السياسي مهم، وسنواصل العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مؤكدا في الوقت نفسه على «حق» ايران بالتخصيب لأهداف محض مدنية استنادا الى ما تنص عليه معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية.

وصرح الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان الاتحاد سيوصي «في حال الضرورة» بإحالة الملف الايراني الى مجلس الامن الدولي. ويمكن ان يتخذ قرار من هذا النوع في الاجتماع المقبل لمجلس حكام الوكالة الذي سيبدأ في 19 سبتمبر في فيينا.