مصر: حكم قضائي يسمح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة عملية التصويت «بين حين وآخر»

القضاء الإداري يستبعد الأقصري من خوض الانتخابات ويحيل قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية

TT

قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بالسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من الشهر الجارى «من خارج وداخل اللجان الانتخابية على أن تكون المراقبة من الداخل عارضة (بين حين وآخر) بعد اذن من رئيس اللجنة». وقالت المحكمة في اسباب الحكم ان «مراقبة الانتخابات تخرج عن اختصاص لجنة الانتخابات الرئاسية حيث حدد القانون اختصاصها ولم تكن منه عملية رقابة الانتخابات». وجاء في الحكم ايضا أن «منظمات المجتمع المدني تقوم بمراقبة الانتخابات وفقا لقانون تأسيسها لمتابعة شفافية ونزاهة عملية الاقتراع وإعلام الشعب المصري بها». وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية قد قالت انها لن توافق على دخول مندوبي منظمات المجتمع المدني لجان الاقتراع. وقد صدر الحكم بطلب منظمات بينها المنظمة المصرية لحقوق الانسان. وفي توصية أصدرتها الجمعية العمومية لنادي القضاة أول من أمس اشترط مئات القضاة الذين قالوا انهم سيقاطعون الاشراف على الانتخابات الرئاسية السماح لمندوبي منظمات المجتمع المدني بدخول لجان الاقتراع ليشرفوا على العملية الانتخابية. وأحكام محكمة القضاء الاداري واجبة النفاذ فور صدورها ومن دون اعلان من تصدر بحقهم ولا يجوز طلب وقف تنفيذها الا أمام المحكمة التي أصدرتها، لكن جهات حكومية عديدة تمتنع بين وقت وآخر بحجة أو بأخرى عن تنفيذ أحكامها.

وقابلت منظمات المجتمع المدني قرار المحكمة بالدعوة لعقد اجتماع طارئ اليوم لبحث تحركها في المرحلة القادمة، ووصف بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الحكم بأنه «حكم تاريخي» ليس لصالح المنظمات الاهلية، ولكن لصالح مصر كلها، ويعزز مصداقية العملية الانتخابية، غير انه ابدى تخوفه من احتمالات عدم تنفيذ اللجنة الرئاسية للانتخابات للحكم، خاصة أنها تملك الطعن عليه. ومن ناحيتها، أكدت مصادر داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان أن على الجميع الالتزام بالحكم، مشيرة الى أن تأزيم العلاقة بين المنظمات واللجنة أمر ليس صحيا في ظل محاولات لتكاتف جهود الجميع للخروج بانتخابات نزيهة. على جانب آخر وفي مفاجأة غير متوقعة أصدرت محكمة القضاء الإداري أيضا قبل ثلاثة أيام فقط من إجراء الانتخابات حكما باستبعاد مرشح «حزب مصر العربي الاشتراكي» وحيد الأقصري من الانتخابات والغاء قرار لجنة شؤون الأحزاب السابق بالاعتداد به رئيسا للحزب وذلك بسبب وجود نزاع على رئاسة الحزب. وفي أول تعليق له على الحكم، قلل الاقصري من تأثير الحكم على موقفه، وقال: إن هذا حكم ابتدائي يجوز الطعن عليه وان قانون الانتخابات وفق مادته 28 ينص على عدم جواز الطعن على قرار اللجنة العليا للانتخابات. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن اللجنة العليا للانتخابات ستعقد اجتماعا خلال ساعات لبحث موقفها من الحكم.

وفي حكم ثالث أحالت محكمة القضاء قانون الانتخابات الرئاسية الى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستورية سبع من مواده، وكان مجلس الشعب قد أحال مشروع القانون قبل اصداره الى المحكمة للنظر في مدى دستوريته تجنبا للطعن عليه بعدم الدستورية بعد صدوره، وطلبت المحكمة الدستورية ادخال تعديلات عليه أجراها المجلس، لكن محكمة القضاء الاداري قالت ان «المراقبة السابقة على مشروع القانون لا تمنع المراقبة اللاحقة على صدوره»، ومن شأن صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية أي من المواد السبع المطعون عليها اثارة الشكوك في قانونية اجراءات ونتيجة الانتخابات الرئاسية.

وأجلت المحكمة نظر طعون عشرات المدعين الذين تقدموا للترشيح للرئاسة كمستقلين ورفضت لجنة الانتخابات الرئاسية قبول أوراق ترشيحهم الى حين الفصل في مدى دستورية قانون الانتخابات الرئاسية. وكان التعديل الدستوري قد وضع قيدا على ترشيح المستقلين وهو حصولهم على تزكية 250 من أعضاء مجالس الشعب والشورى والمحافظات التي يهيمن عليها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وقال المدعون ان الشرط أهدر قاعدة المساواة في الحقوق بين المواطنين وهي من أهم نصوص الدستور. وأحالت المحكمة الى هيئة مفوضين طعنا تقدمت به الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» على نتيجة الاستفتاء الذي أجري على التعديل الدستوري في مايو (ايار) لاعداد تقرير تستند اليه المحكمة في نظر الدعوى بجلسة 29 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.

وكان تقرير لنادي القضاة عن الاستفتاء قد استندت اليه حركة «كفاية» في الطعن قد قال «ان 95 في المائة من اللجان الفرعية أسندت رئاستها لموظفين لا استقلال لهم ولا حصانة وتعرضوا للترهيب من رجال الشرطة وأفلتت تماما من رقابة القضاة، وكانت تلك اللجان مسرحا لانتهاك القانون وتزوير بيانات حضور الناخبين وبطاقات ابداء الرأي». ولو أوصى تقرير هيئة المفوضين بابطال نتيجة الاستفتاء وأصدرت المحكمة حكما بناء على التوصية تبطل نتيجة الانتخابات الرئاسية. وجاءت أحكام المحكمة مستجيبة لانتقادات المعارضين لمبارك لكن لا يبدو على الفور أن من شأنها تعطيل سير الانتخابات.

في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن مرشح «حزب الغد» الدكتور ايمن نور يسعى لعقد صفقة مزدوجة، الأولى مع اقباط المهجر وتحديدا مع عدلي أبادير أحد أقباط المهجر وينص الاتفاق على تعهد «حزب الغد» في حالة فوزه في الانتخابات بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وتحويل مصر إلى دولة علمانية وتعديل القوانين الخاصة بدور العبادة والالتزام بقرارات مؤتمر الأقباط الذي عقد في زيورخ في سبتمبر 2004. اما الصفقة الثانية فيسعى نور لعقدها مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وتقضي بأن يؤيد الإخوان نور في مقابل السماح لهم بتأسيس حزب سياسي في حالة فوزه.