بيسلان تؤبن ضحاياها و«شجرة الحزن» ترتفع في ساحة المقابر التذكارية

بوتين يرسل محققين إلى المدينة للتحقيق في كل المعلومات لدى السكان عن المجزرة

TT

طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من النيابة العامة أمس إرسال محققين وخبراء إلى بيسلان للتحقيق في كل المعلومات التي أوردها سكان المدينة بشأن عملية احتجاز الرهائن. وفيما انطلقت مظاهرة صامتة في الساحة الحمراء في الذكرى الأولى للعملية الدامية في إحدى مدارس المدينة، عاشت بيسلان أمس، ومعها كل اوسيتيا الشمالية وضيوفها ممن جاءوا يشاطرونها ذكرى الكارثة، واحدة أخرى من أقسى لحظات العمر. خرج الجميع متشحين بالسواد تضامنا مع ذوي الضحايا وادانة لتلك الأحداث التي خطتها آلام الأبرياء في مثل ذلك اليوم من العام الماضي. في تمام الواحدة وخمس دقائق من بعد ظهر أمس توقفت الحياة في كل أرجاء الجمهورية وتحولت اللحظة الى نقطة فارقة في تاريخ الدولة الروسية التي اعلنت رسميا الثالث من سبتمبر (ايلول) من كل عام «يوم حداد» في ذكرى ضحايا الارهاب. وفي الثالثة ظهرا، سار الحشد البشري الهائل قاصدا المقابر التذكارية لضحايا الكارثة في أطراف المدينة حيث كان الصمت حادا قاطعا قبيل ازاحة الستار، عن النصب التذكاري «شجرة الحزن» الذي أقيم تخليدا لذكرى الحدث وضحاياه.

وكانت الأمهات والكثيرون من ذوي الضحايا قد قضوا ليالي الأيام الثلاثة الماضية معتصمين بالمكان وقد أضرب بعضهم عن الطعام في محاولة للتخفيف من حدة الأحزان.

وفي اجابات مقتصبة على سؤال «الشرق الأوسط»: «الى متى؟» قالت الأمهات ممن اتخذن مكانهن بين اطلال مدرسة بيسلان: «في هذا المكان نجد السلوى والملاذ». وقالت أخريات: «منا من اختار المقابر مقصدا للراحة في احضان الذكريات مع من راح ضحية تقصير السلطة وعجزها عن حماية مواطنيها».

وكان الرئيس السابق للجمهورية الأوسيتية الشمالية الكسندر دزاسوخوف قد زار المكان معلنا عن حزنه وأسفه وتحمله للمسؤولية المعنوية تجاه ما حدث في مثل هذا الوقت من العام الماضي. لكنه لم يزر المدرسة لأسباب عدة قيل ان بعضها يتعلق بالغضب العارم لذوي الضحايا ممن كانوا يضمرون له شرا! وكان الرئيس فلاديمير بوتين سبق واعترف في لقائه مع وفد امهات بيسلان والذي دام لما يقرب من الثلاث ساعات بعجز الدولة عن حماية مواطنيها، مبررا ذلك بأن دولا كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا عجزت عن ذلك رغم كل ما تتمتع به من قدرات هائلة وألقى باللوم على انصار الاتحاد السوفياتي السابق وما أصاب القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من سلبيات وقصور. لكنه اعترف في نفس الوقت بضرورة تلافي القصور الذي شاب التحقيقات من جانب الأجهزة المعنية ومحاسبة المسؤولين عن ذلك القصور ومعاقبة من كان سببا في تسلل الارهابيين الى بيسلان.

وكان نيكولاي شيبيل نائب المدعي، العام كشف عن تصفية علي خان ميرجويف الارهابي الذي ساعد المجموعة التي ارتكبت مذبحة بيسلان، بعد محاصرته في قره بولاك، احدى قرى انغوشيتيا المجاورة، ورفضه الاستسلام. وبهذا الصدد قالت سوزان وودييفا رئيسة لجنة أمهات بيسلان انها طرحت على بوتين ما شاب التحقيقات من قصور ومحاولات البعض التستر على المذنبين وأعربت عن أملها في التوصل الى النتائج المرجوة. وعادت «الشرق الأوسط» الى اطلال مدرسة بيسلان التي تحولت الى مزار يقصده كل اصحاب الضمائر الحية للاعراب عن موقف التضامن مع ذوي الضحايا. هناك تنتشر المئات من اكاليل الزهور بطول كل جدران ما بقي من القاعة الرياضية التي تحولت في مثل ذلك اليوم من العام الماضي الى مقبرة لأطفال بيسلان. هناك تنتشر اضواء الشموع التي تتسم بهيبة خاصة مع حلول المساء على وقع اصوات الموسيقى الجنائزية التي تتعالى خافتة بين ارجاء المكان طوال ايام الحداد الثلاثة.

هناك تدافعت الذكريات على ألسنة الضحايا يجمعها الغضب والسخط الشديدان من تقصير الأجهزة الأمنية في وقت ثمة من يشير فيه الى محاولات بعض القوى السياسية المناوئة للكرملين تأجيج المشاعر واللعب على أوتار أحزان الثكالى والمكلومين.