توحيد سياسات مكافحة الإرهاب على رأس أجندة اجتماعات وزراء الداخلية

TT

يتصدر خطر الإرهاب والسبل الناجعة للتصدي له، أجندة اجتماعات وزراء الداخلية والعدل في دول الاتحاد الاوروبي، التي تبدأ اليوم في نيوكاسل (شمال شرقي انجلترا). ويدرس 65 وزيرا، يمثلون دول الاتحاد الـ25، على مدى يومين، امكان توحيد سياساتهم على هذا الصعيد، في الوقت الذي تلقى محاولات بريطانيا لجعل اجراءات مكافحة الارهاب، أشد صرامة انتقادات متزايدة، ممن يعتقدون ان ذلك سيؤدي الى مصادرة بعض حقوق الانسان المشروعة. غير أن الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر من دولة الى اخرى، علاوة على الجريمة التي باتت تستغل التكنولوجيا المتقدمة، لن تغيب عن محاضر جلسات الاجتماعات التي تختتم ظهر غد. ويأمل وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك، ان يخرج الاجتماع بتوصيات تؤيد الاحتفاظ بمعلومات عن الاتصالات الهاتفية والالكترونية، وتجيز ادخال تعديلات على قوانين حقوق الانسان، كي تصبح مناسبة للواقع الراهن.

وكان المشاركون، بمن فيهم نائب رئيس المفوضية الاوروبية الايطالي بيجاك، قد وصلوا ظهر امس الى نيوكاسل، حيث استقبلهم نظراؤهم البريطانيون وزير الداخلية تشارلز كلارك ووزير العدل اللورد تشارلي فاكلونر والمدعي العام اللورد بيتر غولدسميث. والوفد الذي يقوده هؤلاء الثلاثة مؤلف من ستة وزراء دولة، مما يجعله الفريق الوزاري الأكبر في المؤتمر، خصوصا أن بريطانيا هي الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي. وكرس المسؤولون صباح أمس كله لتبادل الآراء بشأن جوانب اساسية لسياسة مكافحة الارهاب، فتناولوا في جلسات ثلاث «التهديد (الارهابي) والعمليات» و«الهيكل الاطاري الاستراتيجي لدول الاتحاد الاوروبي في التصدي لهذا الخطر»، فضلا عن مسألة «الاحتفاظ بتفاصيل الاتصالات» الهاتفية وغيرها، بغرض مساعدة الأجهزة المعنية على اجهاض هجمات محتملة. وفيما كانت الجريمة المنظمة موضوع جلستين عقدتا ظهر امس، فإن القوانين المدنية، حظيت بنصيبها من الاهتمام في اجتماع آخر. ومن المقرر ان يناقش الوزراء الاوروبيون صباح الجمعة، مسائل تتصل بـ«استراتيجية العلاقات الخارجية» التي يتبعها الاتحاد. وفي هذا الاطار يسلط الضوء على مثالين عمليين هما «افريقيا والهجرة» و«افغانستان ومكافحة المخدرات».

وقال مصدر رسمي بريطاني لـ«الشرق الأوسط» امس، ان جهود كلارك ستتركز على موضوع «تطوير اساليب واجراءات مكافحة الارهاب، بما في ذلك التشريعات، لتتناسب مع مستوى التهديد الارهابي، الذي يتعرض له الجميع». وتابع ان المناقشات التي يجريها وزير الداخلية البريطاني مع نظرائه في نيوكاسل «هي استكمال لمفاوضات سابقة، بدأنا نشدد عليها بزخم اكبر في اعقاب اعتداءات يوليو (تموز) الارهابية (في لندن)».

وكان كلارك قد دعا امس، الى وضع قوانين تجيز الاحتفاظ بمعلومات مفصلة عن الاتصالات بواسطة الهواتف الجوالة والبريد الالكتروني. ولفت الى ان هذه المعلومات، «تثبت انها بالغة الاهمية في التحقيقات الراهنة بشأن الهجمات اللندنية (7 و21/7). وهي اثبتت تكرارا في بريطانيا انها اداة اساسية لجهة حل (ألغاز) جرائم، غالبا بعد ارتكابها بأشهر». ونفى ان الاجراءات التي يقترحها ستفتح الباب على «انتهاك غير ضروري للحريات الشخصية أو الخصوصيات»، مشددا على ان الاحتفاظ بهذه المعلومات في دول الاتحاد، سيجعل من الممكن حماية «حق الضحية بنيل معاملة عادلة» أيضا.

يشار الى ان بريطانيا تجيز، خلافا لمعظم شريكاتها الاوروبيات سلفا، الاحتفاظ بالتفاصيل المتعلقة بالاتصالات الهاتفية والالكترونية لسنة أو أكثر. وإذا لم يحدد كلارك امس المدة التي يرغب بخزن هذه المعلومات خلالها، فإن فراتيني نائب رئيس المفوضية ومفوض الداخلية والعدل في الاتحاد، اوضح ان هذه المعلومات قابلة للحفظ لسنة في حالات الاتصالات الهاتفية، وستة اشهر للمعلومات عبر الانترنت.

وشدد كلارك في كلمته على وجود ضرورة ملحة لاقامة توازن جديد بين «حق الحماية من التعذيب واساءة المعاملة»، بالنسبة لمواطنين اجانب يلجأون الى دول الاتحاد الاوروبي و«حق (الأوروبي) بالحماية من الموت والدمار، الذي يسببه الارهاب العشوائي، ويسبب او يحرض عليه احيانا من قبل مواطنين من دول خارج الاتحاد الاوروبي». وحث القضاة البريطانيين على القبول بأن «الظروف في العالم الحديث» تغيرت، وذلك لدى النظر بقضايا ترحيل مواطنين أجانب. وإذ اكد احترامه البالغ للمادة الثالثة من تشريعات حقوق الانسان الاوروبية، التي تحظر اعادة لاجئ أجنبي الى وطنه، في حال توفر ادلة على انه سيتعرض للتعذيب هناك، ناشد كلارك البرلمانيين الاوروبيين، الأخذ بالاعتبار أن «حماية الحق بالحياة، والملكية والرأي للأبرياء في اوروبا، يجب ان تعطى الأولوية».

الى ذلك اكد وزير الداخلية البريطاني أمس، «احراز تقدم كبير» في المفاوضات التي تقوم بها بلاده مع دول، يرجح ان بينها الجزائر ولبنان ودول شمال افريقية، بهدف التوصل الى «مذكرة تفاهم» تتكفل من خلالها الحكومات الأجنبية، بعدم «اساءة معاملة» مواطنيها، الذين ترحلهم بريطانيا. وهاجم المشككين بجدوى هذه المذكرات، موضحا ان الحكومات «تلتزم عادة بالاتفاقات، التي تعقدها مع بعضها البعض».