شارون يوقف عملية هدم الكنس اليهودية ويحاول مرة أخرى إقناع الفلسطينيين بإبقائها

بعد أن أتم الجيش نقل كنيسين وتفكيك ثلاثة وإفراغ محتويات 25 منها

TT

بعدما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية هدم وتفجير ثلاثين كنيسا يهوديا في مستوطنات قطاع غزة فجر أمس، تراجع رئيس الوزراء أرييل شارون وأمر بوقف العمليات الى حين تبحث الحكومة الموضوع في جلستها العادية غدا.

وفي هذه الأثناء توجه شارون مرة أخرى الى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، طالبا اعادة النظر في امكانية الابقاء على هذه الكنس والتعهد بحمايتها.

وحرص الناطق بلسان شارون على التأكيد ان قرار تجميد هدم الكنس لن يؤدي الى تجميد انسحاب الجيش الاسرائيلي المقرر من غزة.

وأكد ان الجيش سيرحل بشكل نهائي في الساعات الاولى من فجر غد بحيث لا يبقى أي اسرائيلي بغزة. لكن وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤل موفاز قال امس ان الانسحاب قد يؤجل الى بعد غد في حال تقرر هدم الكنس.

وكان الجيش قد أخلى معظم معسكراته خلال الأيام الماضية وقام بتفكيك الجسر الخاص بالمستوطنين في محور صلاح الدين (فيلادلفي) بالجنوب، وتفكيك القواعد العسكرية الثلاث الرئيسية القائمة على طول الحدود بين سيناء المصرية وقطاع غزة. وانهى الجيش امس عملية الاخلاء اللوجستية، وقال مصدر عسكري إسرائيلي ان الجيش اكمل اخلاء العتاد والمعدات والاجهزة من القواعد العسكرية، وفجر مقرات الارتباط والتنسيق العسكرية مع الفلسطينيين وابقى على مقر قيادة «فرقة غزة» الذي سيتم تسليمه للسلطة الفلسطينية. وتمكث القوات الاسرائيلية في هذه الاثناء داخل دبابات وناقلات جند ومدرعات الى حين تنفيذ الانسحاب.

يذكر ان رجال الدين اليهود بغالبيتهم الساحقة اعترضوا على هدم الكنس وشنوا حملة ضغوط واسعة في العالم من أجل اقناع السلطة الفلسطينية بضرورة بقائها والتعهد بحمايتها، وتوجهوا الى المحكمة العليا الاسرائيلية بهذا الخصوص، فتوجهت هذه بدورها الى الحكومة ان تسعى لدى السلطة الفلسطينية ودول العالم التي تؤثر عليها. واتصل رجال الدين اليهود بالعاهل المغربي وبالقيادة المصرية وبالولايات المتحدة وبحركة «حماس»، وعاد ممثل الحكومة الى المحكمة ليعلن ان الجهود لم تثمر بشيء لدى الفلسطينيين وانهم يقولون صراحة انهم لا يستطيعون التعهد بحماية الكنس لأن الغضب في الشارع الفلسطيني كبير على اسرائيل ومن غير المستبعد ان ينتقم الصبية الفلسطينيون من هذه الكنس مع أي تصرف اسرائيلي عدواني. وقال ممثل الحكومة: ان الفلسطينيين أعطوا أكثر من اشارة تدل على انهم لا ينوون احترام الكنس كما فعل مسلمون آخرون من قبلهم في مصر والمغرب وتونس والعراق وسورية وغيرها، فهم لم يترددوا في اتفاقيات اوسلو بتحمل مسؤولية حماية الكنيسين في أريحا وفي غزة وما زالوا يحمونهما حتى الآن.

وكشف ان فلسطينيين تسللوا الى احد هذه الكنس خلال الأسبوع الماضي وكتبوا على جدرانها: «الله أكبر ـ الجهاد الاسلامي» و«الله أكبر ـ حماس». وأضاف ممثل النيابة الاسرائيلية عنصرا آخر لتعزيز المطلب بهدم الكنس فقال انه اذا بقيت على حالها فان المتطرفين والمتدينين المتزمتين اليهود سيحاولون التسلل الى هذه الكنس وهي تحت السيادة الفلسطينية مثلما يفعلون اليوم لزيارة قبر يوسف في نابلس والكنيس في أريحا. واقتنعت المحكمة بوجهة نظر النيابة وقررت في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية اجازة هدم الكنس. وما أن أعلن على الملأ، حتى اندفع اليمين السياسي والمتدينون المتزمتون اليهود في حملة هجوم على المحكمة ونعتوها بأقذع الاتهامات والشتائم، ووصفوا قرارها بـ«قرار لا سامي»، و«عار»، و«دليل عداء أعمى من المؤسسة العلمانية ضد الدين اليهودي». وقال النائب زبولون أورليب، رئيس حزب المفدال لليهود المعتدلين دينيا والمتزمتين سياسيا، ان قاضيا مسلما أو مسيحيا في أي مكان في العالم ما كان ممكنا أن يتخذ قرارا عدائيا ضد اليهود مثلما فعل قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية. وأفزعت هذه الهجمة قادة الجيش فأبلغوا رئيس أركان الجيش، دان حالوتس، الذي اطلع فورا وزير دفاعه، شاؤول موفاز، على الوضع. وتوجه موفاز بدوره الى شارون طالبا وقف عمليات الهدم المقررة قبيل الانسحاب، فوافق معه، وطلب اليه ان يجدد المساعي لدى الفلسطينيين.

واجتمع موفاز مع وزير الداخلية الفلسطيني، اللواء نصر يوسف، ومع وزير الاسكان، غسان الخطيب، الذي يحل محل الوزير محمد دحلان في التنسيق حول الانسحاب الاسرائيلي، وجدد الطلب بأن تبقى الكنس.

وقال ان قرارا فلسطينيا كهذا سيعطي دفعة كبرى بين الاسرائيليين لقضية السلام، خصوصا في صفوف المتدينين، ووعد الوزيران ببحث الموضوع مجددا.