الفتوى الشرعية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان قضايا ساخنة على طاولة ملتقى علماء ومفكري العالم الإسلامي

TT

على بعد خطوات من المسجد المكي الحرام في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، تختتم اليوم فعاليات ملتقى العلماء والمفكرين التحضيري للدورة الاستثنائية لمؤتمر القمة الإسلامي، المزمع إقامته في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وكانت أعمال ملتقى علماء ومفكري العالم الإسلامي قد انطلقت يوم الجمعة الماضي بمشاركة 90 شخصية إسلامية من حول العالم، للنقاش في أوضاع الأمة الإسلامية، وللتوصل إلى إيجاد آلية يتم من خلالها تحقيق «التضامن الإسلامي»، وتوحيد الأولويات بين الدول الإسلامية. وقسمت اللجنة المشرفة لأعمال الملتقى في منظمة المؤتمر الإسلامي المشاركين في الحوار المحاط بسرية تامة داخل قصر المؤتمرات في مكة، إلى 3 لجان رئيسية، تتناول كل لجنة جانبا من أوضاع الأمة الإسلامية. وينتظر أن تقوم لجنة الشؤون السياسية والإعلام، ولجنة الفكر الإسلامي والثقافة والتعليم، ولجنة الشؤون الاقتصادية والعلوم والتقنية، برفع توصياتها الناتجة عن حوار العلماء والمفكرين المشاركين إلى زعماء الدول الإسلامية في القمة الاستثنائية المقبلة. وتميزت المواضيع المطروحة خلال الجلستين الماضيتين بالتركيز على قضايا الفتوى في العالم الإسلامي، وإعادة هيكلة منظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك المجمع الفقهي، وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي.

ومن أبرز النقاط المطروحة على طاولات الاجتماعات في الملتقى قضية «كيفية تحقيق مؤسسات الحكم الرشيد» في العالم الإسلامي، وقضية الوسطية في العالم الإسلامي، وإعداد استراتيجية وخطة عمل تكفلان تمكين العالم الإسلامي من مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، والإقرار بالتنوع الثقافي واحترامه وتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات. واستخدم المحاورون مصطلح «الآخر» في الحديث عن المجتمع الدولي وكيفية مناقشته، والتعريف بالدين الإسلامي بشكله الصحيح، والمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. وأوضح عطا المنان بخيت المتحدث باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، في مؤتمر صحافي عقد ظهر أمس، أن انعقاد الملتقى يمثل سابقة في تاريخ المنظمة، مبينا أن أبرز إيجابيات الملتقى تنبع من أن المشاركين يعدون أعضاء في المجتمع المدني وليس الحكومي. وأبدى المنان سعادته بمشاركة شخصيات عديدة ومهمة في العالم الإسلامي، بقوله «نحن سعيدون بالمشاركين الذين حضروا من دول إسلامية مختلفة، وكذلك من دول أخرى كالولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا، والفلبين، واللجنة المنظمة للملتقى أرسلت دعوات لكافة علماء العالم الإسلامي، حيث تم تحديد 16 شخصية من المدعوين باعتبارهم شخصيات مميزة».

وأكد المتحدث الرسمي باسم منظمة المؤتمر الإسلامي أن أعمال القمة الاستثنائية في مكة المكرمة ستشهد قرارات ستساهم في تغير أوضاع المنظمة والأمة الإسلامية، وقال «ما سيتم الإعلان عنه في القمة الاستثنائية المقبلة للدول الإسلامية في مكة المكرمة ستكون قرارات تتناول أوضاع العالم الإسلامي لأكثر من 10 سنوات».

ونفى المنان اقتصار الدعوات الموجهة من المنظمة على مدارس أو تيارات بعينها، مؤكدا مشاركة كافة المذاهب والتيارات والمدارس الفكرية في العالم الإسلامي، ويضيف «لم تكن الدعوات مقتصرة على الفقهاء فقط، بل شاركت شخصيات لها باع طويل في السياسة، والاقتصاد، والتقنية، والإعلام».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن النقاشات الجارية في قضية الفتوى الشرعية، قال المنان «تقوم المنظمة منذ تسلم البروفيسور أكمل الدين أوغلوا أمين عام الرابطة بإعادة هيكلة وعملية إصلاح شاملة للمجمع الفقهي لربط الفتوى في دول العالم الإسلامي بالمجمع فقط»، مبينا أن أهمية خلق مركزية ومرجعية واحدة للفتوى الشرعية في دول العالم الإسلامي ستساهم في حل مشاكل الأمة، وقال «لن تكون الفتوى مقتصرة على مذهب واحد بل على جميع المذاهب الإسلامية، وتستهدف جميع المسلمين».

وأكد المتحدث باسم منظمة العالم الإسلامي صعوبة فشل القمة المقبلة بسبب خلافات سياسية، موضحا أن القمة الإسلامية الثامنة قد ساهمت في إذابة الجليد بين دول الأمة الإسلامية وأنها أكدت وضع الخلافات جانبا في ظل الأوضاع السيئة التي تعيشها الأمة.

جدير بالذكر، تعتزم منظمة المؤتمر الإسلامي عدم الكشف عن التوصيات التي سيخرج بها العلماء والمفكرون المشاركون في الملتقى والتي ستعرض على أعمال القمة الإسلامية المقبلة.

وبرز في أروقة فندق قصر المؤتمرات المجاور للحرم المكي الشريف ظهور العديد من الشخصيات الإسلامية البارزة كمندوب الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، والدكتور عصام البشير وزير الأوقاف السوداني، والدكتور أبوبكر باقادر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز، ورجل الأعمال صالح كامل، والدكتور عبدالعزيز عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيكو».