محللون: نجاح نور يعود إلى تبنيه مبادئ الحركة الوطنية الإصلاحية مع الشعارات الشعبوية

TT

وسط حالة من الانتعاش داخل حزب الغد، بعد حلول مرشحه ايمن نور ثانيا في الانتخابات الرئاسية المصرية، تراهن قيادات الحزب على الاستحواذ على زعامة المعارضة البرلمانية، في الانتخابات المقرر إجراؤها بعد شهرين، حيث ذكرت مصادر قريبة الصلة من دوائر «الغد»، أن ايمن نور رئيس الحزب يرتب لخوض الحزب الانتخابات البرلمانية في 222 دائرة انتخابية، هي مجمل عدد الدوائر على مستوى الجمهورية. وكشفت المصادر داخل الحزب، أن نور يسعى إلى استقطاب عدد من الرموز البرلمانية البارزة من المستقلين وتيارات سياسية أخرى لم يكشف النقاب عنها بعد. غير أنها لمحت إلى انه ليس من المستبعد التفاوض مع عناصر من الأخوان المسلمين والأقباط بتشكيل توليفة برلمانية رفيعة المستوى.

وقال سيف محمود، احد أعضاء الحزب، ان «الغد» سيكون الثاني في الترتيب من حيث عدد المقاعد البرلمانية التي سيحصل عليها، بعد الحزب الوطني الذي يحتكر الأغلبية البرلمانية حاليا، موضحا أن نجاح نور في الفوز بالمركز الثاني في الانتخابات الرئاسية المصرية، سيدعم قواعد الحزب في جميع المحافظات. واستبعد قياديون في حزب «الغد»، احتمالات التحالف مع أي من الأحزاب السياسية المعارضة في الانتخابات البرلمانية القادمة، إلا انهم أعربوا عن اعتقادهم بأن الحزب لن يكون بعيدا عن التنسيق مع التيارات السياسية المختلفة، خلال مرحلة الانتخابات البرلمانية الجديدة. وكان نور قد حصل على 7.6% من الاصوات فى الانتخابات، في حين كانت التكهنات تشير الى انه سيأتي في المرتبة الثالثة بعد رئيس حزب «الوفد» نعمان جمعة. وقد جعلت صحيفة «المصري اليوم» المستقلة، عنوانها الرئيسي امس «نور هو الرابح الأكبر في الانتخابات». وقال محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية في «الاهرام»، ان رئيس حزب «الغد» نجح في ان يصبح «في اللحظة الراهنة المعارض الاول»، اذ حصل على اصوات الرافضين. ولكنه يعتقد انه من المبكر جدا الحديث عن الصراع السياسي على منصب رئيس الجمهورية مستقبلا وحصره منذ الان في ايمن نور وجمال مبارك. ويقول ان حالة التغيير السياسي، التي تعيشها مصر ستؤدي الى تغييرات كثيرة خلال السنتين المقبلتين، غير انه من الصعب التكهن بطبيعتها. ويرى سعيد، ان النجاح الذي حققه نور يرجع لامكانياته الشخصية وليس لوجود حزب قوي خلفه، مشيرا الى عدة عوامل ساهمت في تنامي شعبيته. ويشير الى ان نور «بدا كضحية للنظام»، الذي القى القبض عليه بشكل مفاجئ مطلع هذا العام وأحاله للمحاكمة بتهمة لم تقنع الكثيرين، وهي تزوير توكيلات مؤسسي حزبه. ويضيف سعيد ان رئيس حزب الغد «أرغم نتيجة لذلك على ان يصبح معارضا جذريا ومتشددا فتبنى شعارات الحركة الوطنية الاصلاحية، التي تطالب بفترة حكم انتقالية لمدة سنتين، يتم خلالها اعداد دستور جديد». كما انه، وفقا لنائب رئيس مركز دراسات الاهرام، «يتمتع بحد ادنى من الكاريزما وبالمهارة السياسية التي مكنته من مخاطبة مشاعر الناس والهاب حماستهم». وتبنى نور طوال حملته الانتخابية خطابا شعبويا، وبدا معايشا وملامسا لهموم المصريين الرئيسية، وعلى رأسها الفقر والبطالة. ولم يتردد نور في ادانة «فساد كبار المسؤولين» بقوة خلال حملته الانتخابية، واعدا بان يستخرج الاموال التي ابتلعها هؤلاء «في بطونهم»، لتمويل برنامج اعانة البطالة الذي اقترحه. كما لم يتردد في خطب ود جماعة الاخوان المسلمين، اذ ادى الصلاة في خضم حملته الانتخابية خلف مرشدها العام محمد مهدي عاكف.

وقال مسؤولون في الحزب الوطني الحاكم، وفي حزب الوفد، ان ناشطي الاخوان منحوا اصواتهم لايمن نور، ولكن مسؤولي الجماعة اكدوا انهم لم يصدروا توجيهات بتأييده، وان الامر ترك لاختيار كل عضو، مما يعني تسليما ضمنيا بان بعض انصار الاخوان صوتوا لصالحه. ورغم ان علامات استفهام تحيط بمصدر ثروة نور الشخصية، التي كانت محور تعليقات في الصحف الحكومية، الا ان نور بادر بالهجوم بدلا من الدفاع. وقال في اولى جلسات محاكمته للصحافيين «انني على استعداد لنشر اقرار ذمتي المالية، ولكن على الرئيس مبارك ونجله جمال وبقية افراد اسرته ان ينشروا ايضا اقرارات ذممهم المالية». وكان نور قد بدأ حياته السياسية قبل اكثر من عشر سنوات، عندما انتخب نائبا لحزب الوفد في مجلس الشعب، عن دائرة باب الشعرية الشعبية في وسط القاهرة. لكن السياسي الشاب الذي درس القانون في جامعة مدينة المنصورة (مسقط رأسه في دلتا مصر)، وامتهن الصحافة سنوات عدة قبل ان يتحول الى المحاماة، انشق عن هذا الحزب اثر خلافات مع نعمان جمعة. وقبل عام واحد استطاع نور ان يحصل على موافقة لجنة الاحزاب المصرية شبه الحكومية على انشاء حزب «الغد» وسط دهشة الاوساط السياسية المصرية، خصوصا ان لجنة الاحزاب درجت بانتظام على رفض طلبات تأسيس احزاب المعارضة التي كانت تقدم لها.