مصر: مبارك حصل على صوت ناخب واحد من أصل كل 5 ناخبين

قلق من ظاهرة إحجام الطبقة الوسطى عن التصويت.. وحسم العمال والفلاحين للنتيجة

TT

أعرب مراقبون ومحللون مصريون عن قلقهم من ظاهرة ضعف الاقبال على التصويت فى الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الاربعاء الماضي. فبعد يومين على الانتخابات التاريخية التي ترافقت بشوائب، وفقا للمنظمات غير الحكومية المحلية، اعلن عن فوز الرئيس حسني مبارك اول من امس، في اول انتخابات تشارك فيها احزاب عدة بنسبة 88.6% من الاصوات، فيما بلغت نسبة المشاركة نحو 23%، مما يعنى انه لم يحصل الا على صوت ناخب واحد مسجل من اصل خمسة.

ومع ان مبارك تعهد باصلاحات واسعة النطاق بعد انتخابه، الا ان مقاطعة اكثر من ثلاثة ارباع المصريين للاقتراع تظل هاجس الجميع. واعتبرت منظمات المجتمع المدني والمعارضة ان الرقم الحقيقي للمشاركة فى الانتخابات يتراوح بين 15% و18%. وأكد مركز ابن خلدون لحقوق الانسان، الذي يديره سعد الدين ابراهيم، ان نسبة المشاركة تدور حول 18%. وقال نائب المرشد العام للاخوان المسلمين محمد حبيب «لا اظن ان نسبة المشاركة بلغت 23%، اعتقد انها تدور حول 15% وهو ما يحد من الشرعية المنبثقة عن هذه الانتخابات». واضاف ان «عدم اقبال المصريين على لجان الاقتراع يعكس سلبية ناتجة عن عدم اقتناع الناس بالمشاركة في انتخابات نتائجها معروفة سلفا». واعتبر امين عام حزب التجمع المعارض، حسين عبد الرازق، ان «نسبة المشاركة المحدودة دليل على ان الناس فقدت الاهتمام بمثل هذا النوع من الانتخابات». اما رئيس حزب الوفد نعمان جمعة الخاسر الاكبر في هذه الانتخابات، الذي جاء في المرتبة الثالثة بحصوله على 2.9% من الاصوات، فاعتبر ان انخفاض نسبة المشاركة دليل على عدم اهمية نتائج الانتخابات. وقال ان «نسبة المشاركة لم تزد عن 15%، وهي دليل على ان الناس لا تثق بالنظام». وهذه اول مرة يعترف فيها المسؤولون المصريون بنسبة مشاركة متدنية الى هذا الحد.

وكانت الحكومة المصرية قد اعلنت ان نسبة المشاركة في الاستفتاء على التعديل الدستوري في مايو (ايار) الماضي، تجاوزت الـ53%. ولكن السلطات المصرية واجهت حرجا بالغا في ما بعد عندما اعلن نادي القضاة في تقرير اصدره في يوليو (تموز) الماضي، ان النسبة الحقيقية للمشاركة في هذا الاستفتاء راوحت بين 3% و5%. ويعتبر المحللون، ان نسبة المشاركة هي اهم دلالة للانتخابات الرئاسية. وقال نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام، محمد السيد سعيد ان «نسبة المشاركة الضعيفة هي الظاهرة المركزية في هذه الانتخابات». واضاف انه يمكن تفسيرها في اطار السياسة التي صاحبت اداء النظام المصري منذ 1952 وفي اطار خروج المجتمع المصري من معترك السياسة والهم العام بسبب تحالف المال والسلطة. ورأى ان امتناع اكثر من ثلاثة ارباع المصريين عن الذهاب الى مكاتب الاقتراع لا يعني فقط عدم الاكتراث والمقاطعة واضعاف شرعية النظام، ولكنه يعني حجب الثقة عن النظام السياسي. وتابع اعتقد ان الرئيس مبارك يجب ان يقرأ بقلق هذه النسبة. فالفوز بـ19% من اصوات الناخبين لا يعني على الاطلاق انتصارا كاسحا. واعتبر انه مما يزيد القلق ان الطبقة الوسطى لم تشارك في هذه الانتخابات وان غالبية المقترعين كانوا من العمال والفلاحين. واكد ان احد المفارقات المهمة لهذه الانتخابات، ان هذا النظام المنحاز للاغنياء يحكم باصوات الفقراء الذين يجبرهم اصحاب الاعمال على الذهاب الي صناديق الاقتراع.

وافادت المنظمات الحقوقية بان الحزب الوطني الحاكم استخدم على نطاق واسع وسائل النقل العام الحكومية، اضافة الى حافلات الشركات الخاصة في نقل الناخبين الى مكاتب الاقتراع للادلاء باصواتهم في انتخابات الاربعاء الماضي. وكان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قد ادرك ان المشاركة رهان رئيسي في الانتخابات الرئاسية، فوضع خطة للتعبئة والحشد اطلق عليها «هلال المستقبل» تهدف الى الوصول بنسبة المشاركة الى 50%. ولكن هيئة اركان حملة مبارك الانتخابية راجعت تقديراتها قبل الانتخابات بعدة ايام وكانت تأمل في ان تصل نسبة المشاركة الى 35%.