منهل عرفات لـ : بعد أكثر من ساعة ونصف الساعة على إطلاق النار لم يكن هناك وجود لأي من الأجهزة الأمنية في المنطقة

نجل رئيس الاستخبارات السابق: لسنا دعاة ثأر وسنقبل التعازي بعد أن ينال الفاعلون قصاصهم

TT

قال منهل عرفات ابن اللواء موسى عرفات الذي اغتيل فجر يوم الاربعاء الماضي على ايدي مسلحين ينتمون الى الوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية, انه اختطف وتعرض للتعذيب لمدة 48 ساعة من اجل شيء واحد وهو ان «اقول ان موسى عرفات عميل». واضاف «ان ذلك كان مستحيلا ولم ولن يحصل».

ورغم ان منهل عرفات رفض توجيه الاتهام لجهة محددة بعينها في عملية اغتيال والده, الا انه ادان الاجهزة الامنية ضمنا, اذ قال في مقابلة هاتفية اجرتها معه لـ «الشرق الاوسط» امس, وهو يسرد تفاصيل عملية القتل والاختطاف «استمر الاشتباك معهم لنصف ساعة قبل ان يتمكنوا من السيطرة على المنزل. وحتى عندما تمكنوا من اختطافي وانزالي من الدار الى الشارع، لم يكن هناك أي اثر لأي عنصر امن في الشارع. ونقلت الى منطقة قريبة تعرضت فيها للتعذيب لمدة ساعة, نقلت بعدها وانا معصوب العينين الى منطقة بعيدة حيث وضعت في زنازين مجهزة تحت الارض, دون ان يكون هناك أي معوقات امامهم. وباختصار انه وبعد مرور اكثر من ساعة ونصف الساعة فانه لم يكن هناك وجود لاي من اجهزة المؤسسة الامنية في المنطقة».

وهناك من يقول ان قذائف «ار بي جي» استخدمت ضد المنزل الواقع في حي تل الهوى ولا يبعد سوى حوالي 200 متر عن المقر العام لجهاز الامن الوقائي الذي يخضع للحراسة على مدار الساعات الاربع والعشرين, وحوالي 250 مترا عن منزل ابو مازن. ويعيش في هذه المنطقة معظم قادة الاجهزة الامنية والمسؤولين الذين يحظون بالحراسة على مدار ساعات اليوم.

ووصف صحافي فلسطيني ما حصل بانه «فضيحة للسلطة الفلسطينية بكل المقاييس. ليس هناك سلطة في البلد, وان وجدت فانه سلطة على الفقراء».

وبرر الناطق باسم وزارة الداخلية توفيق ابو خوصة غياب الوجود الامني بعد كل هذا الوقت من اطلاق النار, بالقول «اصوات الرصاص تسمع في غزة في اي وقت ولا يمكن التفريق بين اطلاق الرصاص في الاعراس او الفرح او أي مناسبة اخرى». وتابع القول «وبعدين مين قال ان المعركة استمرت لنصف ساعة, هذا الكلام غير صحيح, لقد استمرت فقط لعشرين دقيقة».

ورفض ابو خوصة في اتصال اجرته معه «الشرق الاوسط» الاتهامات بأن يكون للسلطة او اطراف فيها أي علاقة بعملية الاغتيال, قائلا «هذا كلام غير صحيح».

وبرر عدم اعتقال أي من المسؤولين عن العملية او على الاقل من اعلنوا المسؤولية عنها بالقول «ان المسألة لا علاقة لها بوزارة الداخلية بل لها علاقة بالقرار السياسي لأن هذه عملية اغتيال سياسي». وتابع القول «لو لم يكن هناك سلاح لما حصل القتل».

وردا على سؤال حول قرار عائلة القدوة التي ينتمي اليها اللواء عرفات ابن عم الرئيس الراحل ياسر عرفات, بعدم تقبل العزاء بالفقيد الى ان يتم اعتقال القتلة وتقديمهم للعدالة, قال منهل عرفات انه واسرته «لسنا من دعاة الثأر ولا نعمل بمنطق الجاهلية, بل نحن دعاة حق».

واضاف منهل, الذي اختطف خلال عملية اغتيال والده مدير الاستخبارات العسكرية والأمن العام السابق ومستشار الرئيس للشؤون العسكرية, وافرج عنه بعد يومين في اطار صفقة توصلت اليها السلطة مع خاطفيه, «سنفتح بيت العزاء بعدما تحسم السلطة موضوع اغتيال موسى عرفات وينال الفاعلون قصاصهم». وتابع القول «نحن بانتظار القصاص من القاتل. وما يصلنا من معلومات من السلطة تشير الى انها عازمة على التعامل مع الامر».

ورفض منهل عرفات الرد بشكل مباشر على اكثر من سؤال ان كان دم اللواء عرفات سيذهب هدرا خاصة ان السلطة الفلسطينية لم تعتقل حتى الان ايا من الجناة المعروفين والذين اعلنوا المسؤولية عن العملية. وقال «ان موسى عرفات لم يكن شخصا بل مدرسة وطنية زرعت الوطنية في نفوس الكثيرين».

ويتوقع ان «تقوم السلطة بدورها بما يحقق كرامة المواطن. واذا حصل فانني سأكون رجل امن يعمل في خدمة العلم. وارجو ان يتم ذلك». ومنهل هو الابن الاكبر لموسى عرفات ويبلغ من العمر 35 عاما, وهو ضابط برتبة رائد في جهاز الاستخبارات الذي كان يقوده والده حتى احالته الى التقاعد في ابريل (نيسان) الماضي بأمر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) الذي عينه مستشار عسكريا له. وهو متزوج وله من الاطفال 3 هم موسى, وابنتان.

واتهم منهل عرفات جهات خارجية لم يسمها, بانها تسعى الى «توتير الوضع الداخلي الفلسطيني» بالوقوف وراء «العصابات المرتزقة التي قتلت والدي». واستطرد «ان هذه عصابات مرتزقة كان جل همها السطو على منزل موسى عرفات لكنها تحرك من قبل جهات معنية بالتأثير على القرار الفلسطيني». ورغم انه رفض الكشف عن هذه الجهات الا انه قال ان «هذه الجهات واضحة ومفهومة لكل قارىء للوضع الفلسطيني, فالموضوع باختصار ابسط من البساطة».

واستبعد ان يكون محمد دحلان وزير الشؤون المدنية الخصم اللدود لوالده, وراء عملية الاغتيال, كما جاء في بيان غير مؤكد منسوب لالوية صلاح الدين نقله موقع «فلسطين الحرة» الإلكتروني. وهو بيان يتناقض مع بيانات اخرى للالوية تتبنى العملية وكذلك ما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده المتحدث باسم الالوية ابو عبير واعلن فيه المسؤولية عن قتل موسى عرفات الذي اتهمه بالفساد.

واتهم البيان غير المؤكد دحلان، وعضو اللجنة الحركية العليا لحركة «فتح» في غزة سمير مشهراوي الذي شارك في المفاوضات مع الخاطفين للافراج عن منهل، بالوقوف وراء العملية.

واعترفت الألوية بتورّط بعض عناصرها في العملية. وأوضح البيان أنّ التحقيق الداخلي في القضيّة بيّن أنّ من «يتحمّل مسؤولية هذه الجريمة» هو من وصفته بـ«المتمارض» دحلان (موجود في الاردن للعلاج من اوجاع في الظهر)، مشدّدةً على أنّه «كان العقل المدبّر، ومن أعطى القرار بتنفيذها، في حين كان المخطّط ومدير العملية المباشر سمير المشهراوي، الذي تولى أيضاً حماية العناصر التي تعقد مؤتمراتٍ صحافية باسم اللجان، وتزعم مسؤوليتنا عن الجريمة»، كما جاء في البيان.

واتهمت الألوية في البيان المزعوم قوات الأمن الوطني بتطويّق «مكان الجريمة في الوقت الذي كانت تتمّ فيه، دون تدخل منها، تاركة المجرمين للقيام بجريمتهم حتى نهايتها» على حد قولها.

وقالت: «إننا في لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، ورغم موقفنا المعروف من اللواء موسى عرفات، وخلافنا السياسي، وانتقادنا ورفضنا المستمر لممارساته وفساده، فإنّنا لم نفكّر يوماً بارتكاب جريمة من هذا النوع، وإنّ نجاح دحلان في توريط بعض عناصرنا في الجريمة لا يعني مسؤولية اللجان عنها، لاسيّما أنّ سياسة الاغتيال السياسي غير مدرجٍة في أجندتنا»، ووعدت بإبقاء بندقيتها «مشرعة ضد الاحتلال الصهيوني فقط».

ورفض منهل ايضا تأكيد او نفي, اتهام مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن نفسه لحماس بالتورط في عملية الاغتيال. وتساءل منهل, «لماذا لم يكشف هذا المسؤول عن اسمه اذا كانت لديه المعلومات. ولماذا لم يكشف عن هذه المعلومات».

وعاد وقال «انا لا استبعد شيئا ولا اتهم احدا, ولكن لا اقبل ان يصرح مصدر مسؤول بمثل هذه المعلومات من دون ان يقدم المعلومات والادلة». وقال المسؤول ان لدى السلطة الفلسطينية معلومات تشير باصابع الاتهام الى اعضاء من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بالوقوف وراء اغتيال اللواء عرفات، واضاف انه «بخصوص اغتيال اللواء موسى عرفات، هناك معلومات مؤكدة لدى السلطة الفلسطينية ان حماس طرف مشارك في عملية الاغتيال وكذلك عملية التحقيق التي جرت مع نجله منهل عرفات». واضاف «هذا يلزم السلطة باعادة النظر في القضية برمتها حيث يتم التعامل مع هذه القضية على اعتبار ان الحادثة اغتيال سياسي تعطي مؤشرا خطيرا على مستقبل العلاقات الوطنية على الساحة الفلسطينية».

واوضح «انه توجد لدى السلطة الفلسطينية قوائم باسماء بعض الشخصيات المعروفة من كتائب عز الدين القسام التي شاركت في العملية وهو ما يتنافى مع موقف حماس المعلن بخصوص الحادث حيث اعلنت عن رفضها وادانتها للاغتيال فيما المعلومات المتوفرة لدينا غير ذلك»، متهما حماس «بالمشاركة في اغتيال اللواء عرفات».

يذكر ان حماس شددت عقب عملية الاغتيال على رفضها مبدأ الاغتيال السياسي. وادان مصدر مسؤول في الحركة في تصريح صحافي مكتوب, عملية الاغتيال. وجدد رفض الحركة لأي شكل من أشكال الاغتيال السياسي أياً كانت مبرراته ودوافعه بصرف النظر عن طبيعة الشخص المستهدف والجهة التي تقف وراءه. واكدت «تحريم استخدام السلاح في الخلافات الداخلية الفلسطينية، لما يترتب على ذلك من آثار وتداعيات خطيرة. خاصة في هذه المرحلة الحساسة والحرجة التي يمر بها شعبنا», مشددة على إن السلاح الفلسطيني «يجب أن يبقى مصوّباً نحو العدو الصهيوني المحتل».