الانتخابات الألمانية: شرودر فقد غالبيته في المجلس الاتحادي وكاد يفقدها في البرلمان

اقتراع مبكر الأحد المقبل سببه فقدان الحكومة ثقة البرلمان طوعيا

TT

بدأ العد التنازلي للانتخابات الألمانية المبكرة المقرر اجراؤها الاحد المقبل واحتدمت معها معركة البوسترات والصور الدعائية الملونة التي صارت تزين كل شوارع المدن الألمانية. ومن جديد ستقرر الألوان مستقبل حكومة برلين الجديدة وما إذا كانت اشتراكية تتحالف مع الخضر أم ديمقراطية مسيحية تتحالف مع الليبراليين، وما إذا كانت غير ذلك.

وترجح استطلاعات الرأي الأخيرة تفوق التحالف المسيحي (الأسود) ببضع نقاط على الحزب الديمقراطي الاشتراكي (الأحمر) وحصول الأحزاب الصغيرة، الليبرالي (الأصفر) والخضر (الأخضر) واليسار الجديد (الأحمر القاني) على نسب ضئيلة لا تؤهل أي منها للتحالف مع الكتلتين الكبيرتين بهدف تشكيل حكومة أكثرية. ويقرب هذا الوضع احتمال تشكيل تحالف عريض اسود وأحمر (غير مرغوب) بين المسيحي والاشتراكي على غرار ما حدث في السبعينات أبان حقبة المستشار العجوز هيلموت شميدت، أو تحالف بين الحمر والخضر والصفر لتشكيل حكومة أضوية مرور، مع وجود احتمالات أصغر تتحدث عن انتقال الخضر إلى معسكر الأسود والأصفر أو تحالف الحمر مع الخضر والحمر القانين لتشكيل حكومة برتقالية.

وتأتي الانتخابات النيابية العامة هذا العام قبل سنة كاملة من موعدها بسبب حجب الأكثرية البرلمانية الثقة عن حكومة المستشار الاشتراكي جيرهارد شرودر يوم 1/7 الماضي. وكان المستشار قد سعى للتصويت على الثقة بنفسه، وخطط مسبقا للتصويت ضدها (ضد نفسه في هذه الحال)، كي يبرر، حسب الدستور الألماني، حل البرلمان الألماني وتقريب موعد الانتخابات. وتقدم أكثر من نائب ألماني بشكوى عاجلة إلى محكمة الدستور بدعوى أن شرودر قد «لفق» خسارته للثقة لأهداف انتخابية، إلا أن المحكمة أقرت قرار حجب الثقة ومهدت الطريق أمام انتخابات 18 سبتمبر (ايلول).

وتتيح الفقرة 68 من الدستور الألماني لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة في حالة فقدان الحكومة لمبدأ التصويت على الثقة في البرلمان (البوندستاغ). ويصبح قرار الانتخابات المبكرة ساري المفعول ما لم يتقدم أحدهم بشكوى إلى محكمة الدستور التي تشترط أن يفقد المستشار غالبيته البرلمانية أو يعجز عن مواصلة الحكم كي تقر حل البرلمان وإجراء الانتخابات خلال ثلاثة أشهر من سحب الثقة. وبرر شرودر طرح موضوع الثقة بعجزه عن الحكم بسبب فقدانه الأغلبية في المجلس الاتحادي واحتمال فقدانه لها في البرلمان بسبب «المارقين» على كتلته البرلمانية.

ويأمل الثعلب الاشتراكي شرودر من خلال تقريب موعد الانتخابات وقف تدهور شعبية حزبه، وقطع طريق الاستعدادات عن المعارضة ونيل فرصة جديدة للفوز في الانتخابات، وفعلا فقد جاءت خطوة في وقت كان الحزب الديمقراطي الاشتراكي يعاني من مشاكل انشقاق اليسار الجديد عنه، من فقدانه الانتخابات تلو الأخرى على صعيد الولايات، ومن فقدانه الاكثرية في المجلس الاتحادي. وكانت خسارة الانتخابات المحلية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، التي حكمها لفترة 39 سنة، القشة التي كسرت ظهر الحزب الاشتراكي وبلورت فكرة الانتخابات المبكرة لدى شرودر، إذ كانت هذه الخسارة خاتمة 10 هزائم انتخابية محلية قلصت نواب الاشتراكي والخضر في المجلس الاتحادي إلى 15 نائبا من مجموع 65. والمجلس الاتحادي هو الهيئة التشريعية العليا التي تنظر في القضايا التي تمس الولايات. كما أحصى شرودر ورئيس حزبه فرانز منتفيرنغ وجود نحو 11 نائبا من المحسوبين على كتلة الاشتراكي ـ الخضر ممن أعلنوا العصيان على مواقف الكتلة وصرحوا بالتصويت ضد قراراتها، ويمكن لهذا العدد من النواب أن يخل بأغلبية شرودر البرلمانية لأن تحالفه مع الخضر يحتل 304 مقاعد مقابل 294 مقعدا لتحالف المحافظين والليبراليين.

وإذا كان 82% من الألمان يؤيدون تقريب موعد الانتخابات، فإن آخر استطلاعات للرأي يظهر أن الانتخابات القادمة ستكون انتخابات «خوف» لأنها تجرى في أجواء لم يسبق لها مثيل من ناحية المستقبل. وتشي الدراسة التي أجرتها شركة تأمين R+V وشملت 2400 ألماني أن 50% من الألمان ينظرون بخوف كبير إلى المستقبل إضافة إلى نسبة أخرى تنظر بقلق. وهناك ثلاثة عوامل تبعث الخوف في قلوب الألمان يأتي في مقدمتها الارتفاع المتصاعد في كلفة الحياة، الوضع الاقتصادي المتدهور والخوف من فقدان العمل.

واعترف شرودر في آخر تصريحاته بإمكانية كسب الانتخابات لو أن نجح في الأيام القليلة القادمة بكسب 4 نقاط أخرى، بشرط ان يخسر الديمقراطي المسيحي 4 نقاط مماثلة، وهي نتيجة ممكنة لو أفلح شرودر في تطمين مخاوف العاطلين والمتقاعدين وضعيفي الدخول الذين انخفضت شعبية حزبه بينهم بنسبة 15%.

وفي الاطار الانتخابي ايضاً، أصبح في حكم المؤكد أن يتأجل إعلان نتائج الانتخابات الألمانية لفترة اسبوع أو اسبوعين، وربما تتأخر معها انتخابات المستشار المقبل من قبل البرلمان الجديد، بسبب تأجيل انتخابات الدائرة 160 في دريسدن. وكانت لجنة الانتخابات في دريسدن قد اعلنت تأجيل الانتخابات في هذه الدائرة ( 219 ألف ناخب ) بسبب وفاة مرشحة للحزب القومي الألماني المعروف بنزعاته النازية الجديدة. ويمكن للدائرة 160 أن تحسم نتائج الانتخابات لو كانت النتائج بين الديمقراطي المسيحي والديمقراطي الاشتراكي متقاربة، وسبق لهذه الدائرة أن صوتت في انتخابات عام 2002 بنسبة 33.8% لصالح المسيحيين و 31.3% لصالح الاشتراكيين.