الانسحاب الإسرائيلي من غزة يتم من دون مراسم بعدما قرر الفلسطينيون مقاطعتها عقب قرار حكومة إسرائيل الإبقاء على الكنس

آخر جندي احتلالي يفترض أن يغادر القطاع في الساعة السادسة من صباح اليوم

TT

يفترض أن يكون آخر جندي إسرائيلي احتلالي، قد غادر قطاع غزة، في الساعة السادسة من صباح اليوم، تمشيا مع القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية امس، بإكمال خطة الانسحاب. وبذلك يغلق ملف الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، وينتهي بذلك أكثر من 38 عاما من الاحتلال لهذه الأرض الفلسطينية. وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد صادقت امس على استكمال الانسحاب من غزة. وجاء في بيان لها عقب جلستها الأسبوعية أمس، أن الوزراء وافقوا على سحب القوات الإسرائيلية من الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، حيث يجري نشر قوات مصرية على امتداد محور صلاح الدين، الذي تطلق عليه سلطات الاحتلال اسم «فيلادلفي».

لكن عملية الانسحاب تمت من دون مراسم التسليم والتسلم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي كان متفقا أن تتم بعد ظهر امس، عند معبر ايرز الحدودي شمال قطاع.

وكانت هذه المراسم قد ألغيت في آخر لحظة، بعدما قرر الفلسطينيون مقاطعتها، احتجاجا على تراجع الحكومة الإسرائيلية، عن هدم الكنس اليهودية في المستوطنات، وكانت حكومة أرييل شارون قد صادقت، امس أيضا على عدم هدم الكنس بأغلبية 14 وزيراً ومعارضة وزيرين وامتناع آخر. وهذا يعني إزالة العقبة الأخيرة أمام بدء خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع وإنهاء 38 عاماً من الاحتلال.

ونسب موقع صحيفة «هآرتس» الالكتروني إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون قبل بدء التصويت على القرار أثناء جلسة الحكومة قوله: «إن قضية هدم الكنس، هي صعبة جداً وعلينا اختيار الخيار الأقل سوءاً». وأكد توفيق ابو خوصة الناطق باسم وزارة الداخلية، أن السلطة الفلسطينية اتخذت هذا القرار ردا على قرار الحكومة الإسرائيلية المتعلق بالإبقاء على الكنس، وتحميلها مسؤولية حمايتها. وأضاف في تصريح نقلته الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية «لن نوافق على أخذ دور في تنفيذ القرار الإسرائيلي».

يذكر أن السلطة الفلسطينية رفضت في السابق طلبا إسرائيليا بالإبقاء على الكنس وتوفير الحماية لها، وأوضحت السلطة لإسرائيل انه لن يكون بإمكانها حمايتها، خاصة إذا ما واصلت قوات الاحتلال اعتداءاتها على الفلسطينيين، لا سيما في الضفة الغربية. وسمحت المحكمة الإسرائيلية العليا بهدم الكنس. غير أن الحكومة الإسرائيلية ترددت في اللحظة الأخيرة وامتنعت عن هدمها، متذرعة باحتجاجات رجال الدين واليمين في إسرائيل. غير أن السبب الحقيقي جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، إذ قال انه يفضل أن يرى الكنس تهدم بأيدي الفلسطينيين، وليس بأيدي جنوده (وما سيكون لذلك من ردود فعل سيئة إعلاميا على الفلسطينيين). وقد اغضب القرار الفلسطيني، المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، الذين أعلنوا من جانبهم إلغاء المراسم متذرعين بمقاطعة الفلسطينيين. وحسب مسؤول إسرائيلي، فإن قرار إلغاء حفل التسليم لن يؤثر على الجدول الزمني لإكمال الانسحاب. ونقلت صحيفة «جيروساليم بوست» عن مسؤول امني لم تسمه، القول انه «لأمر مؤسف حقا أن يقرر الفلسطينيون عدم المشاركة في المراسم». وأضاف «إن هذا القرار، يثير تساؤلات حول قدرتهم على السيطرة على المنطقة بعد انسحاب الجيش، وإذا ما كان بوسعهم منع الناس من اجتياح الكنس».

وكانت مراسم التسلم والتسلم ستتم عند الساعة الثالثة من عد ظهر امس، عند معبر بيت حانون (ايرز) شمال قطاع غزة. وفي الساعة السابعة مساءً حسب التوقيت المحلي، انزل العلم الإسرائيلي عن سارية مقر قيادة قوات الاحتلال في القطاع، وبدأ بعدها الانسحاب الذي يتوقع أن ينتهي بخروج آخر جندي في الساعة السادسة من صباح.

وكانت قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، قد أنهت استعداداتها لتسلم المستوطنات. وقالت مصادر أمنية فلسطينية، أن تلك القوات على أتم الجاهزية، لتسلم المناطق المخلاة تمهيداً لبسط السيادة الوطنية عليها، ورفع العلم الوطني بدلاً من الإسرائيلي.

وناشدت المصادر المواطنين لعدم الاقتراب من المناطق التي سيتم إخلاؤها، وإعطاء الفرصة لقوات الأمن الوطني لتقوم بعمليات تمشيط، تخوفاً من وجود ألغام أو مواد سامة من مخلفات الاحتلال الإسرائيلي، تشكل خطورة على حياتهم.

إلى ذلك واصلت قوات من حرس الحدود المصري امس، انتشارها في محور صلاح الدين، البالغ طوله 14 كيلومتراً. وكانت طلائع من هذه القوات قوامها 200 قد بدأت امس، انتشارها على طول الحدود، حيث شوهدت الشاحنات المصرية التي تحمل الجنود والعتاد والمواد التموينية، وهي تنتشر على الجانب المصري المقابل للحدود مع قطاع غزة، وذلك بموجب اتفاق وقع الأسبوع الماضي مع إسرائيل، في إطار الترتيبات للانسحاب الإسرائيلي من القطاع.

وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد صادقت الأسبوع الماضي على اتفاق محور صلاح الدين، الذي يقضي بنقل المسؤولية الأمنية على هذا الشريط الحدودي إلى مصر، ونشر 750 عنصراً أمنياً مصرياً فيه.

وكان في السابق مسموح لعدد محدود من قوات الشرطة المصرية المزودين بأسلحة خفيفة، بالمرابطة على الحدود مع قطاع غزة، بموجب بنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.

وأيد الاتفاق 18 وزيراً إسرائيليا، وعارضه وزيران هما: ليمور ليفنات وتسحي هنغبي، في ما هاجمه وزير المالية المستقيل بنيامين نتنياهو، زاعماً أن الاتفاق سيشجع ما يسميه «الإرهاب» ويسمح بإدخال قوات وأسلحة إلى القطاع.

ويحظر الاتفاق الذي نشرت نصه وسائل إعلام إسرائيلية، على الجنود المصريين إقامة تحصينات أو مواقع محصنة، ويتضمن قواعد مفصلة بشأن العتاد المسموح به وطرق عملهم ومراقبتهم.

وجاء في مقدمة الاتفاق، أنه قد تمت صياغته بما يتناسب مع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، ولا يغير من الترتيبات الأمنية المتفق عليها. وأشارت المصادر الإسرائيلية، إلى أنه سيكون إلى جانب القوات البرية المصرية أربع سفن في المنطقة الحدودية البحرية، تقوم بجولات متواصلة على طول الحدود، ويسمح لها باستخدام ثماني طائرات غير مسلحة للاستكشاف الجوي. وستقوم القوة الدولية التي تراقب تطبيق الترتيبات الأمنية بمراقبة القوة المصرية والمروحيات.

كما ينص الاتفاق، على تحديد قواعد المراقبة التي تقوم بها القوة الدولية، ويفرض سلسلة من اللقاءات الدورية بين ضباط من الجيش الإسرائيلي والجيش المصري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وإجراء تقييم سنوي لتنفيذ الاتفاق.

ووفق الاتفاق، فإن القوة المصرية، ستكون مؤلفة من أربع سرايا، وتكون مسلحة بـ504 بنادق أوتوماتيكية و9 بنادق قناصة و94 مسدساً و67 رشاشاً و27 قاذفا صاروخيا من طراز «آر بي جي». كما ستستخدم القوة 31 مدرعة من المدرعات الخاصة بالشرطة 44 جيباً ووسائل نقل أخرى، وثلاثة أجهزة رادار للكشف عن المتسللين في نقاط متفق عليها، بالإضافة إلى رادار بحري.