متقي: لا تراجع عن إنتاج الوقود النووي واللجوء لمجلس الأمن لعبة يخسر فيها الجميع

وزير خارجية إيران الجديد: يمكن دراسة أي تغيير ولكننا لن نطلب محادثات مع أميركا

TT

طهران ـ وكالات الأنباء: في تطور ينذر بتصعيد حدة الخلاف مع أوروبا والولايات المتحدة حول ملفها النووي، أعلنت إيران إصرارها على مواصلة أنشطة إنتاج الوقود النووي، وأكدت رسميا أنه لا رجعة عن هذا الموقف. وحذرت مما أسمته «عواقب» إحالة ملفها إلى مجلس الأمن الدولى. وفي أول مؤتمر صحافي أمس بعد توليه منصبه، أعلن وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي ان بلاده لن تعود الى التعليق التام لنشاطاتها المتعلقة بانتاج الوقود النووي، مؤكدا ان رفع الملف النووي الايراني الى مجلس الامن الدولي ستكون له «عواقبه».

واكد الوزير أنه «لا يمكن العودة الى تعليق جديد في اصفهان». إلا أنه قال إنه «لا يوجد اساس قانوني لرفع الملف الى مجلس الامن. وستكون هذه خطوة سياسية. ولا نرى اي مؤشر جدي على ان ذلك سيحدث».

واضاف «من الطبيعي انه سيكون لمثل هذا الامر عواقب، ولكنني لا اريد الان الخوض في تفاصيل ما يمكن ان تكون هذه العواقب».

وكان قرار ايران الشهر الماضي استئناف عمليات تحويل اليورانيوم في مفاعل اصفهان النووي قد ادى الى وقف المحادثات بين طهران وكل من بريطانيا وفرنسا والمانيا (ممثلة للاتحاد الأوروبي)، مما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى التهديد بالطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تجتمع في فيينا في 19 من الشهر الحالي، رفع الملف النووي الايراني الى مجلس الامن.

كما تحدت الجمهورية الاسلامية قرارا اصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقضي بعودة طهران الى تعليق عملية انتاج الوقود النووي، بحجة ان لها الحق في ذلك بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي.

واكد متقي ان «احالة القضية الى مجلس الامن ستكون لعبة يخسر فيها الجميع، ونفضل ان لا تجري هذه اللعبة. نحن نرى وضعا يكون فيه الجميع رابحين وهو ان تكون لدى الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي الثقة وتحصل فيه الجمهورية الاسلامية على حقها الشرعي».

واوضح ان ايران «تفضل اجراء مفاوضات غير مشروطة مع الاوروبيين، وسنبذل جهودا في هذا الاتجاه». وأضاف وزير الخارجية «هناك جهود لاستئناف المحادثات الايرانية الاوروبية. نريد لهذه المحادثات أن تبدأ من جديد دون شروط مسبقة ونرحب بهم».

وتحاول الدول الاوروبية الثلاث اقناع ايران بالتخلي عن نشاطاتها لانتاج الوقود النووي الذي يمكن استخدامه لاغراض عسكرية، مقابل الحصول على حوافز تجارية ودبلوماسية وامنية وتكنولوجية.

وتقول ايران ان هذه الشروط غير مقبولة وتصر على انها ترغب في الحصول على تكنولوجيا نووية فقط لانتاج الكهرباء وتقليل الاعتماد على مواردها الهائلة من النفط والغاز. وقد وعد الرئيس الايراني المتشدد الجديد محمود احمدي نجاد بطرح اقتراحات جديدة لحل الخلاف، ويبدو ان ايران مصصمة على توسيع المفاوضات لتشمل دولا اخرى عدا دول الترويكا الاوروبية، من حركة عدم الانحياز مثل جنوب افريقيا وماليزيا التي تبدي تعاطفا اكبر مع الموقف الايراني.

واوضح متقي «بالنسبة لتوسيع المفاوضات، فان لنا رأيا ايجابيا، ولكن يجب ان يتم ذلك بالاتفاق مع اطراف اخرى». وقال «يجري حاليا اعداد مبادرة الرئيس احمدي نجاد، وسيتم اطلاقها خلال بضعة ايام خلال اجتماعات رؤساء الدول في الامم المتحدة في نيويورك».

وردا على سؤال حول ما اذا كانت ايران تفكر في اجراء محادثات مع عدوها اللدود الولايات المتحدة، قال «يمكن دراسة اي تغيير ولكننا لم نتقدم بمثل هذا الطلب».

من ناحية أخرى، أعلن متقي أن ايران ستطرح استدراج عروض دولي لبناء محطتين نوويتين جديدتين. وقال، دون اي تفاصيل، «وافق البرلمان على قانون لبناء عشرين محطة نووية وانتاج 20 الف ميغاوات من الكهرباء (بحلول عشرين عاما). وقرار اطلاق استدراج عروض هو اول خطوة للحكومة لتطبيق قرار البرلمان». وستدخل اول محطة نووية ايرانية يبنيها الروس حاليا في بوشهر (جنوب إيران)، حيز العمل في نهاية العام 2006 بعد سنوات من التأخير.

واكد مسؤولون ايرانيون في المجال النووي اخيرا ان مفاوضات تجري مع روسيا لبناء محطات جديدة. وتبرر طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم بحاجاتها الى الوقود من اجل محطاتها النووية المستقبلية.

من ناحية أخرى، قال دبلوماسيون إن الجهود الأوروبية الأميركية المشتركة لإحالة إيران إلى مجلس الأمن، تواجه مقاومة شرسة من بعض أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضافوا أن أكثر من ست دول في مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة تعتقد بأنه لا يوجد مبرر لإحالة الملف الايراني إلى مجلس الأمن.

وقال دبلوماسي أوروبي لرويترز «أعتقد أن الاجماع، ربما يكون مستحيلا.. باكستان والبرازيل أوضحتا بالفعل رفضهما القاطع. وهناك عدة دول أخرى، سيكون أيضا من الصعب اقناعها».

وقال دبلوماسي أوروبي آخر «سيكون من الصعب اقناع الصين وروسيا»، مضيفا انه من دون مشاركة بكين وموسكو قد تفشل خطة تكثيف الضغوط على طهران.

ويقول مسؤولون أوروبيون، إنهم لن يطلبوا على الفور من المجلس فرض عقوبات، ولكنهم يريدون منه أن يطلب من ايران استئناف تجميد برنامجها واستئناف المحادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

ويحاول مسؤولون من الدول الاوروبية الثلاث والولايات المتحدة، كسب تأييد أعضاء بمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مثل روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا، التي لا ترى حاجة لأن ينظر مجلس الأمن الدولي، في البرنامج النووي الإيراني.

وتحاول إيران حشد تأييد كثير من هذه الدول نفسها. وتقول طهران إن قرار تجميد الانشطة النووية، كان قرارا طوعيا، ومن ثم فاستئناف هذه الانشطة، لا يمثل أساسا لاحالتها الى مجلس الأمن، وهو منطق تتفق معه كثير من الدول.

ويبرر دبلوماسيو الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، الاحالة الى مجلس الامن بالقول، إن ايران أخفت برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم، على مدى عشرين عاما تقريبا، ولم تتعاون بشكل تام مع مفتشي وكالة الطاقة الذرية.

ورغم ان كثيرا من الجهود الدبلوماسية تجري بهدوء وخلف الكواليس، فقد حذر عدد من أعضاء الكونغرس الاميركي المؤثرين الاسبوع الماضي، من أن الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والهند، سيكون عرضة للخطر، اذا عارضت نيودلهي إحالة إيران إلى مجلس الأمن. وقال دبلوماسيون، انه لا بأس في ان تعارض باكستان والبرازيل وبضع دول أخرى، قرار الاحالة عن التصويت عليه، الا ان تأييد الصين وروسيا، اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الامن امر حاسم.

كما ينبغي، حتى يكون قرار وكالة الطاقة الذرية بإحالة ايران الى مجلس الامن فعالا، أن يحظى بتأييد أغلبية كبيرة في مجلس محافظي الوكالة.

ويضم مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أساسا، الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين، الى جانب ألمانيا واليابان ودول أخرى، لديها برامج نووية مدنية كبرى.