أسفرت العمليات العسكرية في مدينة تلعفر، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا عن الحدود السورية ـ العراقية شمال غربي العراق، عن مقتل ما يزيد على 550 من المتمردين وإلقاء القبض على عشرات آخرين. وأكد بيان صحافي لوزارة الدفاع العراقية على تواصل العمليات العسكرية في تلعفر، مشيرا الى ان قوات الجيش العراقي تمكنت في الأربع والعشرين ساعة الماضية من اعتقال «72 إرهابيا» من جنسيات مختلفة. وأشارت آخر تقارير وزارة الصحة من خلال غرفة عمليات إغاثة تلعفر، الى مقتل 7 مدنيين في المدينة، كما أوضح بيان صحافي ان وزارة الصحة سيرت شاحنات صهريجية مملوءة بالمياه لمستشفى تلعفر العام، كما قدمت الوزارة طلباً الى احدى المنظمات الانسانية غير الحكومية لتجهيزها بعدد من الأسرة والوسادات.
وأوضح بيان غرفة العمليات الانسانية، ان الاحتياجات الغذائية لأهالي تلعفر تم التعجيل بها من خلال استدعاء 74 وكيلا لمواد الحصة التموينية التابعين لقضاء تلعفر الى مقر مركز التموين لوزارة التجارة في الموصل، وقطعت تذاكر لتلك المواد لتوزيعها على نازحي تلعفر في مناطق ابو مارية والكسك والنازحين من حي حسن كوي. وأضاف البيان، انه تم التنيسق مع القوات المتعددة الجنسيات بفتح جهة ارتباط بين غرفة العمليات والقوات الموجودة في مدينة تلعفر لتسهيل وتأمين دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات وضمان عدم التعرض لها، وكذلك الحال بالنسبة لوكلاء الحصة التموينية، إضافة الى التنسيق المستمر بين غرفة العمليات والمنظمة الدولية للهجرة من اجل توزيع المساعدات المخصصة من قبلهم الى نازحي تلعفر وإرسال التقارير اليومية عن أعداد ومناطق وجود النازحين للمنظمة وإمكانية ارسال المساعدات اليهم.
وأوضح بيان آخر ان فريق غرفة العمليات الميدانية قام بجولات ميدانية استطلاعية لبعض المناطق كمنطقة الرشيدية وقرقونيا بالتنسيق مع ممثلي الجبهة التركمانية، حيث تمت زيارة تجمعات النازحين والذين يسكنون في مناطق متناثرة؛ اما مع عوائل من المجتمع المضيف او في هياكل البناء المتروكة او في الساحات الخالية.
وعلى صعيد متصل، قال الشيخ علي الكعبي، مدير مكتب هيئة الهلال الاحمر الاماراتي في العراق، ان الهيئة سيرت صباح يوم امس الاربعاء قافلة الى مدينة تلعفر للمواد الغذائية والطبية والتجهيزات الضرورية، فضلا عن كميات كبيرة من المياه المعدنية لمساعدة الاهالي والنازحين من المدينة في محنتهم. وعلى الرغم من ان العملية في تلعفر ستستمر حتى نهاية الشهر الجاري، فإن حظر التجول قد رفع أول من امس، ما سمح لسكان المدينة، الذين يقدر عددهم بحوالي 200 الف نسمة، بالحركة. وقال نجم عبد الله الجبوري، رئيس بلدية المدينة، ان الحظر المفروض على قيادة السيارات في الشوارع سيرفع خلال الأيام المقبلة.
وقال الجبوري، الذي كان لواء في الجيش العراقي السابق وجرى تعيينه رئيسا لشرطة تلعفر قبل اربعة اشهر من قبل القوات الاميركية والعراقية، خلال مؤتمر صحافي عقده اول من امس، انهم سيشجعون الآلاف من السكان الذين فروا من المدينة خلال الشهور الاخيرة على العودة قريبا.
ويعتزم جزء من قوات «ايجيل تروب» التابعة للكتيبة الثالثة للمشاة الاميركية قضاء الأيام المقبلة على الاقل في القاعدة التي أقاموها خارج مدينة تلعفر. وقال الكابتن نوح هانرز، قائد احدى الفصائل التابعة لـ«ايجيل تروب» انهم ظلوا يخططون لهذه العملية على مدى شهور، وأضاف معلقا، انه عندما يكون هناك تخطيط طوال فترة زمنية كهذه يتمنى الشخص انه لو كان هناك قليل من الاتصال بالعدو، ولكن من المهم ايضا، كما يقول هانرز، ان القوات التي نفذت العملية لم تتسبب في إصابة أي شخص. وبالرغم من الافتقار الى معارك مكثفة خلال الحملة، فإن الجنود كانوا ينامون اقل من خمس ساعات في المتوسط في الليلة الواحدة خلال اسبوعين، وكانوا يشعرون بالإرهاق. وقد تمكن الجنود من تغطية ربع المدينة خلال نوبات عمل استمرت 18 ساعة، ينتقلون من منزل الى آخر ويقفزون فوق الاسطح ويكسرون الابواب، وهم يحملون 40 رطلا من المعدات. وكانوا يتعرضون لإطلاق النار، ولكنهم لا يعرفون من أين أتت الرصاصات.
وبدون وجود مترجمين يتحدثون اللغة التركية؛ وهي اللغة السائدة في هذه المدينة، حيث ان اغلبية السكان من التركمان، يضطر المحققون الى استخدام لغة الاشارة. وفي الاسبوع الماضي، اوضح رجل في حي حسن كوي في تلعفر للجنود الاميركيين، بلغة الاشارة الى انه مدرس ولا توجد اسلحة في بيته. إلا انهم عثروا على شارة وزي شرطي في خزانة ملابسه. وقال انه لا يعرف من اين أتت. ثم عثروا على شهادة تخرج من كلية الشرطة باسمه ومسدس عيار 9 مليمتر تحت وسادة. وذكر جندي اميركي «هذا سخيف. لا اعرف عما اذا كان يكذب لأنه رجل شرطة ولا يريد ان نعرف ذلك أو لأنه يزور هويته كرجل شرطة».
*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)