الأفغانيات يسعين للتغيير من وراء الأبواب المغلقة .. ويجاهدن لشغل 68 مقعداً خصصت لهن في البرلمان المقبل

TT

قندهار (أفغانستان) ـ رويترز: توقفت شاحنة صغيرة تقل عشر أفغانيات أو أكثر يغطين أجسامهن من الرأس الى القدم بعباءات سوداء او خضراء او زرقاء، على ناصية شارع مترب، وخرجت النساء في طابور ليهبطن الى أحد الأقبية.

جاء هؤلاء النسوة للانضمام الى عشرات آخريات في اجتماع للسيدات فقط، خاص بحملة انتخابية في مدينة قندهار، المدينة المحافظة التي كانت معقل حركة طالبان فيما مضى، بهدف الاتفاق على من سيصوتن له في الانتخابات البرلمانية التي تجري الاحد المقبل، وهي اول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ عام 1969.

في القبو المظلم المشبع بخليط من العطور تقف فاريبا احمدي لحث النساء على التصويت لها، حيث تعرض ان تكون صوتهن في البرلمان الجديد المؤلف من 249 مقعدا وتعدهن بالتعليم والمياه والكهرباء والسلام في دولة مزقتها الحرب. وقالت احمدي، التي ترتدي معطفا طويلا باللونين الأسود والرمادي وغطاء رأسها الأسود مشدود الى الخلف: «يجب ان نبني بلادنا. اذا لم نكن نريد بناء بلادنا، فلن يستطيع آخرون القيام بذلك». وقد جرى تخصيص 68 مقعدا في البرلمان للنساء، لكن هذا لا يعني ان الامر سيكون سهلاً على المترشحات في بلد لا يزال محافظاً جداً.

فذات صباح في الآونة الاخيرة وجدت احمدي أثناء مغادرتها منزلها رسالة تهديد، على باب المنزل جاء فيها: «انسحبي أو ستموتين». تجاهلت المعلمة الأمر وقالت: «لست خائفة».

وكانت حركة طالبان المتشددة قد فرضت، عندما وصلت الى السلطة عام 1996، قواعد صارمة بحق النساء تجبرهن على ارتداء البرقع ومنعهن من العمل او الدراسة. وقد سقط نظام طالبان بعد الحملة العسكرية التي شنتها القوات الاميركية اواخر عام 2001 في اعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، مما خلق جواً جديداً الآن، سمح لمئات الافغانيات بترشيح أنفسهن لانتخابات الاحد المقبل.

وفي قبو منزل إحدى مؤيدات احمدي تجلس السيدات القرفصاء على بساط أحمر اللون، ويشير صوت فتح علب المياه الغازية الى انه اجتماع مفعم بالحياة، وجزء منه هو عبارة عن مناقشة مفتوحة والجزء الثاني للاجابة عن الاسئلة بينما خصص الجزء الأخير للحملة الانتخابية.

ورفعت بعض النساء البرقع بينما شدته أخريات على وجوههن أثناء وجود صحافي في الغرفة. وقالت امرأة كبيرة في السنة عادت الى البلاد في الآونة الاخيرة بعد الفرار الى ايران في اعقاب مقتل زوجها، انه يجب أن تقوم الحكومة بالمزيد من اجل الارامل.

وتساءلت اخرى ماذا عن الطرق، وسألت ثالثة من العائدين للبلاد عن اسباب كون افغانستان اسوأ بكثير من ايران. وتتنوع المناقشة بين السياسة والمشكلات الاخرى.

ورغم المخاطر التي تنطوي عليها هذه الحملة، فإن النساء في الاجتماع لا يشعرن بالخوف. وتتساءل عزيزة كاريما احدى العائدات من ايران: «نحن نصنع مستقبلنا، فلماذا نشعر بالخوف؟ اذا شعرنا بالخوف فلن نتمكن من صنع مستقبلنا ويجب أن نبقى في منازلنا».

وكانت المترشحة احمدي قد امضت سنوات في العمل مع منظمات تساعد النساء، وقالت عندما سئلت عن سبب مخاطرتها بترشيح نفسها للانتخابات: «اعتقد انه اذا أصبحت عضوا بالبرلمان فسأتمكن من تقديم المزيد للنساء». لكنها تحذر قائلة، انه ليست هناك حلول سريعة في دولة تحطمت بنيتها التحتية بفعل الحرب، ولا يزال الملايين فيها يعيشون من دون مياه نقية ولا كهرباء، وما زالت مياه الصرف الصحي تجري في شوارع عاصمة اقليمية مثل قندهار. وقالت احمدي للنساء من المراهقات ووصولا الى المسنات: «لا يمكننا حل مشكلاتنا في يوم واحد. اولا يجب ان نفتح عقول الرجال، الذين لا يسمحون لنسائهن بالتعليم. من دون تعليم لا نستطيع حل مشكلات الحياة، وبالتعليم نستطيع حل كل شيء» وهذا ما جعل احمدي تضع التعليم ضمن اولويات برنامجها، في بلد تنتشر الأمية وسط 80 في المائة من الافغانيات.

وتعتبر احمدي الانتخابات خطوة ايجابية، ولكنها خطوة واحدة في رحلة طويلة، وتقول ان الكثير من المرشحين وعددهم 5800 من المقاتلين السابقين سواء من المجاهدين او اعضاء طالبان او على صلة بتجارة المخدرات القوية. وتقول: «لا اعتقد ان هذا البرلمان سيصنع افغانستان. كلهم كانوا مقاتلين من قبل، واذا فازوا فستسقط افغانستان في الظلام مجددا».

لكن بالرغم من معارضة بعض المحافظين لفكرة اشتراك النساء في السياسة، فإن الكثيرين يؤيدون التغيير في احد اقدم المجتمعات في العالم. وعندما سئل احمد جان، 18 عاما، عن رأيه في دخول النساء عالم السياسة ابتسم في كشك بيع الاوشحة الخاص به وقال: «لا توجد مشكلة. انني أحب النساء اكثر من الرجال».