فاروق حسني وزير الثقافة المصري يقدم استقالته إلى مبارك بعد محرقة قصر ثقافة بني سويف

TT

استبق وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، تعديلا وزاريا محتملا في الحكومة المصرية التي يترأسها الدكتور احمد نظيف بتقديم استقالة مفاجئة صباح أمس إلى الرئيس حسني مبارك من منصبه حسبما ذكرت مصادر مسؤولة ومقربون منه شخصيا.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بفاروق حسني، لكنه أغلق هاتفه كما امتنع مسؤولو وزارته عن التعليق على أمر الاستقالة لكن مقربين منه أفادوا أن دوافع الاستقالة تكمن في الحالة النفسية السيئة التي وصل إليها فاروق حسني في الآونة الأخيرة، خاصة بعد كارثة حريق قصر ثقافة بني سويف بصعيد مصر عشية الانتخابات الرئاسية، والذي راح ضحيته 46 شخصاً و22 مصاباً، بينهم عدد من الكتاب والنقاد والممثلين والصحافيين. وأضاف المقربون أن فاروق حسني (زهق) من الصحافة والصحافيين ـ على حد تعبيرهم ـ ولم يعد يحتمل الاستمرار في منصبه الذي شغله على مدار 18 عاماً في ظل هذه الأجواء. كما أنه شعر بأن الدولة تخلت عنه في مواجهة الانتقادات الموجهة ضده فقرر الاستقالة.

وكان فاروق حسني قد تعرض لحملة صحافية ضارية، خاصة من صحف المعارضة ولانتقادات لاذعة وجهها له كثير من الكتاب والمثقفين طالبوا بالتحقيق معه في عريضة دعوة قدموها إلى النائب العام المصري قبل يومين كما ازدادت الانتقادات حدة بعد أن تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة وأسئلة عاجلة حول تداعيات الحادث ومسؤولية وزارته عنه. كما قامت جماعة «كتاب وفنانون من أجل التغيير» بمظاهرة أمس لمدة ساعتين أمام مقر نقابة الصحافيين بالقاهرة حداداً على أرواح ضحايا الحادث، وطالبوا بإقالة فاروق حسني.

في الوقت نفسه، رفض مصدر مسؤول بمجلس الوزراء المصري التعليق على الموضوع، مشيرا إلى أن الاستقالة تقدم إلى رئيس الوزراء وليس إلى رئيس الدولة.

ومن المقرر أن تقدم الحكومة بكامل أعضائها استقالتها إلى رئيس الوزراء الذي سينقلها إلى الرئيس وسط توقعات باستمرار نظيف في منصبه. ويعد فاروق حسني وهو أساسا فنان تشكيلي، أول وزير يقدم استقالته طواعية من مجلس الوزراء المصري قبل التعديل المرتقب، علما بأنه كان ينظر إليه على أنه أحد المحسوبين على الجناح الإصلاحي الذي يقوده جمال، النجل الأصغر للرئيس المصري، مسؤول لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم.

وربما كان فاروق حسني اكثر الوزراء إثارة للجدل ليس فقط بحكم كونه أشهر عازب في الحكومة المصرية بل أيضا بسبب ما يثيره منتقدوه حول لوحاته الفنية وقيمتها الحقيقية، بالإضافة إلى اتهامات حول الطبيعة العلمانية لسياسات وزارته.

ولد فاروق عبد العزيز حسني في مدينة الإسكندرية الساحلية ثاني أشهر واكبر المحافظات المصرية عام 1938، وحصل على بكالوريوس الفنون قسم الديكور من جامعة الإسكندرية قبل أن يعمل مديرا لقصر الثقافة بحي الأنفوشي ما بين عامي 1967 و1978، ثم تولى منصب مدير مكتب وزير الثقافة حتى عام 1979.

وتم تعيينه نائبا لمدير أكاديمية الفنون في الفترة من عام 1979 إلى عام 1982، حيث تولى منصب مدير أكاديمية الفنون المصرية في العاصمة الإيطالية روما حتى عام 1986.

وخلال عمله هناك، قدم حسني خدمات جليلة لجهاز المخابرات العامة المصرية الذي كان في الواقع صاحب ترشيحه لهذا المنصب للاستعانة به في وقف نشاط عملاء جهاز المخابرات الاسرائيلية (الموساد) في تجنيد المصريين في روما وغيرها من العواصم الأوروبية.

واختاره رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف صدقي وزيرا للثقافة ضمن حكومته، علما بأن الرئيس مبارك أوضح في أحاديثه الصحافية فيما بعد أن اسم فاروق حسني كان الأخير ضمن قائمة تتضمن خمسة مرشحين لنفس المنصب ومع ذلك وقع عليه الاختيار.

وعلى الرغم من أن الدكتور صدقي تقاعد وخلفه الدكتور كمال الجنزوري عدة سنوات ثم الدكتور عاطف عبيد، إلا أن فاروق حسني احتفظ بمنصبه حتى في حكومة الدكتور نظيف ليصبح بذلك واحدا من بين عدد محدود من الوزراء الذين بقوا في مواقعهم الوزارية خلال عهد الحكومات الأربع.

وخلت الحكومة المصرية من الوزراء المُضربين عن الزواج بخروج يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة السابق وزميله فاروق حسني الذي حمل لقب الأعزب الوحيد والشهير حيث أضرب عن الزواج بعد قصة حب لم تكتمل كما قال في أحد حواراته المنشورة. وبحكم علاقته بالألوان والتناسق بينها في لوحاته ذات الطابع التجريدي، فان البعض منحه لقب أشيك وزير وأكثر الوزراء اهتماما باختيار ألوان ملابسه التي غالبا ما تلفت الانتباه والأنظار.

ومن داخل مكتبه الكائن بشارع شجرة الدر بحي الزمالك الأرستقراطي العريق، خاض فاروق حسني عدة معارك ثقافية وإعلامية ترددت أصداؤها داخل البرلمان المصري وعبر مختلف وسائل الإعلام، وخاصة الصحف الحزبية والقومية بسبب رفض البعض لسياسات وزارته في الدعوة إلي تبني كل ما هو جديد في مختلف المجالات الثقافية.

وبسبب ما تنشره المطابع التابعة لوزارة الثقافة ومؤسساتها المختلفة، تعرض لهزة عنيفة قبل بضع سنوات عندما تمكن معارضوه من حشد الطلاب الاسلاميين لمنع نشر بعض الروايات.