الحكومة السودانية الجديدة تدشن مهامها اليوم والمعارضة تصفها بـ«بالتلفيق»

الحركة الشعبية: تمسك الحزب الحاكم بوزارة الطاقة فيه دروس وعبر في عدم حسن النوايا

TT

اثار التشكيل الوزاري لحكومة «الوحدة الوطنية» بالسودان ردود فعل واسعة في الساحة السياسية، ففيما وصفت المعارضة التشكيل الجديد بانه بمثابة «تلفيق» عبرت الحركة الشعبية، الشريك الاكبر في الحكومة، عن استيائها الشديد حيال تمسك حزب المؤتمر الوطني الحاكم بوزارة الطاقة والتعدين. وقالت الحركة «ان في ذلك دروسا وعبر في عدم حسن النوايا من قبل الوطني»، وكررت ان الخطوة من شأنها ان «تخدم دعاة الانفصال» من الجنوبيين.

وبدأت التحضيرات المكثفة في الخرطوم امس لاحتفال كبير يقام اليوم في مبنى مجلس الوزراء، تدشن عبره الحكومة الجديدة مهامها «الصعبة» المتمثلة في تنفيذ اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركة الشعبية في يناير الماضي (كانون الثاني)، وحسب مراقبين في الخرطوم فإن التشكيلة الجديدة وضعت «حجر اساس» للانفصال.

وفي نفس الوقت، ادى القسم امام الرئيس البشير امس كل من: دكتور نافع علي نافع مساعدا لرئيس الجمهورية، اللواء الركن بكري حسن صالح وزيرا لرئاسة الجمهورية، ودينق الور كول وزيرا لرئاسة مجلس الوزراء، وعبّر البشير عن أمله في ان تلبي حكومة الوحدة الوطنية ذات القاعدة العريضة طموحات وآمال الشعب وان تكون بداية لانطلاقة كبرى في سبيل الله والوطن. وكانت مراسيم اصدرها الرئيس البشير قد شملت تعيين 28 وزيرا اتحاديا وخمسة وعشرين وزير دولة ومساعد للرئيس و12 مستشارا، ولم تسم وزراء لوزارتين مركزيتين ووزراء دولة، في انتظار حسم التجمع المعارض أمره بشأن الدخول الى الحكومة من عدمه.

وفي تصريحات صحافية، امس، قال دكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس البشير ان وزارة الطاقة جرى حولها قدر كبير من الحوار مع الحركة الشعبية، واضاف «ان ذلك ربما لأهمية النفط ودوره المستقبلي» واشار للحوار الذي دار حول بعض الوزارات الاخرى.

ونفى ان تكون ايلولة الطاقة لحزبه، المؤتمر الوطني، بالقول «ليس فيه بنود غير معلنة او سرية»، واضاف ان وزير الطاقة الدكتور عوض احمد الجاز «لن يعمل للمؤتمر بوصفه احد اعضائه وانما سيعمل للسودان كله... واننا لا نعرف فيه إلا مثل هذا التجرد».

وكشف نافع ان المشاورات مع التجمع السوداني المعارض اكتملت، واضاف «نحن في انتظار تسمية وزرائه للوزارات المخصصة»، وتابع «انه تم تخصيص وزارتي العلوم والتكنولوجيا والتربية والتعليم للتجمع الوطني الديمقراطي بجانب منصب وزير دولة باحدى الوزارات».

وعلى صعيد الحركة الشعبية نسب الى مصدر في الحركة قوله ان النائب الاول للرئيس السوداني ورئيس الحركة، سلفا كير، ابلغ البشير تحفظات الحركة على اصرار الحزب الحاكم على حصوله لوزارة الطاقة. وحسب المصدر فان كير ذكر للبشير ان النتيجة التي انتهى اليها النزاع حول الطاقة «لا تخدم الا دعاة الانفصال من الجنوبيين».

وفي تصريحات، عبر الدكتور رياك مشار القيادي الرفيع بالحركة الشعبية نائب رئيس حكومة الجنوب، عن اسفه البالغ لأيلولة وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والطاقة والتعدين للمؤتمر الوطني، وقال ان الوزارتين «اصبحتا في يد حزب المؤتمر الوطني وبالتالي صارتا من ثوابت حزب المؤتمر الوطني كالشريعة الاسلامية، يعني عدم توفر حسن النوايا». وحسب المسؤول الجنوبي فإن ايلولة الوزارتين لحزب المؤتمر الوطني اختلت بنود اتفاقية السلام الخاصة باقتسام السلطة والثروة، وقال «اننا اكتشفنا ان عملية اقتسام السلطة والثروة لم تنفذ بالصورة المطلوبة حسب ما جاء في الاتفاقية».

وتعهد مشار بان الحركة الشعبية ستستمر في الشراكة مع المؤتمر الوطني «من اجل مصلحة السلام والقبول الذي حظيت به الحركة لدى الشعب السوداني والثقة التي اولاها اياها»، وقال ان الحركة ستستغل هذه الثقة وتعمل من اجل احداث نقلة سياسية ونقل السودان القديم الى السودان الجديد، ومضى في القول ان مرحلة الانتخابات ستختلف فيها المعادلات.

وعلى غرار مشار، عبَّر دينق الور الذي اسندت اليه وزارة رئاسة مجلس الوزراء، عن استيائه البالغ من ايلولة وزارة الطاقة للمؤتمر الوطني، وقال في تصريحات «اننا تنازلنا عن الوزارة... ولكننا تعلمنا في ذات الوقت بعض الدروس والعبر ابان فترة التفاوض مع شركائنا في المؤتمر الوطني حيث تكشفت لنا الحقائق حول كيفية التعامل السياسي مع القوى السياسية في السودان بما فيها الشريك».

وذكر الور «كنا نعتقد ان ايلولة الوزارة للحركة لا تعني الاستثمار او النظرة الضيقة التي كان يتصورها البعض بل كنا نسعى لاقناع الجنوبيين بصفة عامة خلال الفترة الانتقالية بضرورة الدخول برؤية جديدة للوحدة»، واضاف «ان تنازل الحركة برهن على ان المؤتمر الوطني تحركه المصالح الحزبية فقط، وكنا نعتقد ان مصلحة الوطن فوق كل شيء وليس المصالح الحزبية»، وتابع «ان الشراكة لا تعني الاخذ فقط بل يجب ان تكون مسألة اخذ وعطاء». وفي نفس السياق وصف البروفيسور بيتر ادوك، القيادي بالحركة، التشكيل بانه «غير موفق»، وقال ان موقف الحزب الحاكم تجاه وزارة الطاقة يعد خرقاً للاتفاقية.. وترك الخيار واسعاً امام الحركة لانشاء وزارة طاقة بالجنوب، ما دام ان الاتفاقية منحت جنوب السودان الحق في اقامة علاقات واتفاقات محلية ودولية. وحذر القيادي الجنوبي من تنامي لهجة الانفصال وسط الجنوبيين خاصة بعد المواقف الاخيرة التي صحبت التشكيل الوزاري. ووجه المعارضون انتقادات واسعة للحكومة الجديدة، حيث اعتبرها البعض «قسمة ضيزى» بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية، ونظر اليها اخرون على انها ليست اكثر من «تحريك او تنقل وزاري». وانتهز الحزب الشيوعي السوداني احتفالا له بمناسبة الذكرى 59 لتأسيسه، ليوجه عبره هجوما عنيفا على التشكيل الجديد، ووصف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي سليمان حامد في خطابه امام الاحتفال التشكيل بأنه «تلفيق»، وقال انه «تم بعد رفع الكارت الاحمر اثر مماطلات من قبل الحزب الحاكم».

واعلن حامد رفض حزبه التام للمشاركة في الحكومة وفق النسب المعلنة بحسب اتفاقية السلام، وربط مشاركة الشيوعي باجراء تغيير جذري فيها، يعطي الاغلبية للقوى الوطنية، وشدد على ان «التجمع الوطني المعارض لم يعلن مشاركته كما اعلن رئيس الجمهورية امس» في اشارة الى اعلان الرئيس البشير ان التجمع سيشارك في حكومة الوحدة الوطنية.

وقال ان الحكومة تدعي مشاركة التجمع لعمل غطاء لمشاركة الحزب الاتحادي ودرءاً للحرج، واضاف ان الحكومة ستجعل من مشاركة الحزب الاتحادي المعارض بزعامة محمد عثمان الميرغني «ديكورا»، واضاف «ان ذلك سيلحقهم بما اسماه بأوزار الانقاذ السابقة واللاحقة».

وانتقد حامد بشدة موقف الحزب الاتحادي ازاء المشاركة في الحكومة ودعاه لمراجعة فورية في مواقفه، وقال ان الفرصة لا تزال معه من خلال المشاركة في اجتماع هيئة قيادة التجمع باسمرة.

وقال حامد ان حزبه يوافق على المشاركة في البرلمان والمجالس التشريعية بالولايات لاستخدامها كمنابر للتوعية، واضاف ان الحكومة تشترط تأييد الاعضاء لها في البرلمان، الامر الذي اعتبره يناقض توجهات المرحلة للتحول الديمقراطي. وكان الرئيس عمر البشير قد اصدر مراسيم ليل الثلاثاء فصلت التشكيل الوزاري، وسمى التشكيل اللواء الركن بكري حسن صالح وزيرا لشؤون رئاسة الجمهورية، ودينق الور كول وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، وعبد الباسط صالح سبدرات وزيراً للحكم الاتحادي، واللواء عبد الرحيم محمد حسين وزيراً للدفاع، والدكتور لام اكول اجاوين وزيراً للخارجية، والبروفيسور الزبير بشير طه وزيراً للداخلية، ومحمد علي المرضي وزيراً للعدل، والزهاوي ابراهيم مالك وزيراً للاعلام والاتصالات، وجوزيف اوكيلو وزيراً للشؤون البرلمانية، والزبير احمد الحسن وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني، والدكتور التيجاني صالح فضيل وزيراً للتعاون الدولي، والدكتور عوض احمد الجاز وزيراً للطاقة والتعدين، والمهندس كمال علي محمد وزيراً للري والموارد المائية، ومحمد الامين عيسى كباشي وزيراً للزراعة والغابات، والدكتور جلال يوسف الدقير وزيراً للصناعة، وجورج بورينق نيامي وزيراً للتجارة الخارجية، ومالك عقار ايار وزيراً للاستثمار، والعميد «م» قلواك دينق وزيراً للثروة الحيوانية والسمكية، وجوزيف ملوال وزيراً للسياحة والحياة والبرية، وكول مانيانق جوك وزيراً للنقل والطرق والجسور، ود. تابيثا شوكايا وزيراً للصحة، وكوستي مانيبي وزيراً للشؤون الانسانية، واللواء «م» السون مناني مقايا وزيراً للعمل والخدمة العامة وتنمية الموارد البشرية، والدكتور احمد بابكر نهار وزيرا للبيئة والتنمية العمرانية، ود. بيتر نيوت كوك وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، والسيد محمد يوسف عبد الله وزيراً للثقافة والشباب والرياضة، والاستاذة سامية احمد محمد وزيراً للرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل، وازهري التيجاني عوض السيد وزيراً للارشاد والاوقاف. وسمت المراسيم إدريس محمد عبد القادر وزير دولة برئاسة الجمهورية، وتيلار رينق دينق وزير دولة برئاسة الجمهورية، وكمال عبد اللطيف عبد الرحيم وزير دولة بوزارة مجلس الوزراء، وجون أنقول وزير دولة بديوان الحكم الاتحادي، وعلي أحمد كرتي وزير دولة بوزارة الخارجية، والسماني الوسيلة الشيخ السماني وزير دولة بوزارة الخارجية، وأليو أيبني أليو وزير دولة بوزارة الداخلية، ووليم أجاك دينق وزير دولة بوزارة العدل، وفرح إبراهيم العقار وزير دولة بوزارة الإعلام والاتصالات، وجون لوك جوك وزير دولة بالطاقة والتعدين، وسيوم مليتا وزير دولة بوزارة الري، والدكتور أحمد مجذوب وعلي محمود ولوال أشويل وزراء دولة بوزارة المالية، وعلي أحمد عثمان وزيراً للدولة بوزارة الصناعة، والدكتور آن بيتو وزير دولة بوزارة الزراعة، ومحمد مركزو كوكو وزير دولة بوزارة السياحة والحياة البرية، وسلمان سليمان الصافي وزير دولة بوزارة التجارة الخارجية، والسميح الصديق السميح وزير دولة بوزارة الاستثمار، وأحمد هارون وزير دولة بوزارة الشؤون الإنسانية، وصلاح علي آدم وزير دولة بوزارة العلوم والتكنولوجيا، وبروفيسور مبارك محمد علي المجذوب وزير دولة بوزارة التعليم العالي، ومحمد أحمد الطاهر أبو كلابيش وزير دولة بوزارة التربية والتعليم، وعبد القادر محمد زين وزير دولة بوزارة الشباب والرياضة، وعمر سليمان آدم وزير دولة بوزارة النقل والطرق.

واعفت المراسيم اللواء الركن «م» طبيب الطيب ابراهيم محمد خير مستشار الأمن القومي، والدكتور قطبي المهدي مستشار الشؤون السياسية، والبروفيسور احمد علي الامام مستشار التأصيل، والاستاذة بدرية سليمان عباس مستشار الشؤون القانونية، وبدر الدين محمد احمد سليمان مستشار رئيس الجمهورية، والدكتور علي حسن تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية.

كما عين البشير الدكتور نافع علي نافع مساعداً له وأثني عشر مستشاراً من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية واحزاب اخرى، هم : الدكتور رياك قاي كوك، والدكتور أحمد علي الإمام، ود. مصطفى عثمان إسماعيل، والدكتور مجذوب الخليفة أحمد، والدكتور غازي صلاح الدين العتباني، وبونا ملوال، وفريدة إبراهيم أحمد حسين، ود. منصور خالد، والدكتور هارون رون لوال، وعلي تميم فرتاك، والدكتور أحمد بلال عثمان، وعبد الله علي مسار.