مسؤول مغربي: الرباط عاجزة عن مواجهة أفواج المهاجرين الأفارقة واستيعابهم.. وبرامج دولية لتنمية أفريقيا وحدها الكفيلة بوقف سيلهم

السفير عزيمان: أحداث الدار البيضاء كانت صدمة.. والقوانين المغربية الرادعة للإرهاب رحيمة

TT

دافع عمر عزيمان، سفير المغرب لدى اسبانيا عن القوانين الرادعة للارهاب التي سنتها بلاده اثر تفجيرات 16 مايو (ايار) 2003 في الدار البيضاء، والتي انتقدتها بعض المنظمات الحقوقية، لما تتميز به من قسوة العقوبات حسب تلك المنظمات . وقال عزيمان، الذي كان يتحدث امس أمام المراسلين الاجانب المعتمدين في العاصمة الاسبانية مدريد، ان القوانين المغربية اذا قورنت بنظيرتها في البلدان ذات الديمقراطيات العريقة، فإنها تعتبر رحيمة . واعترف عزيمان، وهو وزير سابق لحقوق الإنسان والعدل، وفقا لما نقلته وكالة «اوروبا برس» الاسبانية، إن احداث الدار البيضاء الارهابية كانت صدمة للمغرب والمغاربة الذين كانوا يعتقدون انهم في منأى عن خطر الارهاب لأن بلادهم توفر قنوات التعبير عن الأفكار لكل التيارات الموجودة في المجتمع .

وعدد عزيمان الاسباب المساعدة على بروز الارهاب وحصرها في الفقر، والجهل والاقصاء الاجتماعي. ومن هنا شدد سفير المغرب في مدريد على اهمية مبادرة التنمية البشرية التي اطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس بداية الصيف .

واضاف عزيمان «لهذا الاجراء تدابير اخرى كفيلة بالتصدي لظاهرة الارهاب، اهمها فتح الحقل السياسي أمام الحساسيات الفكرية ذات التوجه الاسلامي للتعبير عن نفسها، في اشارة الى حزب العدالة والتنمية الاصولي المغربي، الذي يمارس نشاطه السياسي وهو ذو مرجعية اسلامية، بحرية، ويحترم اصول اللعبة الديمقراطية وقواعدها.

واعرب عزيمان عن انزعاجه من الربط الذي يقام بين الارهاب والاسلام والمسلمين، طالبا من الصحافيين الكف عن هذه الممارسة غير السليمة، اذ ان الامر يتعلق في نظره بمجرمين مدفوعين الى ارتكاب تلك الافعال الشنيعة تحت ذرائع سياسية تستغل الدين الاسلامي .

وتعرض عزيمان في عرضه الصحافي الى مشكلة الهجرة السرية التي اصبح يعاني منها المغرب مثل اسبانيا. وقال بكل صراحة ان بلاده عاجزة عن استيعاب افواج المهاجرين من جنوب الصحراء الذين ينتظرون بالمغرب اللحظة المناسبة للابحار نحو اوروبا، مبرزا ان الاجراء الوحيد القادر على وقف سيل المهاجرين هو برامج دولية لتنمية القارة الافريقية اقتصاديا، وخاصة دول شطرها الجنوبي، ملاحظا ان المغرب تحول في ظرف وجيز من بلد مصدر للمهاجرين، إلى بلد عبور، لكن العابرين يمكثون فيه امام صعوبة تنقلهم الى اوروبا .

واعترف عزيمان ان امكانات بلاده الاقتصادية لا تسمح بتاتا باستيعاب فلول المهاجرين الافارقة، ذاكرا ان نسبة 75% من الذين يريدون العبور نحو اوروبا، هم افارقة، دخلوا الى المغرب عن طريق الاراضي الجزائرية، مشيرا في ذات الوقت الى التعاون القائم بين الاتحاد الاوروبي وبلاده واسبانيا لوقف ظاهرة الهجرة السرية. لكن المراقبة وحراسة الحدود بشدة، اجراءات لا تكفي في نظر السفير، لذلك جدد طلبه بمساعدة دولية لتلك البلدان الافريقية التي مرت في السنوات الاخيرة بظروف اقتصادية قاسية، انتشر معها الفقر والفاقة . وعبر عزيمان في ذات اللقاء الصحافي عن أسفه لأحداث وقعت في الحدود المصطنعة بين بلاده ومدينة مليلية التي تحتلها اسبانيا، وادت الى مقتل بعض المهاجرين، معلنا ان البلدين الجارين يجريان تحقيقات في اسباب ما حدث، طالبا انتظار نتائج التحقيق .

واثار عزيمان مسألة اندماج المهاجرين في بلدان الاستقبال، وقال ان الاندماج لا يمكن ان يتم بالقوة، فالذي يندمج بسهولة هو الذي يرغب في ذلك، مشيرا الى ان عملية الاستيعاب تتطلب مجهودات وقابلية اقتصادات البلدان المستقبلة لذلك، واحتياجها للأيدي العاملة .

وأعلن السفير المغربي ان موضوع الهجرة، سيكون ضمن اجندة اعمال اللجنة العليا الاسبانية ـ المغربية التي ستجتمع في قرطبة واشبيلية يومي 28 و29 الجاري، مشيرا الى حضور وزراء الخارجية والداخلية والعدل والتربية والثقافة والأشغال العامة، وفعاليات اقتصادية، يمثلون البلدين. كما ستستعرض اللجنة العليا ملف جامعة الملكين التي تقرر انشاؤها في مدينة تطوان (شمال المغرب)، لتكون مركزا اكاديميا مغربيا ـ إسبانيا. ولاحظ السفير ان اللجنة المكلفة إعداد مشروع الجامعة التي تحمل اسم «الملكين» محمد السادس وخوان كارلوس، لم تنته بعد الى تحديد هوية المؤسسة الجامعية المنتظرة التي من المفروض ان تكون مخالفة للبنيات الجامعية الموجودة في اسبانيا والمغرب .

وتحدث السفير عزيمان عن سنة المغرب في اسبانيا المقرر اقامتها العام المقبل، ووصفها بأنها تهدف الى التعريف بصورة المغرب الحقيقية وعرضها أمام الاسبان، كما هي، دون زيادة او نقصان .

وفي سياق آخر، أعلن عزيمان ان بلاده ترفض دخول الناشطين الاسبان الموالين لجبهة البوليساريو، الأراضي الصحراوية، لانهم منحازون للاطروحة الانفصالية. بينما يفترض البحث والتقصي شروط النزاهة والموضوعية والحياد، مضيفا انه لا يوجد في الصحراء ما يمكن ان يخفى، كما يزعم الناشطون الاسبان، بدليل ان الصحافيين الاجانب يزورون المحافظات الصحراوية بكل حرية وبدون قيود. واعتبر عزيمان تعيين ممثل خاص لكوفي انان في الصحراء، مؤشرا على تحريك ملف النزاع، شاكرا جهود الحكومة الاسبانية السلمية، موقنا بان حل المشكلة يجب ان يتم في اطار الامم المتحدة .

وقال عزيمان ان اطلاق سراح الاسرى المغاربة لدى جبهة البوليساريو احدث ارتياحا وفرحة في المغرب لكن ذلك الاجراء لا يكفي لوضع حد للمعاناة الانسانية التي يتكبدها الصحراويون في اشارة الى الوضع القائم في مخيمات تندوف حيث السكان محروسون بالسلاح وليست لهم حرية الحركة والتنقل.