«التقدم والاشتراكية» المغربي يتهم «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» بالمس بالديمقراطية بسبب قانون الأحزاب

طالبا تحديد نسبة 10 % من الأصوات المعبر عنها في جميع الدوائر مقابل الحصول على الدعم المالي

TT

اتهم اسماعيل العلوي، الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (مشارك في الحكومة)، حليفيه «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» بـ«المس بالديمقراطية». وقال انهما يقومان بـ«التبوريدة»، (معناها في الدارجة المغربية لعب دور الفرسان التقليديين) بعد ان قدم الحزبان في مجلس النواب (الغرفة الاولى في البرلمان) مذكرة مشتركة تضمنت تعديلات حول مشروع قانون الاحزاب .

ولام العلوي في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» الفريقين النيابيين لحزبي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» لعدم اكتراثهما بطلب نواب «التقدم والاشتراكية» بشأن وضع تعديلات متفق عليها من الاحزاب الثلاثة التي يجمعها تكتل «الكتلة الديمقراطية».

وعبر العلوي عن امتعاضه من التعديلات التي تقدم بها نواب «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» والمرتبطة أساسا بتحديد نسبة 10 % على الأقل من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات التشريعية في جميع الدوائر للحصول على الدعم المالي الذي تمنحه الدولة للأحزاب السياسية بدل 5 % التي كانت مقررة في السابق. واعتبر العلوي هذه النسبة بأنها غير معقولة بتاتا، لكونها لا توجد حتى في أعرق الديمقراطيات، على حد قوله، مقدما مثالا على ذلك ألمانيا واسرائيل.

ويرى العلوى أن ألمانيا لم تحدد نسبة 10%، ومن ثم برزت ثلاثة مكونات في المشهد السياسي هي «الاشتراكي الديمقراطي» و«الاجتماعي الديمقراطي» و«المسيحي الديمقراطي»، كما أن اسرائيل حددت عتبة 1% ، لأن تلك العتبة ـ كما يوضح العلوي ـ مكنت من مشاركة عدد كبير من الأحزاب في المشهد السياسي.

وحذر العلوي حليفيه من مغبة الاصرار، أثناء التصويت على مشروع القانون، على التشبث بمقترح 10 %، وعزا الأمر الى إمكانية حدوث مفاجأة في الانتخابات، إذ رجح إمكانية عدم حصول الحزبين كما جرى في انتخابات 2002 على نسبة 10 % من الأصوات المعبر عنها، معتبرا تصرفهما تمردا على الحكومة وغالبيتها التي كان أمناؤها العامون قد اتفقوا على عتبة 5 % قبل انتخابات 2002 . وحول ما إذا كانت هذه النسبة استصغارا للأحزاب التي تصنف عادة ضمن خانة الأحزاب الصغرى، واعلانا عن نهاية «الكتلة الديمقراطية»، التي سعى «التقدم والاشتراكية» في الاونة الاخيرة على لم شملها، قال العلوي إن ذلك بالفعل هو استصغار، واصفا التعديل السالف الذكر بانه «أسلوب للهيمنة السياسية لا يشرِّف أصحابه»، ملمحا الى ان «الاتحاد الاشتراكي» و«الاستقلال» لم يدركا بعد أهمية استمرار تجمع الكتلة الديمقراطية الذي يضم الأحزاب الثلاثة إضافة الى اليسار الاشتراكي الموحد، في تحصين الانتقال الديمقراطي، والدفاع عن المصلحة العليا للبلاد.

وفي سياق ذلك، رد عبد الحميد عواد، رئيس فريق حزب الاستقلال في مجلس النواب، بالقول إن المنطق استوجب أن يتقدم الفريقان النيابيان للحزبين بمذكرة مشتركة، بعدما سبق لحزبي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» أن تقدما بمذكرة مشتركة الى وزارة الداخلية حول المسودة الأولى لمشروع قانون الأحزاب، وحصل اتفاق بينهما على محاور معينة واقتراحات جريئة، استجابت وزارة الداخلية لغالبيتها، وبرزت تلك التعديلات ـ يضيف عواد ـ في المسودة التي صادق عليها المجلس الحكومي برئاسة إدريس جطور رئيس الوزراء المغربي، والمجلس الوزاري برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، ومن ثم عرضت على أنظار لجنة الداخلية في البرلمان للمصادقة عليها .

وبشأن غياب التنسيق مع نواب «التقدم والاشتراكية» أوضح عواد أنه وإدريس لشكر، رئيس الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي عقدا أول من أمس اجتماعا مشتركا في البرلمان لترتيب التعديلات الجديدة على مشروع القانون، ولم يتم الاتصال من طرف نواب حزب التقدم والاشتراكية للالتحاق بالاجتماع. واعتبر عواد رفع النسبة من 5 % الى 10 % بأنه اجراء مهم نظرا لانه سيساهم في عقلنة المشهد السياسي المغربي، بيد أن عواد أعلن عن امكانية تقليص النسبة أثناء المصادقة على التعديلات المقدمة من قبل الفرق النيابية الى حدود 7.5 % بعد أخذ آراء جميع الأحزاب.

وفي السياق ذاته، تباينت مواقف فرق الغالبية الحكومية، فالفريق النيابي لاتحاد الحركات الشعبية (يضم ثلاثة أحزاب) وضع تعديلاته بتنسيق مع فريق التجمع الوطني للأحرار، وأكد فيها الفريقان على ان نسبة 5 % تبقى نسبة معقولة تضمن مشاركة أحزاب لا تتوفر على الموارد المالية، لكنها تعمل بفعالية في المجال السياسي المغربي، وعلى حد قول النائب محمد كلحسن، من فريق اتحاد الحركات الشعبية، وضع الفريقين تعديلات مشتركة يوحي بإمكانية التنسيق بين الأحزاب الحركية الثلاثة (الحركة الوطنية الشعبية، الحركة الشعبية، الاتحاد الديمقراطي)، والتجمع الوطني للأحرار في انتخابات 2007 . وسار نواب «التقدم والاشتراكية»، الذين يشكلون تحالفا برلمانيا مع «الاشتراكي الديمقراطي» و«العهد»، على نفس المنوال بتأكيد نسبة 5 %، فيما تباينت مواقف أحزاب المعارضة، إذ اقترح فريق حزب العدالة والتنمية الأصولي نسبة 7 %، بينما اقترح الفريق الدستوري الديمقراطي الذي يضم حزبي الاتحاد الدستوري الوطني والديمقراطي نسبة 5 %، ونفس الشيء اقترحته المجموعة النيابية لجبهة القوى الديمقراطية .

ويرى المراقبون أن النقاش حول النسبة المحددة للحصول على الدعم المالي هو تهيؤ لتعديل النظام الانتخابي في إطار ما يعرف دستوريا بملاءمة القوانين، فإذا ما حددت النسبة ما بين 7 و10 % فمعنى ذلك اقصاء الأحزاب الصغرى التي ستصبح مهمتها الجديدة دعمَ تحالفٍ ما لتكوين حكومة منسجمة بأقل عدد ممكن من الأحزاب.