عودة المتاعب القضائية للرئيس شيراك

TT

بعد متاعبه الصحية التي أبعدته عن المسرح الدولي قبل أيام، خصوصا عن قمة الأمم المتحدة في نيويورك واللقاءات عالية المستوى التي رافقتها، يعاني الرئيس الفرنسي الفرنسي جاك شيراك من متاعب قديمة ـ جديدة مع القضاء. فاليوم، ينتظر أن تبت محكمة التمييز في الدعوى المقامة على شيراك من مواطن ومحام باريسي اسمه بيار فرنسوا ديفيه، حول مصاريف الطعام الباهظة لعائلة الرئيس بين عامي1987 و1995، في فترة كان يشغل خلالها رئاسة بلدية باريس، أي عمدتها. غير أن الرئيس طالما بقي في قصر الإليزية فسيبقى في منأى عن أية ملاحقة. والأرجح أن تمنع محكمة التمييز الملاحقة عن الرئيس الفرنسي في جلستها اليوم وتغلق الملف. وكان المدعي العام جاك موتون قد طلب أمس وفي جلسة مغلقة، وفق معلومات قضائية، منع المحاكمة وإغلاق الملف. والدعوى المقامة على شيراك قديمة. وأساسها أن بلدية باريس ادعت أساسا على شيراك وعائلته للمصاريف الباهظة وغير المبررة التي أنفقت خلال 8 سنوات والتي بلغت 14 مليون فرنك، أي ما يعادل 2.13 مليون يورو أخذت من ميزانية البلدية. ووفق الحسابات التي أجريت فإن عائلة شيراك تكون قد أنفقت ما معدله 4000 فرنك أي 600 يورو في اليوم الواحد ثمنا لمشتريات الطعام طيلة ثماني سنوات. وكانت عائلة الرئيس تشغل جناحا من القصر البلدي الموضوع بتصرف العمدة. والعام الماضي، قضت محكمة الاستئناف بالتخلي عن ملاحقة شيراك وعائلته. ولم تستأنف الحكم الجهة المدعية، أي بلدية باريس، مما حفز المحامي بيار فرنسوا ديفيه على التقدم بدعوى باسمه الشخصي بعد أن رفضت المحكمة الإدارية أن يقدم الدعوى نيابة عن بلدية باريس. وخلال ولايته الرئاسية الأولى، عانى الرئيس شيراك من صعوبات مع القضاء في عدة ملفات. والعديد من معاونيه القدامى في بلدية باريس لاحقهم القضاء. ومنهم على سبيل المثال ألان جوبيه، مساعده الأقرب في البلدية ورئيس الوزراء الأسبق الذي حكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ وبتجريده من حقوقه المدنية بما في ذلك الاقتراع والترشح لمدة عام في ملف «الوظائف الوهمية» في بلدية باريس. وكذلك تمت ملاحقة ميشال روسان، مدير مكتب شيراك في البلدية ووزير التعاون الدولي لاحقا في ملف العمولات المقبوضة للحصول على عقود مع البلدية خلال رئاسة شيراك لها.

وحتى الآن، لم تصل العدالة الى الرئيس الفرنسي. وقبل إعادة انتخابه عام 2003، صدر عن المجلس الدستوري الفرنسي المكلف السهر على مؤسسات الجمهورية، إبان رئاسة وزير الخارجية الأسبق رولان دوما له، قرار أفتى بأن الرئيس لا يمكن ملاحقته جزائيا ما دام يشغل منصبه الرئاسي. وبسبب ذلك، فإن شيراك في منأى عن الملاحقة للفترة الممتدة حتى ربيع عام 2007، موعد الانتخابات الرئاسية القادمة. وحتى الآن، لم يكشف شيراك عما إذا كان سيترشح مجددا لولاية ثالثة أم أنه سيفضل الامتناع عن الترشح بسبب المشاكل الصحية التي يعاني منها وبسبب تقدم سنه. ويظن بعض المراقبين أن من بين الأسباب التي قد تدفع بشيراك الى البقاء في الميدان الرئاسي رغبته في الاحتفاظ بحصانته الرئاسية، مما يوفر عليه الكثير من المتاعب مع القضاء. غير أن الوضع أكثر تعقيدا. وفي ظل المنافسة الحادة على الرئاسة بين وزير الداخلية ورئيس حزب الاتحاد من أجل أكثرية نيابية، نيكولا سركوزي، وبين رئيس الوزراء الحالي، دومينيك دو فيلبان، سيكون من الصعب على شيراك إقناع الناخبين في معسكر اليمين والمواطنين الفرنسيين بشكل عام بضرورة ترشحه مجددا بعد أن يكون قد أمضى 12 عاما في قصر الإليزيه وحوالي 40 عاما في المناصب الأخرى متنقلا بين المجلس النيابي والوزرات ورئاسة الوزارة التي تولاها مرتين.