العراق يتراجع إلى مؤخرة البلدان المصدرة للتمور

بعد أن كان الأول عالميا

TT

تعرضت بساتين النخيل في العراق الى تراجع في أعدادها خلال فترة ثلاثة عقود، والاسباب تعود حسب آراء الخبراء والعاملين في مجال النخيل الى التدمير والحرق الذي لحق بساتين النخيل جراء الحروب التي مر بها العراق منذ ثمانينات القرن الماضي، وعمليات التهريب خارج البلاد.

يقول فرعون أحمد، المدير العام لبساتين النخيل في العراق، لـ«الشرق الاوسط» ظل العراق لعقود طويلة «يحتل المرتبة الاولى في تجارة التمور العالمية، وينتج انواعا مختلفة من التمور ذات الاصناف النادرة». واضاف احمد «لقد زادت انواع التمور العراقية خلال فترة الخمسينات لتصل الى 30 مليون نخلة وزهاء 600 نوع من اصناف التمور»، مضيفا ان العراق لم يشهد قيام عمليات تصنيع تستثمر ثروة التمور التي تشكل المرتبة الثانية من ايرادات العراق للعملة الصعبة بعد النفط، عدا بعض المحاولات البدائية والمتواضعة تمثلت في مكابس التمور وتغليفها.

واشار الى تراجع وتناقص كبير في اعداد التمور العراقية خلال الثلاثة عقود الماضية والإهمال الذي شهدته بساتين النخيل وانتشار الآفات الزراعية كالحميرة والدوباس وعناكب النخيل، الى جانب توقف اعمال المكافحة وما تعرضت له بساتين النخيل من أضرار بالغة نتيجة للحروب التي خاضها العراق وتهريب الاصناف النادرة بشكل منظم، وهي من الأسباب التي ادت الى تراجع اعداد الارقام وتدنيها بنحو مخيف جعلت من العراق يتراجع الى مؤخرة الدول المصدرة للتمور بعد ان كان المنتج الاول في العالم.

وكشف احمد عن آخر الاحصاءات في تناقص اشجار النخيل في العراق وقال «كانت اعداد النخيل مطلع الخمسينات تصل الى 32 مليون نخلة منها 17 مليونا في شط العرب جنوب العراق، إلا ان العدد الكلي تراجع الى 24 مليون نخلة مطلع السبعينات ووصل الى 16 مليون نخلة عام 1989. والآن لم يبق من مجموعها في مختلف انحاء العراق سوى 13 مليون نخلة معظمها غير منتج.

وقال المدير العام لبساتين النخيل ان خطة النهوض بواقع التمور في العراق تتطلب توفير الاموال اللازمة من الحكومة ومنظمة الغذاء والزراعة (الفاو) والدول المانحة لزراعة 400 دونم ببساتين امهات النخيل في عدد من المحافظات العراقية وانشاء 170 دونما من مشروع مشاتل الفسائل، في حين العمل جار حاليا لإنشاء 35 دونما للاستثمار وتنفيذ مشروع البساتين الأهلية يؤمل منه تجديد البساتين القديمة الى جانب توفير الفسائل مجانا والإشراف على متابعتها حتى الإثمار. واستخدام التقنيات الحديثة من المختبرات لزراعة الانسجة والهندسة الوراثية لتتولى عمليات الاكثار السريع لأصناف النخيل واستخدام البصمة الوراثية للتحقق من مطابقتها للصنف.

يقول محمد عبد الحسن (مهندس زراعي) ان عمليات تهريب النخيل لا تقل اهمية من تهريب النفط والآثار وغيرها من ثروات البلاد. واكد وجود تكاثر لأعداد النخيل في بعض بلدان الخليج العربي، وبأصناف نادرة لم تكن متوفرة إلا في العراق.

من جهتها، ستقوم الحكومة العراقية بإقامة مهرجان النخيل والتمور في محافظة كربلاء وبمشاركة 13 محافظة عراقية تشتهر بزراعة التمور وإكثارها، وللحد من العبث والتجاوزات التي طالت معظم بساتين النخيل والضرر الذي لحق بالاقتصاد العراقي جراء تعرض معظم بساتين النخيل إلى الإزالة في المدن التي تشهد أعمالا مسلحة، وإحراق أعداد كبيرة منها في المواجهات وأعمال العنف.

وقال مصدر في وزارة الزراعة العراقية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة العراقية قررت تنظيم المهرجان لإعمار مساحات بساتين النخيل التي تعرضت للتدمير والإزالة والحرق خلال الثلاثة عقود الفائتة.