بوش وجولياني يتجندان لمصلحة شارون في معركته ضد نتنياهو

الانقسام في الليكود بات حقيقة واقعة وسيؤدي إلى انقسام في حزب العمل

TT

تجند كل من الرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس السابق لبلدية نيويورك، رودولف جولياني، لصالح رئيس الوزراء الاسرائيلي، أرييل شارون، في معركته الداخلية في حزب الليكود، التي يصارع فيها على كرسي الرئاسة.

ويبدو ان هذه المعركة، التي ستحسم يوم الاثنين المقبل، ستفضي الى انقسام داخل هذا الحزب. ومن المتوقع أن يؤدي انقسام كهذا الى تغيير كبير في تركيبة الخريطة الحزبية بمجملها في اسرائيل ويقود حتى لانقسام في حزب العمل.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية الواسعة الانتشار، أمس، نتائج استطلاع رأي آخر يتعامل مع الانقسام المتوقع كما لو انه حقيقة واقعة. ودل الاستطلاع على ان الحزب الذي قد يقيمه شارون في حال انسحابه من الليكود سيصبح الحزب الأكبر في اسرائيل، اذ سيحظى بـ 36 مقعدا (من مجموع 120 مقعدا) في الكنيست، بينما سيحصل حزب العمل على 16 مقعدا (له الآن 19 مقعدا)، وسيهبط حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو الى 14 مقعدا (له الآن 40 مقعدا) وسيحصل حزب شنوي برئاسة يوسف لبيد على 8 مقاعد فقط بدلا من 15 مقعدا حاليا.

يذكر ان المجلس المركزي لحزب الليكود سيلتئم بعد غد وعلى مدى يومين في تل أبيب، بناء على طلب منافسي شارون، عوزي لانداو وبنيامين نتنياهو، وذلك لبحث ما أسمياه انحراف شارون عن مبادئ ومواقف الحزب. وسيختتم المجلس بالتصويت على مشروع لانتخاب رئيس جديد للحزب بعد شهرين.

ويقف شارون بكل قوته ضد هذا الانتخاب ويقول انه لا توجد حاجة ولا منطق في اجراء انتخاب كهذا وان المعنى الوحيد للانتخاب هو الاطاحة به كرئيس للحكومة. ورفض شارون حتى الآن الحلول الوسط في الموضوع، التي اقترحت اجراء هذا الانتخاب في فبراير (شباط) المقبل، مما يعني تقديم موعد الانتخابات العامة بسبعة أشهر (مقرر اجراؤها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006). بل انه هاجم وزير الزراعة، يسرائيل كاتس، ورئيس كتلة الليكود في الكنيست، جدعون ساعر، اللذين اقترحا التأجيل واعتبر اقتراحهما «وقاحة بلا حدود». وقال ان الانتخابات يجب أن تجري في موعدها المقرر وأي تقديم للموعد يعني أمرا واحدا هو اقالتي من رئاسة الحكومة.

وتفيد استطلاعات الرأي بأن معارضي شارون ما زالوا يتمتعون بتأييد أكثرية أعضاء المجلس المركزي البالغ عددهم حوالي 3000 عضو، لكن هذه الأكثرية تقلصت الى حد كبير لتصبح 45.5% مقابل 43.6% (حسب استطلاع آخر أجرته «هآرتس» بين صفوفهم بلغت النسبة 45.5% مقابل 40.3%). ويفسر المراقبون هذا الاختلاف في النتائج بين الاستطلاعين على انه ناجم من امتناع بعض أعضاء المركز عن كشف موقفهم حتى لا يتعرضوا للضغوط من أحد المعسكرين.

وتدور رحى المعركة بين شارون ومنافسيه حاليا على موضوع واحد هو: ما الذي سيفعله شارون بعد التصويت. فالمنافسان يتهمانه بالتخطيط للانسحاب من الليكود وتشكيل حزب آخر. وشارون يرفض أن يتعهد بألا ينسحب ويقول: يريدون طردي من الحزب ويطالبونني بأن أظل أقدم لهم أشياء مقابل هذه الإقالة. وهذا هو منتهى الوقاحة.

إلا ان نتنياهو يتهم شارون بالتخطيط لترك الليكود في كل الأحوال، حتى لو انتصر في يوم الاثنين وحصل على أكثرية الأصوات في المجلس المركزي. وينجح نتنياهو، بهذا الادعاء، في تجنيد أوساط واسعة داخل الحزب وقيادته. اذ ان الخوف من ترك شارون للحزب بات عارما ويثير غضبا شديدا ضده.

ويلاحظ ان الرئيس الأميركي قرر المساهمة في المعركة لصالح شارون، إذ امتدحه مرة أخرى في الليلة قبل الماضية أمام الملأ. ففي لقاء مع قادة المنظمات اليهودية الأميركية المنتمين الى الحزب الجمهوري، الذين احتفلوا بمرور 20 سنة على تأسيس منظمتهم، قال انه معجب بشارون الى حد كبير ويعتبره قائدا فذا وسياسيا مبدعا. وأوضح انه، أي بوش، كان على اطلاع على خطة الفصل (التي بسببها اشتعلت الحرب داخل الليكود ضد شارون) منذ البداية. وانه حال سمع عنها قال لشارون: «أنت وأنا نسير بها معا». وأضاف بوش، ان هذه الخطة تدل على التفكير الخلاق عند شارون، فهو رجل حلم وسلام.

وكان واضحا ان بوش يوجه كلماته هذه الى آذان أعضاء المجلس المركزي لليكود، اذ يقول لهم عمليا انه هو الذي يقف وراء شارون ويدعمه في خطة الفصل. من جهة ثانية تلقى شارون دعما من رئيس بلدية نيويورك السابق، جولياني، المحبوب جدا في اسرائيل. فهو يهودي بارز ولدى رئاسته للبلدية اهتم كثيرا في الشأن الاسرائيلي ودعم قوى اليمين، ويتوقعون له في اسرائيل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة. وحضر لاسرائيل في اطار جولة المحاضرات التي يقوم بها في العالم حول سبل مكافحة الجريمة والصمود في وجه الملمات الصعبة. وانتهز الفرصة ليعلن دعمه لشارون ضد نتنياهو بشكل صريح فقال: «أنا أحد المعجبين الشديدين بشارون، فهو أحد الزعماء القلائل في العالم الذين يضعون مصلحة دولتهم فوق مصلحتهم الشخصية. وهو شجاع وقوي وحازم. وأما نتنياهو فهو صديقي وأنا أحترمه وقدم لاسرائيل أشياء رائعة، ولكنه ما زال شابا والمستقبل أمامه».