سعود الفيصل: العراقيون يشتكون من التدخل الإيراني... والوضع خطير للغاية

TT

حذر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من المخاطر التي تواجه العراق، وعلى رأسها التهديد بتفكيك اراضيه، والتدخل الخارجي في شؤونه الذي يثير مخاوف من صراع أوسع في المنطقة. وكان الأمير سعود الفيصل واضحاً بانتقاده التدخل الايراني المالي والسياسي والعسكري في المناطق العراقية المحاذية لايران. وقال في تصريحات لصحف أميركية امس بأن «العراقيين يشتكون من تدخل من جانب ايران»، مضيفاً: «ان ذلك يشمل دخول الاشخاص والاموال والاسلحة والتدخل في الحياة السياسية». وأكد انه بحث التدخل الايراني مع مسؤولين اميركيين اثناء زيارته للولايات المتحدة. محذراً: «اذا صح ان هناك تدخلا وخصوصاً في المحافظات المجاورة لايران فان ذلك سيكون من الخطورة بمكان». وقال وزير الخارجية السعودي اثر لقاء مع نظيرته الاميركية كوندوليزا رايس في مقر وزارة الخارجية: «بحثنا الوضع في العراق وضرورة وقف التدخلات الاجنبية في الشؤون الداخلية العراقية».

وكان الامير سعود قال في كلمة ألقاها أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك: «طوائف الشعب العراقي معزولة كلا منها عن الاخرى، انكم تتحدثون الآن عن السنة كما لو كانوا كيانا منفصلا عن الشيعة». وكان الامير سعود الفيصل صارماً بالتحذير من التدخل الايراني في العراق. وقال: «لقد خضنا معاً حرباً لإبعاد ايران عن العراق بعد طرد العراق من الكويت»، مشيراً الى حرب الخليج عام 1991، عندما شاركت السعودية في تحالف عسكري قادته الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي. وأضاف: «الآن نسلم البلاد كلها لايران من دون مبرر». وتابع «ان الايرانيين يذهبون الى المناطق التي تؤمنها القوات الاميركية، ويدفعون أموالاً وينصبون اناسهم، بل وينشئون قوات للشرطة ويسلحون الميليشيات التي هناك». وأضاف، في انتقاد واضح للقوات المتعددة الجنسية في العراق: «هم يحتمون اثناء قيامهم بكل هذا بالقوات البريطانية والاميركية». وحذر الامير سعود من ان «العراق في وضع خطير للغاية ووضع ينطوي على تهديد بالغ». وأكد ان تفكيك وانقسام العراق هو ما يقلق المملكة العربية السعودية ويقلق جميع جيران العراق، لأن ذلك سيجر الدول المجاورة إلى النزاع.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية في عددها أمس عن سعود الفيصل، انتقاده بعض القرارات الاميركية، خصوصاً تلك التي جعلت من «كل سني مجرماً بعثياً» بعيد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقال الامير سعود ان الانقسام السني ـ الشيعي لم يظهر في عهد نظام صدام، لكنه ظهر عندما قامت سلطة الاحتلال التي أعقبت الحرب بحل الجيش العراقي ومنعت اعضاء حزب البعث من تولي الوظائف والمناصب القيادية. واضاف أن السنة العراقيين يريدون فقط وظائف وضمانات امنية. وحث الغالبية الشيعية التي تسيطر الآن على معظم السلطة السياسية في العراق على أن يمدوا أيديهم للسنة ويعملوا على ضمان أن يكونوا «مواطنين متساوين».

وقال الامير سعود، ان ادارة بوش والحكومة السعودية متفقتان على ان العراق يجب أن يكون حراً ومزدهراً وموحداً. لكنه اضاف انه عندما أثار مخاوفه بشأن تزايد الانقسامات السياسية، اشار المسؤولون الاميركيون الى ان الكثيرين كانوا قد شككوا في حكمة إجراء انتخابات في العراق والتي سارت على ما يرام وأبدوا ثقة في أن الدستور سيكون ناجحا ايضاً.

وجدد وزير الخارجية تحذيره من خطورة الوضع في العراق، معرباً عن ألمه من أن الولايات المتحدة لم تنصت لنصائح أصدقائها في المنطقة. وقال إن ما يجري حاليا في العراق يعطي الانطباع بأن العراق يسير تدريجياً نحو التفكك، حيث يبدو انه لا توجد قوة محركة لجمع الشمل العراقي، اذ تدفع القوى المحركة للتباعد بين الفئات العراقية فيما يبدو. ولاحظ ان الموقف الخاص بالأكراد في العراق ليس جديداً، ولا يمثل تهديداً لوحدة العراق وسلامة أراضيه.

واعتبر وزير الخارجية السعودي ان الاستفتاء على الدستور والانتخابات المقبلة لن يؤديا وحدهما الى توحيد العراق. وأكد ان تقسيم العراق الى دويلات كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب، «سيجر دولاً اخرى في المنطقة الى النزاع». وقال الامير سعود الفيصل: «ليس هناك اي ديناميكية موجودة حاليا يمكنها ان توحد» العراق، مشيراً الى ان ما يحصل هو العكس. ورأى ان جميع الآليات المطبقة حاليا «تشرذم البلد». وخلص الى القول: «ان الوضع خطير جداً ومنذر جداً بالعواقب».

وعن علاقات السعودية مع إيران، قال وزير الخارجية السعودي إن إيران دولة عريقة ولها امكانات بأن تكون قوة من اجل الاستقرار في المنطقة وعلاقات بلاده بها صريحة ومنفتحة. ورداً على سؤال عن موقفه من التدخل الإيراني في العراق، قال سعود الفيصل: «العراقيون يشتكون من تدخل من جانب ايران يشمل دخول الاشخاص والأموال والأسلحة والتدخل في الحياة السياسية، واذا صح ان هناك تدخلاً وخاصة في المحافظات المجاورة لإيران، فان ذلك سيكون من الخطورة بمكان».

من جهة اخرى، وصف وزير الخارجية السعودي علاقات بلاده بدمشق بانها «جيدة»، مضيفاً ان «المملكة من خلال مجموعة الدول المجاورة للعراق تهدف الى منع تدخل الدول المجاورة في شؤون العراق الداخلية والى مساعدة الحكومة العراقية على الحفاظ على وحدة وسلامة العراق».

وأعرب الامير سعود عن امله «في الا تكون ايران راغبة في حيازة سلاح نووي»، مضيفاً ان «المملكة تفضل نهج الحوار». ووصف ايران «بأنها تقبل الاستماع والأخذ والرد بديلا عن المواجهة». وعن اسرائيل، قال سعود الفيصل في تصريحات نقلتها «اسوشييتد برس» الأميركية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لم يبد نوايا حسنة بعد الانسحاب من غزة، بل أبدى تحدياً في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة.