إيران تعتبر إحالة ملفها إلى مجلس الأمن «مواجهة» ومفاوضات في وكالة الطاقة لحل «توافقي»

طهران تتوقع ارتفاع سعر برميل النفط إلى 100 دولار في حال فرض عقوبات عليها

TT

اعلن مساعد رئيس مجلس الامن القومي الايراني جواد وعيدي، ان ايران ستعتبر اقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية احالة ملفها النووي الى مجلس الامن الدولي بمثابة اعلان «مواجهة» مع ايران.

وجاءت التصريحات بعدما ذكرت مصادر دبلوماسية في فيينا أمس ان الاوروبيين، الذين يسعون الى دعم واسع من اجل توجيه تحذير قوي الى ايران، يرغبون بإحالة مشروع توافقي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانه اذا لم يتم التوصل الى اتفاق على هذه الصيغة، يحال مشروع قرار متشدد يطلب احالة الملف الايراني الى مجلس الامن الدولي.

وقال وعيدي للصحافيين «سنعتبر الامر بمثابة مواجهة لان النصين يشيران الى مجلس الامن». ويأتي ذلك فيما حذرت طهران رسميا من ان فرض عقوبات عليها على خلفية ملفها النووي سيدفع سعر برميل النفط الى المائة دولار.

وقال رئيس قوات الحرس الثوري الجنرال يحيى رحيم صفوي في خطاب ألقاه امام المصلين أمس فى طهران «ان أي عقوبات تفرض على ايران يمكن ان ترفع سعر برميل النفط الى مائة دولار». وتعتبر ايران ثاني منتج في اطار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك). وأضاف الجنرال صفوي «ان اي ضغط اقتصادي او سياسي على ايران من قبل اي قوة سيدفع ايران الى الرد بقوة». وتابع قائلا ان طهران «تتمتع بامكانات دفاع صلبة لا تقهر وتستطيع الرد ومهاجمة مصالح الاعداء في اماكن بعيدة». وقد التقى مندوبو الاتحاد الاوروبي بدعم من الاميركيين قبل ظهر أمس مندوبي دول عدم الانحياز الذين يفضلون ابقاء الملف الايراني للنقاش فى اروقة وكالة الطاقة الذرية في فيينا ومحاولة التوصل الى صيغة توافقية، بدلا من الاحالة الى مجلس الامن التي يخشون من انها ستؤدي الى رد فعل عكسي من طهران، قد يتضمن الانسحاب من وكالة الطاقة الذرية. والتقى مندوبو دول عدم الانحياز وبينها ايران، في وقت لاحق امس بشكل منفصل سفيري الصين وروسيا. وأعلنت هاتان الدولتان خلال الايام الماضية رغبتهما بابقاء الملف قيد المعالجة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويسعى الاتحاد الاوروبي الى بقاء «المجتمع الدولي موحدا» حول هذا الموضوع، بحسب ما اوضح وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي. غير ان الانشقاقات تتزايد بشكل كبير. فروسيا اعلنت أمس انها تريد تخفيف حدة قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة ان روسيا اقترحت مسودة قرار منقحة في محاولة للتغلب على الخلاف بالوكالة الدولية. وتحذف المسودة الروسية التي حصلت عليها «رويترز» أي نص يمكن ان يجبر الوكالة الدولية على احالة ايران الى مجلس الامن الذي يمكن ان يفرض عقوبات وتعلن بدلا من ذلك أن طهران غير ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي.

وحول الاقتراح الروسي قال دبلوماسي ينتمى لاحدى القوى الاوروبية الثلاث الكبرى بالاتحاد ، وهي بريطانيا وفرنسا والمانيا «سيرغبون في أن ندعمهم». لكنه قال ان استخدام مصطلح غير ملتزمة «غير قابل للتفاوض» بالنسبة للاوروبيين.

ويرى المراقبون ان السياسة الروسية تخضع بالمقام الاول لاعتبارات اقتصادية ، حيث يتوقع ان تجني موسكو ما لا يقل عن 800 مليون دولار من بناء محطة بوشهر في جنوب ايران، فضلا عن تصدير الوقود الى ايران في المستقبل واحتمال الفوز بعقود اخرى مماثلة.

وقال فكتور كريمنيوك نائب مدير معهد الولايات المتحدة وكندا لوكالة الصحافة الفرنسية «يجب انقاذ الصناعة النووية الروسية المهددة مثل صناعات الطائرات لدينا التي تزول لعدم توافر الاسواق لها». وأضاف «يجب تنفيذ العقد مع ايران لكسب المال ومن اجل تحديث الصناعة النووية».

كذلك ينبع الموقف الروسي عن عوامل جيوسياسية تندرج في اطار معارضة الكرملين قيام عالم احادي القطب يحكم من واشنطن. ويلقى هذا الحرص الروسي على منع قيام قطب واحد جذوره في السياسة الداخلية، حيث ان المواطن العادي وبعض احزاب المعارضة في روسيا يرون في الولايات المتحدة السبب خلف العديد من مشكلات البلاد ويتهمون الكرملين باظهار الكثير من التجاوب مع الاميركيين.

واعتبر فلاديمير افسييف الخبير في منع الانتشار النووي في «مركز كارنجي» في موسكو ان روسيا تسهر ايضا على مصالحها السياسية في المنطقة. وقال «ان ايران لها حدود مع روسيا، وايران مجاورة لتركيا. وروسيا ليس لها أي مصلحة في ان يكون لها اعداء عند حدودها. وتريد اقامة علاقات جيدة مع طهران» تشمل التعاون بينهما في حوض بحر قزوين.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس على الموقف الروسي. وقال للصحافة في موسكو «ليس هناك اي توصية توحي باستنفاد سبل مناقشة هذه المسألة في اطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانه يتحتم اشراك هيئات اخرى فيها ومنها مجلس الامن الدولي»، في اشارة الى التقرير الاخير الذي قدمه مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي حول هذا الملف. وقال لافروف «ليس لدينا ايضا مؤشرات من مصادر اخرى تسمح بالتحدث عن وجود خطر يقوم على وقائع حقيقية وخطر يهدد نظام منع انتشار الاسلحة النووية».

وتؤكد روسيا بشكل متكرر معارضتها الحازمة لانتشار الاسلحة النووية سعيا منها لطمأنة الولايات المتحدة وهو ما اكده قبل اسبوع ايضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امام نظيره الاميركي جورج بوش في واشنطن، غير انها تعتبر ان ايران لا تشكل خطرا بهذا الصدد.

ويتباين هذا الامر مع الموقف الروسي السابق الذي اوحى بان موسكو تقر ضمنا بمثل هذا الخطر، حيث دفعت طهران في فبراير (شباط) الى ابرام اتفاق ينص على اعادة الوقود النووي المستعمل لمنعها من استخدام اليورانيوم المخصب لاهداف تتخطى انتاج الكهرباء. وقال كرمنيوك «ولو كانت ايران تملك القنبلة؟ فليكن، فان الهند والصين يملكانها. نحن لا نخاف ذلك، فليخف منه الاميركيون».