رئيس الوزراء المغربي دعا العاطلين لوجبة غداء وأشركهم في مناظرة «مبادرات التشغيل» واعتبرهم «خبراء» في المجال

جطو حاور بخفة دم عاطلين طالبوه بتوفير عمل لهم

TT

لم يحضر إلى مناظرة «مبادرات التشغيل»، التي احتضنها قصر المؤتمرات بالصخيرات (جنوب الرباط) خلال اليومين الماضيين، الوزراء ورجال الأعمال والسياسة فقط، بل جاء العاطلون أيضا إلى مقر المناظرة، ووقفوا أمام قصر المؤتمرات، والعديد منهم يحملون نسخا من شهاداتهم الجامعية. وقفوا ينظرون من وراء الأبواب الحديدية وسيارات رجال الأمن، التي طوقت قصر المؤتمرات، إلى مسؤولين حكوميين وفاعلين اقتصاديين، يرتدون ربطات عنق وبدلات أنيقة مضمخة بعطور فواحة، يتبادلون التحايا، وينقسمون إلى مجموعات تتحدث عن أزمة التشغيل في المغرب أو عن النتائج التي يمكن أن تخرج بها مناظرة روج لها اعلاميا منذ شهور. كان على العاطلين أن يظلوا على هذه الحال مدة ساعات، قبل أن يأتي الفرج، بعدما أذن لهم الوزير الأول (رئيس الوزراء) ادريس جطو بالدخول الى حديقة قصر المؤتمرات، من أجل تناول وجبة الغداء مع المشاركين. دخلوا بعزم إلى الحديقة يحملون في قلوبهم حلما كبيرا اسمه «الشغل».

وقف جطو بعد وجبة الغداء، أمام الباب الداخلي لقصر المؤتمرات، وفي لمح بصر أحاط به العاطلون من كل جانب. وبدأ جطو اللقاء طالبا من أحد رجال الأمن الذي هب لحمايته بجسده الضخم الابتعاد، مشيرا إلى أنه وسط أبنائه ولا يخشى منهم، كما أنه تصرف بخفة دم حالت دون حدوث مشاكل، خلال اللقاء بين العاطلين ورئيس وزراء الحكومة المغربية، فجطو الذي ظل يصغي إلى كلام العاطلين، قال لهم «عندما سمعت بوجودكم في الخارج طلبت منهم أن يدخلوكم من أجل تناول وجبة الغداء، فعلى الأقل سيقولون إن العاطلين تناولوا وجبة الغداء، ولم يضربوا»، آنذاك انفجر الجميع ضحكا، وأضاف جطو «سندعوكم إلى المشاركة في مناظرة مبادرات التشغيل، لأنكم خبراء في هذا المجال».

كان جطو يرمق بنظرة حادة جميع من حوله، ويبتسم في وجه الكاميرات التي حاصرته من كل جانب، وبادره أحد العاطلين قائلا بصوت لا يخلو من غضب «إنهم يحاكموننا الآن في أزيلال لكوننا نحتج على حقوقنا، نحن ضحايا البطالة، لقد حولونا الى متهمين»، وكعادته حافظ جطو على هدوئه وترك الشاب العاطل يعبر عما يجول في خاطره إلى أن فرغ من الكلام، فرد عليه جطو قائلا: «أنا أول وزير في حكومة صاحب الجلالة، ويمكنني أن أتدخل في جميع الميادين، ما عدا العدالة، هذا أمر لا طاقة لي به».

وبمجرد ما أنهى جطو كلامه، خاطبه عاطل آخر سائلا «وماذا عن ضحايا عملية النصب في ملف ضحايا شركة النجاة؟»، التفت جطو صوب صاحب السؤال وعقب بهدوئه المعتاد وابتسامة خفيفة على شفتيه «نحن أيضا ضحايا النجاة»، فاهتز الجميع ضاحكا مرة أخرى بعدما سمعوا جواب رئيس الوزراء غير المتوقع. نظر جطو صوب أحد العاطلين المعاقين وخاطبه «سنحاول ايجاد فرص شغل للمعاقين تناسب قدراتهم الجسمانية»، وبسرعة بديهة أجابه المعاق «يا سيادة الوزير الأول هناك عاطلون معاقون يستطيعون الركض أسرع من رجال الأمن الذين يطاردونهم»، جلجلت ضحكات العاطلين وجطو في سماء الصخيرات، قبل أن ينفض جمع انعقد من دون ترتيب. ومن غريب الصدف، أنه بينما كان جطو يوزع ابتساماته على العاطلين طلب من مساعديه الأقربين منحهم صفة مشاركين في مناظرة التشغيل، كان وسط مدينة الرباط يغلي بعاطلين آخرين تفرقوا في مجموعات على امتداد شارع محمد الخامس مرددين شعارات، مثل «جطو يا مسؤول، أين هي الحلول؟»، ثم تشابكوا مع رجال الأمن الذين لاحقوهم في محاولة لاخماد حملة مضادة لـ«مبادرات التشغيل» التي يقود دفتها جطو شخصيا.