الهلع يخيم على أميركا.. والسكان يهربون من ساحل تكساس مع اقتراب الإعصار «ريتا»

عالم بريطاني يلوم السياسة البيئية لحكومة بوش

TT

لقي 24 شخصا من الهاربين من إعصار «ريتا» مصرعهم في حادث حريق شب في حافلة كانت تقل 45 راكبا من سكان المناطق المنكوبة في ولاية تكساس.

وقال متحدث باسم السلطات المحلية في ولاية تكساس إن الحافلة كانت تتجه بالركاب على طريق «غريد لوك» السريع بالقرب من مدينة دالاس عندما وقع الحادث. وأضاف «إن الطريق كان مزدحما بالفارين من مناطق يهددها الإعصار.. والركاب هم من مأوى للعجزة وقد يكون وجود عدة قوارير اوكسجين في الحافلة ساهم في هذا الانفجار».

وقالت مصادر طبية إنه تم نقل المصابين إلى مستشفى في مدينة دالاس ولكن معظم الوفيات نجمت عن الاختناق بالدخان الذي تسبب به الحريق.

ويأتي هذا الحادث فيما تشهد الطرقات، التي تربط هيوستن كبرى مدن ولاية تكساس بشمال الولاية، زحمة خانقة بسبب قيام اكثر من مليون شخص بالنزوح بسبب وصول «ريتا».

وفي تطور لاحق أغلق ميناء هيوستن الدولي امس، في إجراء أمني ضد إعصار ريتا الذي يتوقع أن يضرب المنطقة بحلول الساعة 1200 بتوقيت غرينتش اليوم السبت وأخلت شركة الطيران الاميركية أسطولها من الطائرات من هيوستن واستبدلتها بطائرات أكبر حجما حتى تستوعب ضغط المسافرين الذين يسعون لمغادرة المنطقة قبل تعرضها للعاصفة التي صنفت من الفئة الرابعة والتي وصفت بأنها ثالث أعتى إعصار مسجل يضرب الولايات المتحدة.

وبعد الاضرار والخسائر الجسيمة التي خلفها الاعصار كاترينا كان الهلع مسيطرا على اميركا مع اقتراب الاعصار ريتا الذي يضرب خليج المكسيك، فيما تشهد سواحل تكساس المهددة بشكل مباشر حركة نزوح سكاني كثيفة.

وحذر المركز الوطني للاعاصير من ان الاعصار ريتا الذي يتوقع ان يضرب السواحل الاميركية ليل الجمعة او فجر السبت هو «اعصار ضخم» و«قد يكون كارثيا».

وتراجعت قوة الاعصار ريتا بشكل طفيف امس فانخفضت من الدرجة الخامسة التي تمثل الحد الاقصى الى الدرجة الرابعة على سلم سافير ـ سمبسون، غير انه ما زال يتقدم مصحوبا برياح تصل سرعتها الى 240 كلم في الساعة.

وبعد اقل من شهر على الاعصار كاترينا، سجلت طوال يوم امس حركة نزوح كثيفة لمئات الآلاف من سكان الهلال الممتد من كوربس كريستي (تكساس) الى نيو اورليانز (لويزيانا) ما ادى الى ازدحام خانق في حركة السير. وتوفيت امرأة مسنة من شدة الاعياء وسط ازدحام في تكساس.

ووصل الاعصار ريتا في الساعة (00.22 ت غ) على مسافة 565 كلم جنوب شرقي مرفأ غالفستن الصغير في تكساس حيث يتوقع ان يحل اذا واصل مساره، فيما يحتمل ان تعصف رياح عنيفة بمدينة هيوستن القريبة الواقعة على مسافة ثمانين كلم شمال غربي غالفستن.

وبلغت سرعة الرياح القصوى في وسط الاعصار امس 230 كلم في الساعة مع حدوث عصفات اقوى وامتدت الرياح الاعصارية القوية الى مسافة 95 كلم من وسط ريتا. وفي غالفستن التي سبق ان شهدت اعصارا تاريخيا عام 1900 خلف ثمانية الاف الى 12 الف قتيل، فضل جميع السكان الرحيل سواء في سيارات او على دراجات او في حافلات مدرسية تمت مصادرتها ويبدو ان حتى الاكثر تعنتا واصرارا على البقاء بينهم، فضلوا هذه المرة الامتثال لاوامر اخلاء المنطقة، وقال ستيف لوبلان العضو في المجلس البلدي انه تم اخلاء المدينة بنسبة 90%.

وقال «يهيأ لي انني في مدينة اشباح لكن هذا الامر جيد». وامتد ازدحام السير على الطريق العام الساحلي على طول مئات الكيلومترات وكانت السيارات متلاصقة وتتقدم ببطء شديد عند مخارج هيوستن التي دعي سكان مناطقها المهددة بفيضانات الى الرحيل.

وعبر مدير المكتب الفدرالي لادارة الازمات بالوكالة عن تفاؤله بشأن عمليات اجلاء السكان بالرغم من الصور التي بثتها وسائل الاعلام عن طرقات عامة تحولت الى ما يشبه مواقف للسيارات من شدة الازدحام.

وقال ديفيد بوليسون «ما زلنا نشعر بانه سيتسنى لنا وضع هؤلاء الاشخاص في مأمن». وفيما خيمت مخاطر وقوع كارثة جديدة بشرية وبيئية ومالية على البلاد، اكد الرئيس جورج بوش ان السلطات «تستعد للأسوأ على جميع مستويات الحكومة».

وقال بوش انه تم حشد قوات وتخزين مؤن وموارد في المنطقة، بينما اعلن البنتاغون عن ارسال مروحيات واختصاصيين في الاتصالات الى تكساس. وينتظر وصول بوش الى تكساس.

وفي لندن، قال السير جون لوتون، رئيس الهيئة الملكية للتلوث البيئي ان الاحتباس الحراري هو السبب الرئيسي في مثل هذه الاعاصير. واضاف لصحيفة «الاندبندنت» البريطانية ان كل الاحصاءات والدراسات قد تنبأت بان تزداد حدة الاعاصير بسبب ارتفاع درجة حرارة البحار. واضاف لوتون فيما يشبه اللوم لحكومة الرئيس بوش وقال انها اتخذت مواقف غير مبالية من تغير المناخ واثارة البيئية، واضاف «اذا كان هذا الاعصار سيجعل حكومة الرئيس بوش تدرك المشاكل الناجمة من الاحتباس الحراري فان ذلك سيكون نتيجة جيدة لحادث مأسوي».

ويتقدم الاعصار ريتا في خليج المكسيك بسرعة تقارب 17 كلم في الساعة بعد ان طاول اطراف كوبا وارخبيل كيز جنوب فلوريدا.

وبالرغم من ان احتمال انحراف الاعصار عن مساره ما زال متوقعا، فقد اعتبر القسم الاكبر من سواحل تكساس ولويزيانا بما في ذلك نيو اورليانز مناطق مهددة.

وبدأت اولى الامطار الغزيرة المرافقة للاعصار تنهمر بعد ظهر أول من امس على نيو اورليانز التي كانت تتوقع التعرض لما يوازي عاصفة استوائية وفيضانات جديدة. ومع اقتراب الاعصار توقف نحو 92% من الانتاج النفطي في خليج المكسيك، وفق آخر تقرير يومي اصدره جهاز ادارة المعادن التابع لوزارة الداخلية.

كما يهدد الاعصار بضرب الانتاج الكيميائي الاميركي الذي يتركز نصفه في المنطقة المعرضة، الامر الذي قد تترتب عنه عواقب اقتصادية وبيئية هائلة.

واعلنت شركتا كونتيننتال ايرلاينز وساوثوست ايرلاينز الاميركيتان تعليق رحلاتهما من والى هيوستن ابتداء من بعد ظهر الجمعة وحتى صباح الاحد، كما اغلقت وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) موقعها.

وكان الاعصار كاترينا الذي بلغت قوته اربع درجات اوقع نحو 1069 قتيلا في نهاية اغسطس (اب) في لويزيانا والاباما وميسيسيبي وقد اجتاح نيو اورليانز التي غرقت في الفيضانات. والى الشرق اعلنت مسيسبي حالة الطوارئ بسبب تغيير مسار الاعصار ريتا واحتمال ان يسبب امطارا غزيرة وفيضانات وعواصف رعدية.

وبينما يهدد ريتا صناعة النفط في المنطقة قالت شركة اكسون موبيل انها ستغلق منشأة بايتاون في تكساس وهي أكبر مصفاة نفط أميركية اضافة الى منشأة في بومونت التي تقع على بعد 144 كيلومترا الى الشرق.

وتنتج منطقة الخليج البحرية ثلث النفط الاميركي. وبهذا الاغلاق يرتفع الى 13 عدد مصافي التكرير الأميركية التي توقفت عن العمل بسبب الاعصار كاترينا والاعصار ريتا اللذين اغلقا 29 في المائة من طاقة المصافي الأميركية وزادت المخاطر من حدوث نقص خطير في البنزين في الايام المقبلة.