خلاف بين السياسيين المغاربة حول قانون الأحزاب يؤشر إلى تحالفات جديدة مقبلة

«الاستقلاليون» قد يتنازلون عن سقف 10 % والإسلاميون يقترحون7 %

TT

لم تتوصل الفرق النيابية لأحزاب الغالبية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان المغربي) الى اتفاق حول التعديلات التي تقدمت بها حول مشروع قانون الأحزاب السياسية، إذ ظلت المواقف متباينة بخصوص شروط تحصيل التمويل العمومي من قبل الدولة، إذ اقترح فريقا «الاتحاد الاشتراكي» و«الاستقلال» نسبة 10 % من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات للحصول على منحة مالية من الدولة، فيما تشبث فريقا «التحالف الاشتراكي» ويضم ثلاثة أحزاب، و«اتحاد الحركات الشعبية» الذي تقدم بتعديلات مشتركة مع فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، بنسبة 5%.

وقبل الحسم في اعتماد التعديلات بلجنة الداخلية، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي مطلع أن الفريق النيابي الاستقلالي مستعد للتنازل عن سقف 10 % الى نحو 7.5 % بعدما يقنع بذلك فريق حزب الاتحاد الاشتراكي.

وبخصوص ما إذا كان الفريق سيتنازل الى حدود 5 % استجابة لرغبة باقي فرق الغالبية الحكومية، أوضح المصدر أن هذه النسبة لا تخدم البتة المؤسسات الدستورية، إذ يرى أن نسبة الأصوات ليست مرتبطة فقط بعملية التمويل العمومي للدولة، بقدر ما هي مرتبطة كذلك بالسير العادي للبرلمان والحكومة وكون النسبة المتدنية تساهم في «بلقنة المشهد الحزبي» وتشتت الخريطة البرلمانية، يجد معها رئيس الوزراء اثناء تشكيل الحكومة صعوبة كبرى في إرضاء جميع الأحزاب، فيما أن نسبة 7.5 % تضمن الى حد ما تشكيل غالبية حكومية من أربعة أحزاب فقط وهو ما يساعد على ضمان فعالية أكبر للفريق الحكومي. وحتى الأحزاب التي حصلت على أقل من 7.5 % يمكنها أن تدخل في تكتلات سياسية لمساندة الغالبية، وهذا في رأيه ليس إقصاء ضد طرف ما، ولكن لتطوير وتحديث وتقوية المشهد السياسي المغربي.

وفي السياق ذاته قال النائب عبد الكبير طبيح، من فريق حزب الاتحاد الاشتراكي، إنه يرى شخصيا ضرورة حصول جميع الأحزاب السياسية على تمويل من طرف الدولة بغض النظر عن حجمها أو تاريخها، معتبرا أن هذا التمويل يضمن لها تأطير المواطنين والقيام بأنشطتها العادية، مشيرا الى أن العدل يقتضي من الدولة أن تمول جميع الأحزاب التي ستشارك في انتخابات 2007 على قدم المساواة، مقدما مثلا على حزب «الاشتراكي الموحد»، الذي ارتدى حلة جديدة وطعم صفوفه بكوادر من جميعة الوفاء للديمقراطية، بينما الحزب، لا يتوفر حاليا على نسبة 5 %، مما سيحرمه من المشاركة بفعالية في العمل السياسي وكذا الانتخابي.

وتساءل طبيح هل يمكن أن يطبق القانون بأثر رجعي في هذه الحالة وفي حالات أحزاب حصلت للتو على الترخيص القانوني لمزاولة نشاطها؟

واقترح أن يتم تطبيق النسبة التي سيتم اعتمادها في القانون بعد انتخابات 2007، فيما يرجأ سن اجراءات انتقالية لدعم التمويل سواء المرتبط بالتسيير العادي للأحزاب أو المتعلق بمصاريف الانتخابات، واستثنى من هذه العملية الأحزاب التي تقاطع الانتخابات بحجة أن المال الذي تحصل عليه، مسجل في الموازنة العامة ومتأتى من جيوب المواطنين، ولا يكمن هدره من دون مراقبة ومحاسبة.

ومن جهته أكد لحسن الحسناوي، رئيس فريق اتحاد الحركات الشعبية، على ضرورة التوصل الى توافق بين فرق أحزاب الغالبية الحكومية حول نسبة 5 %، حفاظا على تماسكها من جهة، ولكون النسبة المقترحة معقولة، على حد قوله، لكونها لا تقصي أيا من الأحزاب القائمة. وبرر الحسناوي غياب التنسيق بين فريقه وفريقي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بالقول إنه سبق لهما أن تقدما بمذكرة مشتركة الى وزارة الداخلية حول المسودة الأولى لمشروع قانون الأحزاب، ومن ثم سارا بنفس التصور، وهذا، في نظره، لم يضر فريق أحزاب اتحاد الحركات الشعبية.

وبخصوص ما إذا كان تقديم فريقه لتعديلات مشتركة مع فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، اشارة لتكتل جديد في أفق انتخابات 2007، أعرب الحسناوي عن أمله في أن يتحقق المبتغى، نظرا لتقارب وجهات نظرا أحزاب اتحاد الحركات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار في عدد من القضايا، خاصة أنهم يدافعون عن توجه يمين الوسط.

وإذا كانت مواقف الغالبية متباينة، فكذلك الشأن بالنسبة لفرق المعارضة، ففريق الدستوري الديمقراطي والمجموعة النيابية لجبهة القوى الديمقراطية يقترحان نسبة 5 %، فيما فريق حزب العدالة والتنمية الأصولي يرى حلا وسطا يتمثل في حصول جميع الأحزاب على نسبة 10 % من إجمالي المخصصات المالية للدولة، كي تباشر عملها السياسي، فيما يتم توزيع 90 % من ذات المخصصات على الأحزاب التي حصلت على نسبة 7 % من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات. وفي هذا الصدد قال عبد الله بها، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية، إن حزبه اختار موقفا وسطا، إحقاقا للعدالة والمساواة بين جميع الأحزاب كي تقوم بواجبها الدستوري في تأطير المواطنين، وفي نفس الوقت تضمن انسجاما للغالبية الحكومية، وفعالية أدائها.