ميليس يستمع إلى وزير البيئة.. ودهم شركة للجوال واستجواب 9 موظفين

الوضع الأمني اللبناني تحت المجهر دوليا ومحليا.. والسفير الأميركي في بيروت يتحدث عن دعم أمني للحكومة

TT

بات الوضع الأمني اللبناني تحت المجهر دوليا ومحليا، وأعلن السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان أنه آن الاوان لدعم الحكومة لتصحيح الحالة الامنية، فيما برزت تحذيرات من الدعوات الى «الحراسات المدنية» للأحياء. وفي غضون ذلك، أفادت مصادر قضائية معنية بسير التحقيقات في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق، رفيق الحريري، ان رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في هذه الجريمة زار امس وزير البيئة وزير الدفاع بالوكالة، يعقوب الصراف، في مكتبه في مقر وزارة الدفاع باليرزة واستمع اليه بشأن معلوماته حول هذه القضية.

وكانت معلومات تداولتها بعض الاوساط، مفادها ان الامر بردم الحفرة وازالة السيارات من موقع الانفجار الذي أودى بحياة الحريري ورفاقه صدر عن الصراف الذي كان محافظا لبيروت عند حصول الجريمة. الا ان المصادر القضائية امتنعت عن تأكيد او نفي اذا كان ميليس استمع الى الوزير الصراف بشأن هذا الموضوع.

وفي إطار القضية نفسها، سجل امس تطور بارز تمثل بدهم القوى الامنية لمقر شركة «ام.تي.سي ـ تاتش» للهاتف الخليوي (الجوال) وسماع عدد من الشهود وترجمة عشرات الافادات من قبل المحقق العدلي القاضي الياس عيد.

وكانت قوة من فرع المعلومات التابع لقوى الامن الداخلي دهمت عند العاشرة من قبل ظهر امس مقر شركة «ام. تي. سي» قبالة مرفأ بيروت. ودخلت الطبقة الثالثة من المبنى العائد لها حيث تقع مكاتب شركة «آي. تي. اس» للمعلوماتية التي تزود «ام.تي.سي ـ تاتش» بالمعلومات. وعلم انه تم نسخ المعلومات العائدة لثمانية خطوط خليوية استعملت لفترة محدودة قبيل وخلال عملية اغتيال الرئيس الحريري وبعدها بساعات قليلة، ثم جرى إتلافها دفعة واحدة. ويذكر انه على اساس هذه المعلومات تم توقيف اربعة اشخاص من اصحاب محلات بيع الهواتف الخليوية الاسبوع الماضي.

وأكدت مصادر امنية انه جرى نقل المعلومات التي تولى نسخها مهندسو اتصالات تابعون لقوى الامن الداخلي، الى لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي الالماني ديتليف ميليس. وعند الثانية من بعد الظهر، أنهت القوة الامنية والفريق الذي رافقها المهمة. واصطحبت تسعة مهندسين موظفين من مبنى الـ «ام. تي.سي» الى مقر المديرية العامة للأمن الداخلي بعد موافقة القضاء المختص. وباشر فرع المعلومات باستجوابهم بناء على طلب ميليس. وعلم ان هناك امرأتين بين المهندسين الذين اقتيدوا للتحقيق.

وفي موازاة عملية الدهم، كان المحقق العدلي الياس عيد يستمع الى افادات عدد من الشهود. كما شهدت مكاتب النيابة العامة التمييزية عمليات ترجمة لآلاف المستندات التي وردتها من لجنة التحقيق الدولية، وهي حصيلة افادات شهود ومشتبه بهم في القضية. وفيما رفضت المصادر القضائية كشف اصحاب الافادات التي تتم ترجمتها من الانكليزية الى العربية، لم تستبعد المعلومات ان يكون بين هذه المستندات افادات الشهود السوريين الذين استمعت اليهم لجنة التحقيق الدولية الاسبوع الماضي في سورية.

إلى ذلك، أكد الناطق باسم السفارة الاميركية في بيروت لـ «الشرق الأوسط»، ان الولايات المتحدة «سوف ترد ايجابا على اي طلب تقدمه الحكومة اللبنانية» في شأن محاولة اغتيال الاعلامية مي شدياق بتفجير سيارتها الاحد الماضي، لكنه حرص على التشديد على ان «التحقيق هو مسؤولية لبنانية»، مشيرا الى ان الخبرات الاميركية ستوضع بتصرف الحكومة اللبنانية والقوى الامنية المسؤولة عن التحقيق.

وأفاد السفير الاميركي جيفري فيلتمان عقب زيارته وزارة الخارجية اللبنانية امس انه ابلغ الوزير فوزي صلوخ، ان الولايات المتحدة «راغبة في تقديم الدعم القوي للبنان في مجال التحقيقات التي يحاول من خلالها معرفة الجهة التي تقف وراء هذه الاعتداءات، ومحاولة السلطات المختصة سوق منفذيها الى العدالة». وقال: «نحن نتجاوب مع أي طلب حكومي في هذا الوقت بالذات لأنه آن الاوان للبنان، بالنسبة الينا جميعا وللأسرة الدولية، دعم الحكومة لتصحيح الحالة الامنية للشعب اللبناني في هذا الوقت». وقال: «ان المساعدة التي نوفرها هي لمصلحة الحكومة اللبنانية وليست مساعدة أعدتها السفارة او آتية من واشنطن. لدينا الخبرات. ونأمل ان نوفر خدمات للحكومة اللبنانية غير متوافرة محليا. نحن نضع خبرتنا في تصرف الحكومة اللبنانية. وهذا لا يبدو كامتياز بالنسبة الي».

وإذا كانت الحكومة ستفلت من النقاش «المستفيض» حول الوضع الامني في جلسة الاستجوابات في مجلس النواب اليوم بسبب حصر الكلام بالاسئلة النيابية الموجهة سابقا، فإن وزارتي الداخلية والدفاع ستكونان غدا موضع «استجواب» في مجلس النواب خلال اجتماع لجنة الدفاع والامن النيابية. وقال رئيس اللجنة النائب وليد عيدو لـ «الشرق الأوسط»، ان اللجنة ستسأل عما تقوم به القوى الامنية لمواجهة موجة التفجيرات التي تستهدف أمن اللبنانيين. وذكر ان اللجنة تتوجه لإعلان رفض الدعوات الصادرة للقيام بأي نوع من أنواع «الحمايات الذاتية».

وقد وصف النائب عاطف مجدلاني (كتلة الحريري) هذه الدعوات بـ «الخطرة»، وقال لـ «الشرق الأوسط»، ان لهذا الامن محاذير ليس اقلها خلق ميليشيات محلية قد يصبح من الصعب ضبطها. وقد تتحول الى شرارة لانطلاق أحداث جديدة في لبنان على غرار الحرب الاهلية التي بدأت عام 1975 بمثل هذه الظاهرة.

وفي الإطار نفسه، طالب تكتل «الإصلاح والتغيير» النيابي الذي يرأسه النائب العماد ميشال عون، في عريضة وقعها عشرة من أعضائه، رئيس مجلس النواب نبيه بري بتحويل جلسة «الاسئلة والاجوبة» التي يعقدها المجلس اليوم الى جلسة لمناقشة الحكومة في سياستها العامة، وخصوصا في الوضع الخطير الذي يمر فيه لبنان جراء استمرار موجة الاغتيالات والتفجيرات الارهابية، وفي السياسات التي تنوي الحكومة اعتمادها في الملف الامني.

وقد أفادت المعلومات ان وزير الداخلية حسن السبع أعد مشروعا سيرفعه الى مجلس الوزراء لإنشاء غرفة معلوماتية أمنية مركزية تضم ممثلين عن الاجهزة الامنية وتعمل على جمع المعلومات وتحليلها. ويهدف المشروع الى تفعيل عمل هذه الاجهزة بانتظار تعيين رؤساء لها. وهو ما يبدو مؤجلا بسبب خلافات المسؤولين حول أسماء رؤساء هذه الاجهزة الذين سيخلفون الامنيين الذين اقيلوا قبيل الانتخابات اللبنانية بضغط من المعارضة آنذاك بسبب تداعيات عملية اغتيال الرئيس الحريري. ومعلوم ان رئيس الجمهورية اميل لحود يصر على ان تكون له الكلمة الاخيرة في اسماء قادة الاجهزة. وهذا ما ترفضه الأكثرية الحكومية والنيابية.

ودعت رابطة «قدامى القوات المسلحة»، العسكريين المتقاعدين المنتشرين على كل الاراضي اللبنانية الى «ان يتعاونوا في ما بينهم مع القوى الامنية، وان يكونوا العين الساهرة لهذه القوى والمثال الصالح لجميع المواطنين وإبداء اقصى التعاون لقطع الطريق على العابثين بأمن الوطن».

وكانت أنواع من الحراسات المدنية ظهرت في شوارع المناطق اللبنانية عقب انطلاق مسلسل التفجيرات مطلع السنة الحالية، لكن القوى الامنية اللبنانية منعتها.