زيباري : وسطنا دولا عربية لدى سورية للتعاون في منع عبور المسلحين

وزير الخارجية العراقي لـ«الشرق الأوسط» يستبعد نشوب حرب طائفية بسبب الدستور وينفي وجود مشروع لتصدير النفط إلى إسرائيل

TT

استبعد وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، أن تؤدي الخلافات حول مسودة الدستور الدائم إلى حرب طائفية في البلاد، واعتبر أن تجربة السنتين الماضيتين «أكدت أن الكثير من المخاوف التي أثيرت حول وحدة العراق وتجزئته وسلامة الوحدة الوطنية العراقية مبالغ فيها»، وكشف عن قيام بغداد بتوسيط دول عربية لدى سورية لإقناعها بالمساعدة في وقف العنف ومنع عبور المسلحين الأجانب عبر حدودها، واعتبر ان ايران بدأت تساعد في هذا المجال، فيما نفى وجود أي مشروع لتصدير النفط العراقي الى اسرائيل. ولفت زيباري في حديث الى «الشرق الاوسط» خلال وجوده في نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة والقمة الدولية، الى أن بين العوامل القوية التي «تبعد شبح الحرب الطائفية؛ الزيجات المشتركة بين السنة والشيعة والتي تبلغ نسبتها 26 % في المائة».

وشدد زيباري على أن «الخطر الأكبر الذي يواجهه العراق الجديد هو الارهاب الاسود والقتل الجماعي الذي تمارسه عصابات بقايا نظام صدام حسين والإرهابيين المتشددين القادمين من الخارج». وأعرب عن الامل في «ان تحترم جميع الدول العربية والإسلامية، وخصوصا دول الجوار، إرادة الشعب العراقي الحرة لتقرير مستقبله وتحديد خياراته السياسية». ويصر وزير الخارجية العراقي على ان لسورية دورا في اعمال العنف في العراق، واعتبر ان المشكلة القائمة لا تتعلق بنقص الامكانيات او الاجهزة اللازمة لمراقبة الحدود، كما يردد المسؤولون السوريون، «وانما في عدم وجود الإرادة السياسية لدى سورية لوقف الارهاب في العراق»، وأكد انه «ليس من مصلحة العراق تحريض الولايات المتحدة أو أي قوة أجنبية أخرى ضد سورية»، ولمح إلى أن دمشق تسعى إلى تغيير النظام السياسي في العراق. وأضاف «حسب المعلومات الاستخباراتية والتحقيقات فان معظم الارهابيين القادمين من الخارج يفدون عن طريق الحدود السورية، ونحن لا نتهم الحكومة السورية بهذا، ولكن لدينا شكوى من عدم اتخاذها إجراءات رادعة وفعالة لمنع هؤلاء، وهناك ايضا عدد من قيادات البعثيين (العراقيين) المطلوبة أمنيا وقضائيا موجودة في سورية». وقال زيباري ايضا «قمنا بتوسيط حكومات عربية شقيقة لدى سورية لإقناعها بمساعدتنا. وبصراحة أن تدهور الأمن في العراق واستمراره سينعكس على سورية أيضا وعلى دول المنطقة. والمطلوب هو تعاونهم معنا، وهناك عدد من الخطوات من الممكن اتخاذها». من ناحية اخرى، قال زيباري «إن الأجندة الإيرانية في العراق تختلف عن الأجندة السورية»، ومضى يقول «هناك نفوذ وتأثير لإيران في العراق لا نستطيع أن ننكره، لكن هذا التأثير باتجاه المشاركة في العملية السياسية وباتجاه عدم دفع الأمور نحو استخدام العنف وتقويض الحكومة وتدمير السلطة».

وقال ايضا، في آخر زيارة إلى طهران «واجهنا المسؤولين الإيرانيين بكل البيانات والمعلومات حول عمليات التسلل وتهريب الأسلحة والمتفجرات والمخدرات إلى العراق، وهذه من القضايا التي أثرتها وجها لوجه مع المسؤولين في طهران، وهم ابدوا الاستعداد للتعاون وإيجاد آليات لحل المشاكل، ولم نواجه باللامبالاة والإنكار كما يحصل مع الآخرين». ونفى بشكل قاطع نية الحكومة العراقية المؤقتة إنشاء أنبوب نفط يمر من العقبة إلى عسقلان لتصدير النفط العراقي إلى إسرائيل أو عبرها. وقال زيباري «هذه أخبار غير دقيقة وغير صحيحة والغرض منها التشويش على مواقف الحكومة العراقية والتشويش عليها»، وأكد على أن الحكومة ليس بوسعها في الوقت الراهن القيام بمشروع من هذا النوع وأن كل جهودها منصب على تأهيل وإصلاح وصيانة خطوط أنابيب النفط الحالية.

وفي ما يتعلق بالخلافات على الدستور أفاد زيباري بأن التحفظ على مسودة الدستور او معارضة بنود فيه لا يقتصران على العرب السنة «فهناك بين الأكراد والشيعة من له مثل هذا الموقف»، وقال «إن رسالتنا إلى المتشككين والمقاطعين هي انتظار امتحان الاستفتاء لمعرفة ما اذا كان الشعب العراقي يؤيد أو يرفض».

ورأى أن حظوظ رفض أو قبول مسودة الدستور في استفتاء يوم 15 الشهر المقبل في المحافظات ذات الاغلبية العربية السنية «تكاد تكون متقاربة»، غير انه استدرك قائلا «لكن الاحتمال الأقوى والأرجح أن الغالبية في هذه المحافظات سوف تصوت بنعم للدستور»، مستبعدا بهذا امكانية ان يستطيع المعارضون للدستور ان يحصلوا على اصوات ثلثي الناخبين في ثلاث محافظات، وهو احد الشروط اللازمة لإلغاء الدستور المقترح وسن مسودة جديدة. وأشار الى أن مجموعات وتيارات مختلفة تتحدث باسم العرب السنة وقال «لا يستطيع أي طرف أو تيار ان يمثلهم جميعا، وهناك أحزاب وشخصيات سياسية واجتماعية وعشائرية من السنة تؤيد الدستور». ونبه الوزير العراقي الى انه «إذا رفض الدستور المقترح ستكون لدينا أزمة دستورية وسياسية، وهذا ما يستقتل ويجهد من أجله أزلام صدام والمتشددون الإرهابيون لتعطيل العملية وإيقاع البلد في أزمة سياسية ودستورية، وهذا يعني العودة إلى نقطة الصفر». واستبعد زيباري تأجيل الانتخابات العامة المقرر اجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إذا تمت المصادقة شعبيا على الدستور، واعتبر أن ليس من مصلحة الأمم المتحدة ولا العراق القيام تأجيل موعد الانتخابات، كما ترغب بعض دوائر المنظمة الدولية التي تقول ان الأمانة العامة لم تستوف كامل المبلغ المطلوب للعملية الانتخابية بسبب ان بعض الدول المانحة لم تنفذ ما تعهدت به على هذا الصعيد. وكان زيباري قد وجه نداء الى الدول الأعضاء في مجلس الأمن للوفاء بما تعهدت به من أجل انجاز العملية الانتخابية.

ويرى زيباري أن «المعطيات الأولية تقدم اشارات مشجعة جدا على المشاركة الواسعة في الانتخابات في كل المحافظات». ويرى زيباري ان قانون الانتخابات الجديد الذي تحفظ عليه بعض المسؤولين في الأمم المتحدة «سيعزز من المشاركة الوطنية والشعبية، خاصة وأنه يعتبر كل محافظة من المحافظات الثماني عشرة دائرة انتخابية، كما خصص حوالي 45 مقعدا (من مجموع 275) لأعضاء ينتخبون في دائرة اوسع تشمل العراق كله، وذلك لتأمين تمثيل الأقليات والقوى السياسية الصغيرة التي قد لا يسعفها الحظ في انتخاب مرشحيها على مستوى المحافظات». وأعرب عن قناعته بأن القانون الجديد «سوف يخفف من الاستقطاب العرقي والطائفي»، الذي اسفرت عنه انتخابات مطلع العام التي جرت على اساس ان العراق كله دائرة انتخابية واحدة. وأقر زيباري بأن العراق يواجه مشكلة فساد مالي وإداري التي قال ان «خطورتها بقدر خطورة الارهاب، لكن الشيء الايجابي وجود هيئات ومؤسسات تتابع هذا الامر»، ورفض التعليق على الاتهامات الموجهة إلى وزير الدفاع السابق حازم الشعلان، وقال ما يجري من تسريبات واتهامات «يمكن» تفسير بعضه في اطار «الحملة الانتخابية».