القادة العسكريون الأميركيون في العراق: الزرقاوي اختطف «المقاومة» من أنصار صدام

يراهنون على ميل السنة العرب للمشاركة في الانتخابات للابتعاد عن مخطط «القاعدة»

TT

قال أرفع ضابط للاستخبارات العسكرية الأميركية في بغداد، ان الاصولي الاردني المتشدد ابو مصعب الزرقاوي ومساعديه من الاجانب والعراقيين هم القيادة الرئيسية للتمرد المسلح في العراق، وانهم باتوا الجماعة المهيمنة على هذا التمرد ويشكلون التهديد المباشر الأكبر لأهداف الولايات المتحدة في البلاد.

وقال الجنرال ريتشارد زاهنر في مقابلة معه «أعتقد أن ما نراه هنا هو تمرد تعرض الى الاختطاف على يد حملة إرهابية يقود جزء منها الزرقاوي الذي أصبح الوجه البارز لهذا التمرد، حيث يمتلك بالتأكيد التمويل والإعلام ووفر للآخرين العمل تحت إمرته».

وتعكس هذه الملاحظات تحولا في نظرة كبار القادة العسكريين الأميركيين في العراق منذ الربيع الماضي، حيث تصاعد العنف ضد المدنيين خصوصا وعزز الزرقاوي نفسه وحملته المناهضة للولايات المتحدة وللشيعة. ويقول القادة العسكريون الأميركيون انهم يرون المقاتلين الأجانب من جماعة الزرقاوي والداعمين العراقيين لهم وقد حلوا محل العراقيين الموالين للرئيس المخلوع صدام حسين باعتبارهم العنصر الأساسي للتمرد.

غير ان زاهنر وضباطا آخرين أكدوا أن التمرد العراقي يبقى مزيجا معقدا من العناصر فهو يشتمل على طائفة من الأطراف هي في الغالب ذات أهداف مختلفة سياسيا ودينيا وعشائريا، بل وفي بعض الأحيان ذات مقاصد إجرامية.

وقد تراجع «الصداميون»، وبينهم أعضاء سابقون في حزب البعث وضباط في الجيش والمخابرات وموالون لصدام من العرب السنة، حسب ما تراه القيادة العسكرية الأميركية، فهؤلاء يعتبرون الآن أقل خطرا مما كان يعتقد سابقا اذا ما أخذنا بالحسبان رغبتهم في العودة إلى السلطة وإمكانية تسربهم وقيامهم بنشاطات تخريبية لعرقلة التوجه نحو الديمقراطية.

وعلى النقيض من ذلك، يقال ان جماعة الزرقاوي، على الرغم من كونها لا تزال تشكل جزءا صغيرا من التمرد، تقف وراء الجزء الأكبر من العنف. فقد أدت عملياتها الانتحارية الى الكثير من الضحايا وفقدان الأمن والتوترات الطائفية، كما أنها قوضت دعم الرأي العام في الولايات المتحدة للجهد العسكري الأميركي هنا.

وأثرت الهيمنة المتصاعدة لجماعة الزرقاوي على وجهة العمليات العسكرية الأميركية. فمنذ الربيع انتقل القادة العسكريون الأميركيون من استهداف زعماء الجماعة والخلايا في المدن إلى محاولة إيقاف تدفق المتطرفين الاصوليين الأجانب الذين يتسربون عبر سورية، والذين يأتون من دول مختلفة ويقال ان الزرقاوي يستخدمهم كمهاجمين انتحاريين في العراق.

ويقول الضباط الأميركيون هنا، ان العمليات العسكرية أعاقت خطط وتحركات جماعة الزرقاوي وأضعفت قيادتها في بعض مناطق البلاد، ولكن الزرقاوي وأنصاره أظهروا قدرة على الانتقال الى مناطق حيث لا تتمتع القوات الأميركية والعراقية بوجود كبير فيها.

ويرى القادة العسكريون الأميركيون فرصة لاستثمار ما يعتبرونه تعارضا بين سياسة الزرقاوي والاتجاه الرئيسي للرأي السني الذي يبدو أنه يفضل المشاركة في الانتخابات القادمة.

ومن بين ما يسبب قلقا كبيرا لكبار الضباط الأميركيين هنا، ان هجمات الزرقاوي ستثير أعمال الانتقام. وهذا يزيد الضغوط على القوات الأميركية من أجل سحق جماعة الزرقاوي، وليس الاكتفاء بالأمل في إضعافها وإنهائها ارتباطا بنضج العملية السياسية في العراق.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»