ناجون من مذبحة في الجزائر: الصفح ربما.. لكننا لن ننسى أبدا

TT

الشواردية (الجزائر) ـ أ.ف.ب: يبدي بعض الناجين من عائلة شيرود التي قتل 48 من أفرادها في إحدى المذابح التي ارتكبت عام 1997 بالجزائر، استعدادهم للصفح من اجل اقرار السلام لكنهم يؤكدون انه يستحيل عليهم نسيان معاناتهم. وبصوت خافت، همس سليم شيرود الخمسيني بتأثر بالغ أمام حطام ما تبقى من قرية الشواردية الصغيرة قرب المدية (80 كلم جنوب العاصمة الجزائرية): «كيف يمكن أن انسى كل ذلك؟». ثم اضاف وهو يكاد يصرخ «مستحيل». واضاف: «بودي ان أصفح لأنني اريد ان تتمكن عائلتي من العيش في أمان وسلام. نعم اذا اقتضى الأمر ليس لي من خيار سوى المصادقة على المصالحة».

وايد احمد، 40 سنة، شقيقه سليم بالقول: «لا يمكننا ان نعيش مرة اخرى ما عانيناه خلال سنوات الرعب». واضاف وهو يشير الى مجموعة من الاطفال قرب سبيل ماء: «لا نريد ان يقاسي اطفالنا ما قاسيناه، حتى وإن كان مستقبلهم يقلقنا».

ويدفع اطفال هزيلون ومنهكون عربات صغيرة حمَّلوها صفائح مليئة بالماء بينما يحمل آخرون بايديهم النحيلة صفائح يسيل منها ماء لا يحصلون عليه سوى بضع دقائق في اليوم كما اكد احمد. ويتردد الاطفال سيرا على الاقدام على مدارس بلدتي الخميس وسيدي نعمان، مقر البلدية، واللتين تبعدان عن بعضهما بعضا ستة كيلومترات، كما قال عمر ابن شقيق سليم الذي لم يكن عمره يتجاوز الخامسة عشر عندما وقعت المذبحة. وقال سليم، وهو يشير الى منزل عمه الصغير، المطلي حديثا بالكلس: «نحن ثلاثة آباء عدنا منذ ثلاث سنوات الى ثلاثة منازل من الثلاثين التي كانت تشكل القرية. قتل الآخرون جميعا، ابيدوا ومثل بجثثهم. والناجون الخمسة او الباقون الستة غادروا نهائيا». لكن احمد رفض التحدث عن تلك الليلة المرعبة التي دمرت فيها الشوادرية بكاملها تقريبا، في حين تردد سالم كثيرا قبل ان يتكلم. وقال: «وقع ذلك في مايو (ايار) 1997 عشية المولد النبوي في عز الليل. هجمت علينا مجموعة وأخذت تقتل كل كائن حي بلا رحمة، بالسكاكين والفؤوس واطلاق الرصاص على كل الهاربين». واضاف: «كنا خمسة اشقاء نملك اسلحة لكننا لم نتمكن من فعل أي شيء أمام رجال مدججين بالسلاح واكثر عددا منا. واضطررنا الى الفرار مع عائلاتنا حفاظا على حياتنا». واشار وكأنه يبرر نفسه، الى نقطة بعيدة وراء المسجد الذي استقر فيه عناصر الحرس البلدي، الى بلدة اولاد العربي حيث قتل 24 شخصا بعد اسابيع من مذبحة الشواردية. وبعيدا عن تلال الكروم وحقول التفاح الشاسعة في المدية التي تبعد 50 كلم عن البلدة، طغت على ارض الشوادرية الوعرة الاشواك التي تجرح ارجل الاطفال في طريقهم إلى المدرسة. لكن ابراج الحرس البلدي ومدرعات الدرك الخفيفة المتمركزة عند بعض مفترقات الطرق تذكر المسافرين بأنه لا يجدر التسكع في هذه الطرقات بعد المغيب.