الفرق النيابية المغربية تصادق بالإجماع على سقف 5 % في قانون الأحزاب لتحصيل التمويل

النقاش ألغى الحدود والتصنيفات التقليدية بين الهيئات السياسية

TT

لم يتسن للجنة الداخلية بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) مواصلة جلستها الليلة قبل الماضية لإنهاء المصادقة على مشروع قانون الأحزاب السياسية، بعدما اتفقت على 47 فصلا من أصل 62، وتوافقت على ديباجة للقانون وضعتها فرق الغالبية بتنسيق مع الحكومة. وقبلت وزارة الداخلية 33 تعديلا، تقدمت بها الفرق النيابية من الغالبية الحكومية والمعارضة على السواء، وشد الفصل الـ 29 اهتمام أعضاء اللجنة أثناء مناقشة التعديلات المقترحة، والذي وصفه مصطفى الساهل، وزير الداخلية، بأنه «أهم فصل في القانون»، والمرتبط بالنسبة المئوية التي يحتاج كل حزب تحصيلها من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات نظير الدعم المالي الذي تمنحه الدولة للأحزاب.

وبدد النقاش الذي ميز الجلسة التصنيف التقليدي الذي يضع الأحزاب في خانات اليمين واليسار والوسط والإسلاميين طبقا لتوجهاتها الفكرية، إذ تبنت الغالبية أحيانا تعديلات المعارضة أو العكس، وأبرز مثال على ذلك تجلى في التعديل الذي تقدمت به المجموعة النيابية للحزب الاشتراكي الموحد (معارضة راديكالية)، وحاز مساندة فريق العدالة والتنمية الأصولي المعارض، وعارضته الحكومة، ويتمثل في اعتبار الحزب السياسي تنظيما دائما يسعى الى الوصول الى السلطة، وهذه العبارة الأخيرة لاقت استحسانا من قبل الإسلاميين، في الوقت الذي عارضته باقي الفرق النيابية من الغالبية والمعارضة بجميع توجهاتها. كما أن النائب عبد الإله بن كيران، من فريق العدالة والتنمية، أثنى خلال مناقشة الفصل المرتبط بالتمويل على الراحل علي يعتة، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية (شيوعي سابق)، بالقول إنه رغم كونه كان نائبا وحيدا ممثلا للحزب في البرلمان، فإنه كان يشتغل كفريق نيابي بأكمله، في إشارة الى غياب فكرة الإقصاء الحزبي من لدن الإسلاميين المغاربة حيال باقي الأحزاب حتى ولو كانت ممثلة في البرلمان بعضوين فقط.

وفي هذا الصدد، استطاع وزير الداخلية المغربي، بعد أخذ ورد، اقناع فريقي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» بسحب تعديلهما الذي حدد فيه سقفا بنسبة 10 % من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات نظير الحصول على دعم الدولة، والقبول بنسبة 5 %، رغم إلحاح رئيسي الفريقين، عبد الحميد عواد وإدريس لشكر، اللذين اعتبرا تعديلهما ذا أهمية قصوى لعقلنة المشهد السياسي والقطع مع ممارسات أحزاب لا تشتغل إلا في الانتخابات، ومن أجل تفادي تشتت الخريطة السياسية التي تعيق العمل البرلماني والحكومي، حين تشبث فريق العدالة والتنمية بتعديله، الذي رفضته الحكومة ولم يسانده أي فريق، والقاضي بتقديم منحة جزافية لجميع الأحزاب ممثلة في نسبة 10 % من إجمالي مخصصات الدعم على أساس توزيع 90 % من المخصصات الباقية على الأحزاب التي حصلت على نسبة7 % من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات. واعتبر الساهل 5 % نسبة معقولة ومنصفة لجميع الأحزاب السياسية، وتتوخى في بداية الأمر تقويتها، والمساهمة في تكوين أقطاب في ما بينها، مشيرا الى أن الصيغة التي وضعتها الحكومة راعت الوضع الحالي لبعض الأحزاب التي تلعب دورا مهما في تنشيط الحياة السياسية، من خلال الدفاع عن وحدة تراب المغرب. بيد أن الساهل أعلن أن وزارة الداخلية ستأخذ بعين الاعتبار تعديلات الفرق النيابية بخصوص هذا الفصل أثناء مناقشة القانون الانتخابي المقبل، ونوعية أسلوب الانتخاب، من أجل تفادي بلقنة الخريطة السياسية والعمل على تسهيل التكتلات الحزبية، وهي اشارة الى إمكانية رفع النسبة الى ما أكثر من5%.

وتوجست باقي الفرق من المعارضة من حرمانها من تمويل الدولة، وأكدت جميعها أهمية تطبيق تلك النسبة بعد انتخابات 2007، وقالت النائبة ميلودة حازب، من الفريق الدستوري الديمقراطي اليميني، إن عقلنة المشهد السياسي المغربي تقتضي المرور بطريقة تدريجية من نسبة 3 % السابقة الى 5 % المقترحة في إطار فترة انتقالية تطبق بعد انتخابات 2007، معتبرة تطبيقها في الوقت الراهن ضربا لمصداقية التعددية الحزبية، ومشيرة الى أن الفريق النيابي للحزبين ضد بلقنة الخريطة السياسية ولكنه كذلك ضد إقصاء الأحزاب. وزكى توجهها النائب أحمد السباعي عن المجموعة النيابية للاشتراكي الموحد بالقول إن بعض الأحزاب تريد تفصيل القانون حسب رغبتها، منتقدا موقف الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والعدالة والتنمية، ومعتبرا التعديلات التي قدموها تخدم مصالحهم، مما سيفتح الباب أمام الأحزاب الأخرى للبحث عن تمويلات خارجية، وهذا في نظره، سيجعل الأحزاب رهينة لأصحاب المال والمصالح، مقترحا أن يتم الدعم المالي المقدم من قبل الدولة على أساس معايير موضوعية تستفيد منها جميع الأحزاب السياسية.