استفتاء الجزائر: إقبال واسع في المناطق المتضررة من العنف وضعيف في القبائل.. و«السلفية» تنفذ تهديدها بتفجير قنبلة

TT

سجلت أعلى نسبة مشاركة في الاستفتاء الذي شهدته الجزائر حول «ميثاق السلم والمصالحة» امس، في المناطق التي عانت من الإرهاب، في حين سجلت أضعف نسبة مشاركة في منطقة القبائل. ومن ناحية اخرى، نفذت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» تهديدها بتفجير قنبلة في مركز اقتراعي الليلة قبل الماضية.

وأفادت وزارة الداخلية ان نسبة المشاركة في الاستفتاء بلغت بعد ظهر امس، 45 في المائة، وهي نسبة مرتفعة، بحسب المراقبين، تؤشر على قوة التجاوب الشعبي مع خطة السلم التي يقترحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وسيعلن وزير الداخلية، يزيد زرهوني، صباح اليوم عن النتائج النهائية للاستفتاء الذي سجلت أعلى نسبة تصويت فيه، بولايات تقع شرق البلاد مثل سوق أهراس، وجيجل التي تعد أحد المعاقل الرئيسية للجماعات المسلحة.

وسجلت ولاية الجزائر العاصمة نسبة مشاركة 34 بالمائة بعد الظهر، وكانت العملية فاترة في بدايتها.

وصوت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مركز انتخاب بحي البشير الإبراهيمي بأعالي العاصمة بالقرب من مقر إقامته، ورفض الإدلاء بأي تصريح عقب وضع ورقة الانتخاب في الصندوق رغم إلحاح الصحافيين.

من جانبه، قال أبو جرة سلطاني رئيس «حركة مجتمع السلم» ذات التوجه الاسلامي بعد ادلائه بصوته ان «الرسالة التي حملنا إياها الجزائريون خلال حملة الترويج للميثاق، هي أنهم يتوقون للسلم والاستقرار، وقد بدا لي الشعب يوم الاستفتاء بأنه متحمس كثيرا لأية مبادرة تهدف إلى استعادة الطمأنينة». وأوضحت لويزة حنون، الأمينة العامة لـ «حزب العمال» ذي التوجه اليساري، أن «القضية (حل الأزمة الأمنية) معقدة جدا، فالجزائريون ما زالوا يعانون من ويلات الحرب التي دارت رحاها في بلدهم، لكنني أعتقد أن لدينا القدرة على إيجاد مخرج من الأزمة، وأنا على ثقة بأن غالبية الشعب ستقول نعم للميثاق».

وذكر عبد الله جاب الله، رئيس «حركة الإصلاح الوطني» ذات التوجه الإسلامي، بعد الخروج من مكتب التصويت: «لقد عانينا كثيرا من ويلات التصادم والصراع الدموي وحان الوقت لطي هذه الصفحة وبداية مرحلة جديدة تكفل حماية الحقوق والحريات العامة».

وعرفت ولاية تيزي وزو، عاصمة القبائل الكبرى، أضعف نسبة مشاركة، بحيث لم تتعد 6 في المائة إلى غاية المساء، وبلغت النسبة في بجاية، عاصمة القبائل الصغرى، 7 في المائة. ولم يسبق أن تجاوزت معدلات المشاركة في مختلف المواعيد الانتخابية بمنطقة القبائل 3 في المائة، فالمنطقة معروفة بمعارضتها لكل المبادرات التي تطرحها السلطة المركزية. وكان حزبا «جبهة القوى الاشتراكية»، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المتجذران في القبائل قد دعيا سكان المنطقة إلى تنظيم إضراب أمس تعبيرا عن رفض الاستحقاق بدعوى أنهما يرفضان تزكية مسعى «يعزز من سلطة بوتفليقة ويفتح له الباب واسعا لولاية ثالثة».

لكن الاضراب الذي دعي لتنظيمه في منطقة القبائل امس، وضعته تنسيقية عروش القبائل في إطار آخر غير معارضة الاستفتاء. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بلعيد ابريكا، المسؤول في تنسيقية عروش القبائل قوله: «إننا ندعو إلى إضراب عام احتجاجا على تصريحات بوتفليقة في قسنطينة (شرق الجزائر) التي رفض فيها جعل اللغة الامازيغية رسمية، وهو قرار اتخذته تنسيقية العروش خلال اجتماع في بجاية». وكان الرئيس بوتفليقة أعلن في 22 سبتمبر (ايلول) الحالي في خطاب ألقاه في قسنطينة في إطار جولاته للترويج لميثاق السلم «ان اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية في البلاد، والجزائر لن ترضى بلغتين رسميتين». وحرص ابريكا على فصل الاستفتاء عن معركة تنسيقية العروش من اجل جعل الامازيغية رسمية، مؤكدا عدم الدعوة الى مقاطعة الاستفتاء تاركا «الخيار الحر» لمنطقة القبائل «للتصويت ام لا». وكان البرلمان الجزائري اعترف في ابريل (نيسان) 2002 بالامازيغية «لغة وطنية»، وأدرج الأمر في الدستور الجزائري، إلا ان المدافعين عن الثقافة الامازيغية يطالبون بإقرار هذه اللغة كلغة رسمية مثل العربية.

ومن ناحية أخرى، عاش سكان مدينة تيجلابين بولاية بومرداس (45 كلم شرق العاصمة) أجواء من الرعب الليلة قبل الماضية عندما انفجرت قنبلة داخل مركز اقتراع، مما ادى الى إصابة ثلاثة أفراد من الحرس بجروح. ونسبت مصادر أمنية العملية إلى «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي سبق أن عارضت الميثاق ووصفته بـ «الخدعة التي تستهدف وقف الجهاد». كذلك، أبطلت قوات الأمن مفعول قنبلة في منطقة المدية (100 كلم جنوب العاصمة) في نفس اليوم كانت على وشك الانفجار. وراجت عشية الانتخاب إشاعات عن وجود قنابل في أحياء عديدة من العاصمة، لكن سرعان ما تبين أن الإشاعة كاذبة، الهدف منها نشر جو من الخوف خلال الموعد.