«الملتقى العربي الثاني للتربية والتعليم»: العرب ينفقون على التعليم 1.25% فقط من الناتج القومي

TT

استمرت، يوم امس، اعمال «الملتقى العربي الثاني للتربية والتعليم» الذي تنظمه «مؤسسة الفكر العربي» في بيروت، بحضور نحو 100 شخصية ثقافية واكاديمية ووزراء ورؤساء جامعات.

وشهد اليوم الثاني للملتقى 17 جلسة، ما بين ندوات ومحاضرات وحلقات نقاش شاركت في تنظيمها منظمات الالكسو والإيسيسكو والمكتب الاقليمي لليونسكو في بيروت ومكتب التربية العربي لدول الخليج واتحاد الجامعات العربية واتحاد جامعات العالم الاسلامي.

وتمحور النقاش صباح امس حول «الجودة في التعليم العالي»، خصوصاً ان الدول العربية تشهد ازدياداً في أعداد الجامعات، مما يضع علامات استفهام حول كفاءة خريجيها، في وقت اشار فيه تقرير التنمية البشرية لعام 2003، الى «تدني نوعية العلم». واعتبر عبد الحكيم بنود، منسق احدى الجلسات، في مداخلة له، ان الجودة التعليمية باتت ملحة بعد ارتفاع عدد الطلاب من 13 مليون طالب عربي عام 1960 الى 82 مليوناً عام 1995، ترافقه مطالبات من المنظمات المهنية والهيئات الدولية بتحسين المستوى.

واقترح بنود لضمان رفع المستوى التعليمي الاستعانة بالخبراء وتشكيل «نظام للمراقبة والتفتيش» ووضع معايير محددة قبل المباشرة في «عملية الانتاج»، تفاديا للوقوع في اخطاء ثم استحداث نظام اداري «لإدارة الجودة الشاملة». وخلص الى ضرورة انشاء الجامعة مركزاً خاصاً لضبط الجودة. أما على المستوى الوطني، فاقترح انشاء هيئة عليا تقوم بمراجعات تحليلية ونقدية للبرامج الأكاديمية والتدقيق في معايير النوعية وتقديم استشارات لمساعدة الجامعات.

وركزت خديجة عبد الله الصبان، من السعودية، على ضرورة ترسيخ ثقافة الحوار في مؤسسات التعليم العالي، من خلال برنامج «الحوار من أجل الجودة» يعهد الى مراكز تنشأ لهذه الغاية، يشارك فيها اداريون واساتذة، وممثلون للقطاع الرسمي، مما يؤدي الى فتح قناة للتواصل بين الطلاب وصناع القرار فتنتج بذلك متخرجين يتمتعون بكفاءة عالية.

بدوره اقترح محمد ابراهيم الزكري من السعودية إنشاء مركز مستقل في وزارة التعليم العالي يتبع الوزارة مباشرة، ويتولى وضع البنية التحتية الاكاديمية، والتقويم للمؤسسات الخاصة والعامة، ومركز ثان ضمن الجامعة يقدم تقارير دورية الى مجلس أمنائها حول الأداء الاكاديمي والاداري والمالي.

وقدم عميد الجامعة العالمية في لبنان، محمد عيتاني، مقاربة مختلفة لضمان الجودة، وذلك لأن التحدي الحقيقي الذي يواجه الجامعة هو منحها شهادة للتلميذ تمكنه من دخول سوق العمل لا الانضمام الى صفوف العاطلين عن العمل. ولذا رأى عيتاني انه من الضروري ان تستحدث الجامعة اختصاصات توفر احتياجات السوق المحلية وتجنبها استيراد العقول الاجنبية.

وقال عيتاني: «ان الاساتذة والطلاب الجيدين يشكلون المكونات الاساسية لضمان جودة عالية المستوى». وأوصى بضرورة تنظيم دورات تدريبية للمعلمين باستمرار، وبتخفيف قيود الدخول للطالب على ان يأخذ دروسا اضافية في مواد معينة لرفع مستواه.

ونظم مكتب التربية العربي لدول الخليج محاضرة قدم خلالها عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الكويت عبد الله الشيخ ومدير عام مدارس الملك فيصل، محمد بن شحات الخطيب، ورقة بحث حول «الاعتماد الأكاديمي» الذي يرمي الى اتخاذ الإجراءات لتقويم البرامج ومراجعتها، وأوصيا بتبني نموذج اقليمي للاعتماد.

وشكا مدير عام الألكسو، المنجي بوسنينة، من تونس، خلال محاضرته حول «مستقبل التعليم العالي في الدول العربية في ظل التحولات العالمية»، من ضعف الإنفاق في هذا القطاع، اذ بلغ عام 2000، 7 مليارات دولار (ما يعادل 1.25% من الناتج القومي).

وحول نسبة الإنفاق على البحث العلمي، قال بوسنينة: «ان اسرائيل تخصص 2.5% من ناتجها القومي له، في حين ان الدول العربية مجتمعة لا تنفق اكثر من 0.2 في المائة او 0.3 كحد أقصى».

وعدد بوسنينة بعض التحديات التي تواجه هذا القطاع منها نقل البرامج وأساليب التعليم عن الدول الغربية، اضافة الى غياب الاستثمار في مجال المعلومات، الذي يفرض تدريباً مستمراً للأساتذة والطلاب، وتطرق الى أهمية تعزيز الديمقراطية لما لها من أثر فاعل على الحريات الاكاديمية، التي تسمح بإجراء البحوث والانفتاح على الثقافات الاخرى لمواجهة الآثار السلبية للعولمة التي يمكن ان تهدد الثقافة المحلية.

واختتم اليوم الثاني للملتقى بجلسة حول «دور التعليم العالي في تطوير البحث العلمي لتحقيق التنمية الشاملة»، نسقها الوزير السابق للتعليم العالي والبحث العلمي في الاردن، عصام زعبلاوي. وتحدث خلالها غسان شبو من الجامعة اللبنانية، وعبد الله الشيخ، عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الكويت، وسالم الوهابي عضو مجلس الشورى في السعودية.

واجمع المحاضرون في اليوم الثاني للملتقى، على ضرورة تحديث المناهج باستمرار لتتلاءم مع متطلبات العصر، في ظل تحدي العولمة، فهل تتخذ الحكومات والمؤسسات التعليمية، إجراءات جدية، وتعمل بهذه التوصيات او تهملها وتستمر في تصدير الأدمغة، واستيراد ذوي الاختصاصات «النادرة» من دول اجنبية.