بلير يعتذر بشدة وسياسيون يغمزون من قناة حزب العمال «الديمقراطي»

TT

كاد الناشط العمالي والتر ولفغانغ، 82 عاماً، يخطف الضوء امس لليوم الثاني على التوالي عن مؤتمر الحزب البريطاني الحاكم الذي اختتم اعماله امس في مدينة برايتون بجنوب انجلترا. وإذ تناوب كبار المسؤولين ليل اول من امس على الاعتذار لطرده بعنف من جلسة المؤتمر ظهر الاربعاء لمجرد تفوهه بكلمة انتقاد لسياسة بلاده حيال العراق، فقد اضطر امس رئيس الوزراء توني بلير شخصياً الى الاعراب عن اسفه لما حصل.

غير ان صور اخراجه من القاعة احتلت صدر الصفحات الاولى من عدد من الصحف الصادرة امس، كما كان نبأ معاملته «غير اللائقة» المادة الاولى في عدد من نشرات الاخبار الاذاعية والتلفزيونية. واللافت ان كلمة وزير الخارجية جاك سترو التي قاطعها الناشط، حظيت بقدر ضئيل للغاية من الاهتمام الاعلامي بالمقارنة مع عملية الطرد واللجوء الى قوانين مكافحة الارهاب لمنع رجل تجاوز الثمانين من دخول المنطقة المحظورة فيما بعد. ورأى معلقون ان الحادثة تصلح مثالاً على «المناخ البوليسي» الذي تنشره الحكومة من خلال سياستها الأمنية التي باتت اشد صرامة من أي وقت مضى. وغمز سياسيون بارزون مثل أليكس سالموند زعيم «الحزب الوطني الاسكتلندي»، من قناة حزب العمال هازئين بالطريقة «الديمقراطية» التي يعاملون بها ناشطيهم المعارضين للخط الرسمي. وكان ولفغانغ، وهو التحق بحزب العمال بعد وصوله الى البلاد اواخر الثلاثينات هارباً من بطش النظام النازي، قد اعترض علناً على قول سترو في كلمته بان الوجود البريطاني في العراق يتمتع بمباركة الامم المتحدة وانه يرمي فقط الى مساعدة العراقيين على اقامة نظامهم الديمقراطي. واختلفت الروايات في طبيعة هذا الاعتراض، ففيما ذكر البعض انه صاح بعبارة «هذا كذب» اشار شهود آخرون الى انه كل ما قاله كان كلمة «هذا كلام فارغ». وهنا انقض بضعة من الناشطين المكلفين حفظ الانضباط في المؤتمر، على الرجل واخرجوه عنوة على رغم انه ابدى استعداده لمغادرة القاعة طوعاً، وعمدوا ايضاً الى اخراج ناشط شاب كان يجلس الى جانب ولفغانغ بالقوة، وذلك لانه تجرأ على التساؤل بهدوء عن شرعية طرد جاره المتقدم في السن بهذه الطريقة.

واستقبل ولفغانغ الذي انتسب للحزب الحاكم قبل 57 عاماً استقبال الابطال في امسية نظمها ليل الاربعاء معارضو الحرب على العراق في برايتون. وارتجل «المشاغب»، وهو عضو في تحالف «اوقفوا الحرب» البريطاني، كلمة قال فيها إن طرده كان عبارة عن «خطيئة صغيرة» تم اصلاحها خلافا لـ«الخطيئة الكبيرة التي ارتكبناها حين شاركنا في غزو العراق» فهذه الاخيرة لاتزال في انتظار الاصلاح. وعندما سلطت وسائل الاعلام الضوء على المعاملة التي كانت من نصيب الناشط، سارع ايان ماكارتني رئيس حزب العمال عضو مجلس الوزراء الى الاعتذار بعد حوالي خمس ساعات من وقوع الحادثة وتلاه سترو ووزراء آخرون، غير ان الاحراج الذي تسبب به الطرد لحزب العمال لم يتضاءل بل ربما زاد جراء التغطية الصحافية صباح امس، الامر الذي حمل بلير نفسه على الاعتذار، وقد استهل مقابلة مع راديو فور التابع لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) بالقول «انا حقيقة آسف لذلك، وكان لا ينبغي ان يحصل هذا ابداً». واعتبر ان المسؤولين عن حفظ الانضباط هم ناشطون حزبيون متطوعون فعلوا ما فعلوه من تلقاء انفسهم وليس بموجب تعليمات حزبية معينة، ووصفهم بانهم تصرفوا مع ولفغانغ باسلوب «حماسي بإفراط»، وقال «من الصعب عليهم (التعامل مع) شخص يقاطع خطاب شخص آخر، لكن كان ينبغي التعاطي مع الامر بحساسية اشد خصوصاً مع رجل متقدم في السن.