هرم غذائي أميركي للأطفال ولعبة إلكترونية لفهم أنواع الغذاء المفيد والضار

غذاء الأطفال اليوم يفتقر إلى القيمة الغذائية العالية التي كان يتحلى بها قبل عشرين سنة مضت

TT

في خطوة تتوج سلسلة من التوجهات العملية والتنبيهات الطبية المتزايدة حول ضرورة الاهتمام بنوعية الطعام الذي يقدم للأطفال، أطلقت الحكومة الاميركية أول من أمس ولأول مرة، «الهرم الغذائي للأطفال» المخصص لتلاميذ المدارس الابتدائية بين اعمار 6 و11 عاما. واطلق على الهرم الجديد «هرمي الخاص بالأطفال»، وأطلقت معه لعبة الكترونية تشرح للاطفال انواع الاغذية المفيدة والضارة. ويتسلى الطفل باللعبة ويعتمد نجاحه في متابعة مراحلها والفوز فيها على المعلومات السليمة عن الأغذية. ومن جهة أخرى، وفي واحد من القرارات الجريئة، ستعمد المدارس في بريطانيا بدءا من العام القادم الى منع بيع وتقديم المنتجات الغذائية التي ثبتت ضررها طبيا. ويأتي هذا كله بالتزامن مع إصدار رابطة القلب الأميركية إرشادات الغذاء بدءا من عمر أقل من سنتين للوقاية من أمراض الشرايين في الكبر! كما تتصاعد الدعوات لوضع تحذيرات طبية على عبوات المنتجات الغذائية والمشروبات الغازية، التي يثبت ضرر المواد فيها، أسوة بما هو متبع في تحذيرات علب السجائر.

هرم غذائي للاطفال

* في لعبة «هرمي الغذائي يطير عاليا في الهواء»، يقوم الطفل بتحميل سفينة الفضاء بأنواع مفيدة من المنتجات الغذائية كالفواكه، والخضروات، والحبوب، ومشتقات الألبان قليلة الدسم، واللحم الهبر الخالي من الشحم، وغيرها من الأغذية الصحية مما يشكل وقودا لها ليمكنها من السفر بعيدا. وإذا ما ملأها بالمنتجات الضارة فإنه لن يكون بمقدور سفينة الفضاء القيام بالرحلة إلي كوكب القوة! ونقلت وكالة «اسسوشيتد برس» عن جين دانيال، الناطقة باسم وزارة الزراعة، ان الوسيلة صممت كي تسهل على الأطفال فهم النصائح المتعلقة بالغذاء، وضرورة النشاط البدني وتجعلها في متناول أيديهم. وتعلم لعبة الأطفال كيف يمكن استخدام هذه النصائح الواردة في الهرم الغذائي. هذه اللعبة الإلكترونية تعتمد على المعلومات الصحية التي تضمنها الهرم الغذائي الجديد الذي أصدرته وزارة الزراعة الأميركية في ابريل (نيسان) الماضي لترشيد طريقة اختيار الغذاء اليومي لمواجهة موجة السمنة التي تجتاح العالم، فنصف البالغين في الولايات المتحدة مثلا يعانون من زيادة في الوزن وكذلك 16% من الأطفال، والمؤشرات الإحصائية تتحدث عن توقعات بتفش أوسع لهذه المشكلة الصحية في المستقبل بكل تداعياتها. تجربة إدخال المعلومات الصحية السليمة عبر ألعاب الأطفال الإلكترونية في أذهان الأطفال لاستيعابها وتقبلها ومن ثم الاهتمام بتطبيقها لاختيار أفضل الأغذية هي في الواقع تجربة فريدة وتستحق الاهتمام والمتابعة. ومن غير المعروف هل سيلقى الأمر تجاوبا من قبل الأطفال، وهل سيجدون المتعة في ممارستها، ذلك لأنه إذا أثبتت هذه الطريقة جدوى فربما فتحت الباب أمام ألعاب صحية أخرى. وقد تباينت آراء الأطفال الاميركيين المبدئية، فمنهم من أعلن مباشرة بعد عرض اللعبة عليه أنه يفضل غيرها والبعض الآخر يبدو أن الأمر استهواهم.

إرشادات جديدة

* من جهتها، قامت رابطة القلب الأميركية بالتعاون مع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بوضع إرشاداتها الغذائية الجديدة للوقاية من أمراض القلب والشرايين بدءا من الرضع ومرورا بالأطفال والمراهقين حتى البالغين وذلك لزيادة الوعي المتنامي بأهمية ممارسة الوقاية في مراحل مبكرة من عمر الإنسان التي فيها تبدأ علامات أمراض شرايين القلب بالظهور وتتطور بعد ذلك حتى تصبح أمراضا واضحة لدى البالغين. ولم تشمل الإرشادات السابقة لرابطة القلب الأميركية في السابق، الأطفال دون سن الثانية من العمر. وستنشر الرابطة هذا في العدد القادم من مجلة الدورة الدموية التابعة لها. ومن بين أهم الارشادات الحرص على رضاعة الأطفال من حليب الأم، على الأقل حتى بلوغ سن ستة أشهر، كما أن على الوالدين تجنب الإفراط في تغذية الطفل والحرص على انتقاء وتقديم الغذاء الصحي والإصرار عليه حتى لو رفضه الطفل في البداية، مع تجنب الأغذية عالية المحتوى من الطاقة والحرص بشكل خاص على تناول الأطفال لعصير الفاكهة بدءا من سن ستة أشهر وما فوق.

ومن الملاحظ، بحسب ما يقول الدكتور صموائيل غدينغ أحد واضعي الإرشادات، أن غذاء الأطفال اليوم يفتقر إلي القيمة الغذائية العالية التي كان يتحلى بها قبل عشرين سنة مضت، فالإحصائيات تشير إلى أن ثلث الأطفال في سن سنتين لا يتناول الفواكه بشكل يومي، وغالب مصدر الخضروات لديهم ولدى الأطفال بشكل عام هو البطاطا المقلية! ويضيف ان على الوالدين دورا مهما في تغيير هذا النمط الغذائي عبر تبني مبدأ افعل كما أفعل وليس افعل ما أقوله لك، وذلك عند نصح الأطفال بالغذاء الصحي.

البريطانيون تقدموا خطوات إلى الأمام، حينما أعلنت وزيرة التعليم ريث كيلي الأربعاء الماضي أنه بدءا من العام الدراسي القادم سيمنع تقديم الأطعمة غير الصحية كأنواع الهامبرغر السيئة والشكولاته والمقرمشات الجافة وغيرها، وكانت عباراتها عندما صرحت: «بوضوح تام فإن فضائح الأطعمة الرديئة التي تقدم في مقاصف المدارس اليوم يجب وضع حد لها». هذا القرار شهد ترحيبا واسعا في الأوساط الطبية والشعبية البريطانية، ومن المتوقع التوسع في أمور أخرى تمس صحة الأطفال وتغذيتهم.

من جهة أخرى، ترتفع المطالبات بمعاملة المنتجات التجارية للأغذية الرديئة المعروفة كما تعامل عبوات التبغ والسجائر، عبر وضع تحذيرات طبية واضحة عن أضرارها الثابتة علميا، وهو ما تحاول الشركات اليوم في الولايات المتحدة الالتفاف عليه.

والحقيقة أن موضوع تغذية الأطفال قد تجاوز حدود المعقول، فارتفاع نسبة حالات زيادة الوزن لدى الأطفال واضحة في المجتمعات المختلفة للقاصي و الداني، والأمراض المرتبطة بالتغذية وتأثيراتها على المدى المتوسط والبعيد فاقت التوقعات السابقة من الحساسية والربو وأمراض الكلى والكبد والقلب والدماغ والقدرات العقلية. والتعاون مع الأطفال أمر يصعب تحقيقه اختياريا في الغالب، وهو ما يعاني منه الأطباء وذوو الأطفال.

اما الحلول المقترحة فكثيرة، ومن المنتظر أن يتوسع في تطبيقها لمساعدة الأطفال في اتباعها وإزالة إغراءات إدمان الأغذية الرديئة عن طريقهم وأيضا لإعانة ذويهم في تقديم البديل من الطبيعي إليهم.