خمسة قتلى في اشتباك بين مهاجرين أفارقة وقوات الحرس الإسباني على مشارف سبتة

الحادث طغى على مجريات قمة جطو ـ ثاباتيرو في إشبيلية

TT

بدأ رئيسا الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، والمغربي ادريس جطو، أمس في اشبيلية قمة يطغى عليها موضوع الهجرة غير الشرعية والوضع في الصحراء الغربية. وقبل افتتاح القمة بساعات، قتل خمسة مهاجرين غير شرعيين على حدود جيب سبتة الإسباني المحتل بعدما حاولوا التسلل الى إسبانيا. وتحولت الحدود بين المغرب ومدينة سبتة، إلى ساحة حرب حقيقية بعد مقتل الأفارقة الخمسة، اثر محاولة المئات منهم اقتحام الحواجز الأمنية المحيطة بالمدينة. وأعلن وزير الخارجية الإسباني، ميغيل أنخيل موراتينوس، ونظيره المغربي، محمد بن عيسى، أن الرباط ومدريد ستتعاونان أكثر في مجال محاربة الهجرة السرية بتنسيق مع باقي بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى من حوض البحر الأبيض المتوسط.

واجتمع الوزيران على هامش القمة المشتركة لتدارس موضوع أحداث مدينة سبتة التي ألقت بظلالها على أشغالها. واتفق البلدان على ممارسة ضغوط أكبر على البلدان التي يأتي منها المهاجرون السريون، بعد أن أصبح المغرب بلد استقبال لهؤلاء عوضا عن اعتباره محطة عبور فقط.

وكانت محاولات المهاجرين الأفارقة المستمرة اختراق الحدود والحواجز قد بدأت قبل أسابيع في مدينة مليلية، المحتلة بدورها من طرف إسبانيا بشمال المغرب. وقالت تقارير إسبانية إن مئات المهاجرين استطاعوا عبور الحواجز المحيطة بمليلية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة وقدرت عددهم بثلاثمائمة، غير أن أغلبهم وقعوا في قبضة الأمن الإسباني وينتظر تسليمهم إلى السلطات المغربية وفق اتفاقية موقعة بين البلدين.

ويبدو أن نجاح مئات المهاجرين في عبور حواجز مليلية حفز بشكل كبير المهاجرين المحيطين بمدينة سبتة الذين اندفع المئات منهم نحو الحدود، مما أدى إلى وفاة خمسة أشخاص وجرج حوالي مائة. وقدرت أوساط أمنية إسبانية عدد المهاجرين الذين حاولوا دخول سبتة بأكثر من 600 شخص.

وأدى هذا الوضع المتردي إلى إعلان الحكومة الإسبانية مخططا أمنيا خاصا بمدينتي سبتة ومليلية يكون فيه للجيش دور رئيسي. وقالت نائبة رئيس الوزراء الإسباني، ماريا تيريسا فيرنانديث دي لافيغا، إن المخطط يتضمن إرسال أربع فرق من الجيش الإسباني تتكون في مجموعها من حوالي 500 عسكري لتعزيز حراسة السياجات الأمنية حول المدينتين.

وأشارت المسؤولة الإسبانية إلى أن مهاجرين «توفيا» على الجانب الإسباني من الحدود، فيما «توفي»الثلاثة الآخرون على الجانب المغربي. ولم توضح دي لافيغا إن كان موت المهاجرين الخمسة ناتجا عن إطلاق رصاص أم عن صدام مع الحرس أو نتيجة لجروح أثناء محاولة اجتياز السياجات الشائكة. غير أن مصادر طبية من مدينة تطوان المغربية، حيث يعالج بعض الجرحى، قالت إن حالتي وفاة كانتا ناتجتين عن إصابات برصاص مطاطي أطلق من الجانب الاسباني. ومن جهتها أشارت مصادر طبية إسبانية إلى أن أحد المتوفين على الجانب الإسباني لقي حتفه بعد أن علق بالأسلاك الشائكة أعلى السياج.

وكانت مسؤولية حراسة السياجات الأمنية بالمدينيتن مناطة في السابق بالحرس المدني (درك)، إضافة إلى افراد من الشرطة المحلية التي تحرس المناطق الداخلية القريبة من الحدود. وأصبح وجود الآلاف من المهاجرين الأفارقة يثير معضلة حقيقية للمغرب وإسبانيا. وعلى الرغم من أن قوات الحرس المدني الإسباني نصبت كاميرات مراقبة على السياجات الأمنية تعمل طوال اليوم، إلا أنها تجد صعوبة كبيرة في منعهم من ذلك. ويقوم مئات من المهاجرين كل ليلة بهجومات خاطفة على السياجات الحدودية وهم يحملون سلالم طولها 6 أمتار، صنعوها من جذوع الأشجار بحيث يقفزون من خلالها الى الجانب الآخر من الحدود في ما يشبه عمليات انتحارية.

وكانت سلطات مدينة مليلية قد قررت قبل بضعة أسابيع الزيادة في طول السياجات الأمنية من ثلاثة أمتار الى ستة، وتعزيز الحراسة حولها. غير أن ذلك زاد من قلق المهاجرين السريين الذين اندفعوا في جماعات كبيرة لاختراق الحدود بعد أن سرت في أوساطهم إشاعات تقول إن السلطات الإسبانية ستبني مستقبلا جداراً أمنيا يصعب اختراقه حول المدينة.

إلى ذلك دعا مسؤول بارز في الحزب الشعبي الإسباني المعارض مسؤولي مدينتي سبتة ومليلية إلى اجتماع لتدارس وضعية المدينتين على ضوء الأحداث الأخيرة. واستدعى رئيس فرع الحزب الشعبي بمنطقة الأندلس، خافيير أريناس، مسؤولي المدينتين إلى اجتماع من «أجل تدارس وضعهما، لأنهما مدينتان توجدان في شمال أفريقيا، لكنهما مندمجتان بشكل خاص في منطقة الأندلس» حسب تعبير مسؤول الحزب الشعبي. وكان مسؤولو المدينتين قد طالبوا بالمشاركة في القمة المغربية الإسبانية، وهو طلب لقي الرفض من جانب الحكومة المركزية لأسباب من بينها عدم اعتراف المغرب بهما مدينتين خارج السيادة المغربية على الرغم من وجودهما تحت الاحتلال الإسباني لأكثر من خمسة قرون.