غضب بولندي من التشكيك في أسلحتهم

قال إن هناك جهات معروفة تسعى لبناء إيران الصغرى في جنوب العراق > الشعلان يتهم الحكومة العراقية بالتفريط في 400 مليون دولار أسلحة

TT

شن حازم الشعلان، وزير الدفاع العراقي السابق، هجوما اعلاميا مضادا على منتقديه الذين اتهموه بالفساد في عقود التسليح التي ابرمها مع الجانب البولندي وتبلغ قيمتها 400 مليون دولار. وقال ان المسؤولين العراقيين الثلاثة الذين اطلقوا تلك الاشاعات والمزاعم الكاذبة يحاولون اغتياله سياسيا. كما اتهم الحكومة العراقية بإهمال اسلحة واعتدة حربية ضمن 35 عقدا موقعا مع الجانب البولندي قيمتها تتجاوز الـ 400 مليون دولار. وكان الشعلان يرد بذلك على الاتهامات الموجهة ضده في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة وارسو حضره رومان بازينسكي، رئيس مجلس ادارة شركة بومر، التي زودت العراق بالسلاح وعدد من ممثلي اجهزة الاعلام العربية والدولية.

وطلب الشعلان من الحضور الوقوف دقيقة، في بداية المؤتمر الصحافي، حداداً على ارواح الابرياء الذين قتلوا على ارض العراق، بما فيهم الجنود البولنديون. وقال الشعلان ان اسباب اختياره للسلاح البولندي تعود لانه سلاح جيد وقوي ومتمكن، واعلن استنكاره لموقف حكومة بلاده لعدم تسلمها شحنات السلاح البولندية، وما تقوم به من حملات تشكيك ضد مصانع السلاح البولندية، وكشف عن اسباب تعاقده مع مصادر التسليح البولندية الى جانب دول اخرى بقوله ان البولنديين كانوا اسرع الدول التي استجابت لرغبة العراقيين في تزويد الجيش العراقي، عند تأسيسه، بالسلاح. واشار الى ان البولنديين عرضوا اسابيع لوصول اسلحتهم الى الاراضي العراقي، بينما اوكرانيا مثلا عرضت اكثر من عام. واعرب عن ثقته في مصداقية البولنديين، واكد ان «عقود التسليح سليمة تماما وليست وهمية، كما يدعي مثيرو الشائعات من العراقيين». ووزع الجانب البولندي نسخا من طلبيات التسليح العراقية وجداول بموعد تنفيذها وكذلك نسخا من عقود. وقال الشعلان، ردا على سؤال حول التأثير الايراني في العراق، ان هناك محاولات لضرب كل من شارك في قوات التحالف، وقال ان الايرانيين يحاولون اليوم ضرب القوات البولندية ليس فقط بالهجوم عليها في الديوانية داخل العراق، ولكن ايضا من خلال ضرب العقود والاتفاقات مع وزارة الدفاع العراقية. واكد وجود علاقة بين الزرقاوي، المطلوب الاول اميركياً في العراق (زعيم القاعدة في العراق) والايرانيين. وتحدث عن وساطة الزرقاوي للافراج عن القنصل الايراني الاسير لدى المقاومة العراقية الوطنية عام 2004 في منطقة المحمودية، واشار ان لديه امورا اخرى تثبت علاقة الزرقاوي بالايرانيين للضغط على الاميركيين. ومن جهته اشار مير اسكندراني المستشار القانوني للشعلان ردا على سؤال انه سيقاضي ايضا صحيفة «الاندبندنت» البريطانية الى جانب ثلاثة مسؤولين عراقيين بتهم القذف والتشهير ضد موكله. وهم علي علاوي مدير المالية الحالي، وعلي اللامي مسؤول لجنة اجتثاث البعث، وهادي العامري مسؤول ميليشيات بدر رئيس لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية. وقال الشعلان انه اختار لندن لرفع دعوى قضائية ضد الاشخاص الثلاثة، لان احدهم وهو وزير المالية يحمل الجنسية البريطانية، ولأنه يثق بالقضاء البريطاني، وثالثا لانه تسلم تحذيرات من قوات التحالف بوجود خطورة على حياته عند عودته الى العراق، الا انه اشار الى انه سيعود الى العراق استعدادا للانتخابات المقبلة.

واكد الشعلان وجود جهات عراقية لها اتصالات مع ايران وتريد في نفس الوقت قطع العلاقات مع بولندا، وقال ان تلك الجهات ارادت ايضا إلغاء كافة العقود مع الدول التي ساندت قوات التحالف. واشار الى وجود دوافع شخصية في اثارة مزاعم الفساد ضده وضد الذين عملوا معه خلال توليه حقيبة الدفاع. واوضح ان الجهات المغرضة تريد اولا نفط العراق، وايضا تريد بناء ايران الصغرى في جنوب العراق، وكذلك إبعاد الدول الصديقة عن العراق بما فيها بريطانيا واميركا.

وقال «وجودنا في بولندا اليوم هو جزء من الحقيقة، وعندما زعم وزير المالية ان هناك مليار دولار سرق، ولا توجد عقود، نريد ان نقول له انك كذبت، لان العقود موجودة وموثقة في العراق، والحكومة الحالية تعلم عنها».. وتدخل مير اسكندراني، محامي الشعلان، ردا على سؤال بقوله «نريد دليلا واحدا ضد موكلي» واشار الى ان الموجود هو «مزاعم بدون أدلة، ولكل حادث حديث في المحكمة العليا بلندن» وتساءل الشعلان ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» :«إذا كانت العقود وهمية كما يدعي كبار المسؤولين العراقيين فكيف يصفون الاسلحة بانها فاسدة ومجردة «خردة» وهم لم يتسلموا بعضها بعد» وتساءل عن سبب رفض المسؤولين العراقيين تسلم الاسلحة التي وصلت بالفعل الى ميناء ام القصر بالبصرة والحدود العراقية ـ التركية ومطار بغداد نفسه؟

وكشف الشعلان ان رئيس الوزراء البولندي الموجود حاليا في واشنطن، لبحث صفقة السلاح العراقية البولندية وما أثير حولها من مزاعم مع الادارة الاميركية، ان الحكومة العراقية حتى على مستوى رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري رفضت الرد على رسائل رسمية وجهها اليه رئيس الوزراء البولندي.

واضاف ان البولنديين يشعرون باستياء شديد لنكران الجميل من الجانب العراقي، الذي يتجاهل كليا تضحيات ابناء الشعب البولندي في عملية تحرير التراب العراقي.

وقال ان بولندا شطبت ديونا بلغت نحو 800 مليون دولار مترتبة على العراق. وانها كانت في طليعة الدول التي لبت الدعوة لتزويد الجيش العراقي بالاسلحة والاعتدة المتوسطة والثقيلة في اوائل عهد بناء الجيش العراقي الجديد.

واضاف ان طلبات مشابهة لتسليح العراق وجهت الى كل من اوكرانيا وجمهورية التشيك، لكنها لم تلق ردودا ايجابية. واكد ان البولنديين متأثرون جدا بوصف اسلحتهم بالفاسدة في حين يستخدمها جنودهم للدفاع عن انفسهم على ارض العراق، ويعتبرون ان التشكيك بجودة اسلحتهم، من شأنه الاضرار بصفقات محتملة مع دول اخرى من الشرق الاوسط.

وكشف الشعلان ايضا ان الحكومة البولنديا غاضبة جدا من قرار الحكومة العراقية إقفال الملحقية العسكرية في وارسو، والطلب من الملحقين العسكريين العودة الى بغداد في غضون نوفمبر (تشرين الاول) المقبل. وقال ان وراء هذه الخطوة موقفا ضمنيا يضمن عدم اتاحة الفرصة للملحقين التفتيش على الاسلحة المتعاقد عليها.

وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول عقود التسليح التي ابرمتها وزارة الدفاع العراقية مع الجانب البولندي، انه بالرغم من نفي كبار المسؤولين العراقيين عدم وجود عقود موقعة، إلا ان ليلى المختار، المفتشة العامة لوزارة الدفاع، كانت قد اكدت وجود تلك العقود قبيل اغتيالها بالمنطقة الخضراء في ظروف غامضة. واشار الى مقتل ستة من خبراء وزارة الدفاع العراقية ممن تعاقدوا على شراء الاسلحة البولندية، في ظروف غامضة ايضا.

وشرح المسؤول العراقي السابق، الذي يواجه دعوات في بغداد بنزع الحصانة البرلمانية عنه واعتقاله، كيفية دفع قيمة 35 من العقود التي أبرمت مع بولندا نقدا، ومقدارها 400 مليون دولار. وقال ان قيمة الصفقة دفعت الى بولندا نقدا، عبر الولايات المتحدة الاميركية، وخطها العسكري، اي تحت اشراف وعلم القوات الاميركية في العراق، مشيرا الى ان «الاموال نقلت من العراق نقدا عبر بنك الاسكان الاردني، وهو نفس نمط التعاون في نقل الاموال الى الخارج، الذي اتبعه من قبل احمد الجلبي عندما اجرى صفقات على يد وزير ماليته كامل الجيلاني، ولم نأت بجديد بخصوص هذا الامر».

ولمَّح الشعلان الى صلة الجلبي بخصوص حملة الشائعات والمضايقة التي طالت ايضا العاملين معه وحراسه. وتساءل ضمن ردوده على التشكيك بجودة ونوعية السلاح البولندي الذي يؤمن بانه على اعلى المستويات التقنية، وقيمته رخيصة للغاية مقارنة بمصادر التسليح الاخرى، تساءل الشعلان كيف يصف علي علاوي وزير المالية السابق بان صفقة طائرات الهليكوبتر البولندية هشة وخردة، في الوقت الذي لم تصل فيه طائرة واحدة منها الى الاراضي العراقية. ما يعتبر إجحافا في حقي وفي حق الجانب البولندي.

واكد الشعلان استعداده للعودة الى العراق في وقت سيحدده بعد انتهاء جولته. وقال انه على اتم الاستعداد لمواجهة أي اتهامات ودحضها بالقرائن والادلة على كل المستويات. وقال انه يحظى بدعم مادي من قبل الكثير من انصاره ومحبيه الذين امنوا له نفقات الدعوى القضائية بلندن ضد 3 مسؤولين عراقيين، وكذلك الحراسة الامنية والطائرة الخاصة التي اقلته من مطار فارنبورو بانجلترا الى العاصمة وارسو.