مسلحون بملابس رسمية يقتحمون المذاخر في بغداد ويهددون أصحابها

TT

بعد ان فتح الباب الحديد المسوّر بالخوف، سألنا عن هويتنا ليتأكد ان لا مسلحين يتبعوننا لدخول مذخره الخاص بالأدوية الذي سبق أن اقتحمه في يوم عطلة رسمية خمسة مسلحين كانوا يرتدون الملابس الرسمية ويستقلون سيارة من ذوات الدفع الرباعي بدون أرقام.

قال لنا صاحب المذخر الذي يقع في حي المنصور الراقي ببغداد، انه يرفض التصريح و«لكننا نستطيع ان نعرف ماذا حصل لنا في يوم ترابي قلت فيه الحركة في الشارع». وعندما سألته عن سبب عدم التصريح، قال انهم سيعرفون ذلك وسيقتحمون المكان مرة اخرى. ولما غادرنا المكان المسور حديثا بالحديد، قال لنا أحد منتسبي المذخر همسا ان المسلحين «قالوا لنا انهم من مكتب السيد ولم يكملوا العبارة. وعندما سألناهم أي سيد تقصدون زجرونا وحملوا ما أمكنهم من النقود وخرجوا من المكان».

وفي مذخر «المدار» في حي الشرطة، قالت لنا مسؤولة المذخر وشريكتها انهما يخشيان القدوم يوميا الى المذخر، وهذا هو حال أغلب العاملات من الطبيبات والصيدلانيات بعد ان تعرضت الكثير منهن الى عمليات خطف وتهديد. وقد غادرت غالبية الطبيبات في هذا الشارع الى خارج العراق خوفا على حياتهن. وروت مسؤولة المذخر ما تعرض له المذخر في يوم جمعة حيث اقتحم المكان اربعة مسلحين ارتدوا ملابس الحرس الوطني ووضعوا الأقنعة على وجوههم. وكانت سيارة تنتظرهم في الخارج. اوثقوا أيدي كل الموجودين في المذخر وأدخلوهم الحمام وبدأوا بالتفتيش. وعندما وجدوا خزنة النقود أخذوا أحد الموجودين ورفعوا الغطاء عن عينيه وسألوه ما إذا كان المبلغ هو كل ما موجود في المكان فأكد لهم ذلك، وهم يضعون حرابهم على رقبته واعلنوا انه متهم بتهريب الادوية الى الشمال (كردستان) فقال لهم ان المذخر مجاز من نقابة الصيادلة ووزارة الصحة ويوزع الأدوية على كل انحاء العراق وليس الشمال وحده، وان العمل فيه رسمي، لكنهم لم يظهروا اهتماما بكلامه واخذوا العشرة ملايين دينار عراقي وبضع مئات من الدولارات وكل الهواتف الجوالة الموجودة مع اصحابها ولاذوا بالفرار.

وقال احد الذين شهدوا واقعة الاقتحام انهم ابلغوا مركز شرطة اليرموك وقيدت الحادثة ضد مجهول! وفي مذخر الاكاديمية في حي الشرطة ايضا، كانت الاوضاع تبدو شبه مختلفة فقد اختصر علينا مسؤول المذخر الموضوع، وقال «نحن نحاول ان نغلق المحل نهائيا لأن صاحب المذخر غير متفرغ اضافة الى ان العملية هي عملية سطو عادية جدا قد تحدث في أي مكان في بغداد». قال هذا وودعنا مسرعا خوفا من ان يسمعه احد وقد بدا وكأنه يخشى من أي كلمة قد تفلت منه! وفي مذخر «المنارة»، روى أحد الموجودين ما حدث بوصفه بأنه كان يوما «كئيبا» حيث دخلت عليهم مجموعة من المسلحين الذين وضع كل واحد منهم صفا من الرصاص على خاصرتيه. وكانت سيارة من نوع لاندروفر تنتظرهم في الخارج، وقد سألوا عن السجلات. وقد انقطع حديث هذا الشاب عندما دخل صاحب المذخر، وقال «نرفض التصريح لقد أبلغنا الجهات الرسمية وهي ستتخذ الإجراءات»! في منطقة البتاوين تشكل المذاخر صفا واضحا للعيان على جانب الشارع لكن اختيار المسلحين مذخري بغداد والفلوجة من بين كل المذاخر لدخولهما أثار تساؤلات لدى من تابعوا احداث ذلك اليوم المخيف. قال مسؤول مذخر بغداد الذي يبدو انه متابع جيد للأخبار والأحداث داخل العراق وخارجه ان ملثمين ارتدوا ملابس مدنية وحملوا اسلحة وأجهزة لاسلكي لا يحملها عادة سوى الاشخاص الذين يعملون في حماية كبار المسؤولين حضروا بسيارة واقتحموا مذخره في يوم عطلة رسمية وفتشوا السجلات وسألوا عن سجل الوارد اليومي، وسأل أحدهم «لماذا تهربون الأدوية الى الشمال؟». ثم سأل عن اسم المالك واين يوجد. وعندما دخل الشخص الآخر الذي كان ينتظرهم في الخارج وقال لهم «سيدي جاءت الدورية»، اعلن احدهم انهم سيعودون مرة اخرى لمتابعة المهمة، وانسحبوا من المكان. وعندما سئلوا عمن يمثلون قالوا «نحن من مكتب السيد». وقال احد الذين راقبوا الحادثة من الجانب المقابل للشارع ان الدورية التي حضرت صعد أحد افرادها في السيارة المعنية.

قال صاحب مذخر الفلوجة ان المسلحين الذين دخلوا الى مذخره سألوا ايضا «لماذا تهربون الادوية الى الشمال؟»، وبدأو بتقليب الاوراق الرسمية. وعندما سألهم احد الموجودين في المذخر عن الجهة التي يمثلونها قالوا ايضا «نحن من مكتب السيد». وعندما سئلوا من يكون هذا «السيد»، اجابوا «اصمت يا...» وبقوا يرددون العبارات التي تسكِت الموجودين ووجهوا لهم عدة ضربات في أماكن عديدة من الجسم وفتحوا الخزنة ووجدوا مبلغ مليون وربع المليون دينار. وسألوا ما إذا كان هذا المبلغ هو كل ما موجود، لكنهم لم يأخذوه، وكانت هناك سيارة ذات دفع رباعي تنتظرهم في الخارج وهم اصلا دخلوا المكان بعد ان اطلقوا العيارات النارية في الهواء لإخافة اهل المنطقة وخرجوا من المكان بعد ان جاءتهم إخبارية من خارج المكان بأن الدورية وصلت، وقال احدهم «سنترككم للشرطة». اشار صاحب المذخر الى ان القانون العراقي القديم والمعمول به حاليا يمنع أي قوات من اقتحام أي صيدلية او مذخر للأدوية إلا بأمر وكتاب رسمي وبعلم نقابة الصيادلة ومشاركة ممثلين عنها.