زوليك: نقف مع سودان موحد وسلمي ويتعاون معنا في الحرب ضد «الإرهاب»

باستعمال الضغط والقوة والحوافز

TT

اعلن روبرت زوليك، مساعد وزير الخارجية الاميركية، في خطاب امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ان اميركا تقف مع «سودان موحد وسلمي ويساهم في التنمية الاقليمية ويتعاون معنا في الحرب ضد الارهاب».

وقال ان هدف اميركا في السودان هو «تنفيذ اتفاقية السلام تنفيذا كاملا وتحقيق تنمية اقتصادية في كل البلاد». وشرح خطوات، قال ان الحكومة الاميركية ستتخذها، منها: اولا، متابعة تلبية حكومة الوحدة الوطنية الجديدة حاجيات كل السودانيين، واجراء انتخابات حرة وعادلة، محلية واقليمية ووطنية، خلال اربع سنوات.

ثانيا، تقوية حكومة الجنوب لتقدر على المساهمة الفعلية في السودان الفيدرالي. ثالثا، وقف العنف وضمان الأمن في دارفور. رابعا، دعم دور منظمة الوحدة الافريقية في دارفور والسودان، في مجالات الأمن وتأمين نقل المساعدات الانسانية، والتوسط في الخلافات السياسية. خامسا، تأكيد هدف تحقيق التطور السلمي والديمقراطية في كل افريقيا.

الحكومة الجديدة

* واشاد زوليك بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وقال ان ذلك سيمهد لوضع الأسس القانونية لحكومة جنوب السودان، وتأسيس مجلس تشريعي هناك، ثم بداية لإجراء انتخابات تنافسية، والمشاركة في عائدات البترول، وتأسيس فرق عسكرية مشتركة، واحترام حقوق الانسان.

وعبر زوليك عن حزنه العميق على وفاة جون قرنق، لأنه كان زعيما قويا جدا. وتحاول الحركة، بعده، تأسيس حكومة في الجنوب والمشاركة في حكومة السودان الوطنية. وقال انه تحدث بالهاتف مع سلفا كير عدة مرات، ووصفه بأنه قائد عسكري، وتوقع ان يأتي الى واشنطن خلال شهر أو شهرين، ويقابل اعضاء الكونغرس. وقال زوليك ان قرنق وقف، حقيقة، مع السودان الموحد، ولا نعرف اذا كان زملاؤه سيلتزمون بذلك، أو اذا كان بعضهم سيتصرف تصرفات متطرفة.

تحقيق أميركي

* وكشف زوليك انه كان في جولة في آسيا عندما سمع خبر سقوط طائرة قرنق، لكنه اجرى اتصالات اسفرت عن ارسال فريق من المكتب الفيدرالي لسلامة المواصلات. وقال ان ذلك كان مهما بسبب تاريخ تلك المنطقة، وبسبب القصص التي بدأت تنتشر.

واشار الى جهود روجر ونتر، المبعوث الخاص، وكوني نيومان، المساعدة السابقة لوزيرة الخارجية للشؤون الافريقية، وجنداي فريزر، المساعدة الجديدة، التي حضرت معه جلسة الكونغرس. وقال انها ستسافر الى السودان قريبا للاجتماع مع الحكومة الجديدة لمواصلة عملية السلام.

وقال انها ستبحث مشكلة اللاجئين في منطقة الخرطوم، وان مليوني لاجئ تقريبا يعيشون هناك، وانتقد والي ولاية الخرطوم لأن حكومته نقلت بعضهم بالقوة، ولا تقدم لهم الخدمات الاساسية. حل مشكلة دارفور

* وعبر زوليك عن امله في أن دخول الحركة في حكومة الوحدة الوطنية «سيساعدنا على حل مشكلة دارفور». وقال انه تحدث أخيرا عن هذا الموضوع مع لام اكول، وزير الخارجية الجديد. وانه قال للسياسيين السودانيين، في الشمال والجنوب، ان تطورات المستقبل يمكن ان تتجه اتجاهين: في جانب، سيؤثر الفشل في تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور في «قدرتنا على دعم الحكومة الجديدة»، وسيجعل التطورات تتجه اتجاها عكسيا. وفي الجانب الآخر، يمكن ان تتجه التطورات اتجاها ايجابيا لأن اتفاقية السلام لا تحل فقط المشاكل بين الشمال والجنوب، لكنها، ايضا، تضع اسسا دستورية وسياسية لحل مشاكل دارفور والسودان.

واعرب زوليك عن سعادة الادارة بسبب تطورات في مجالين: الاول، اثمرت جهود الحصول على مساعدات من حلف الناتو والاتحاد الاوروبي لتوفير النقل والادارة، وعلى اقناعهما بالاشتراك في دبلوماسية متعددة الاطراف. الثاني، نجاح اقناع السودانيين بقبول وجود قوات افريقية ووجود حلف الناتو في ارضهم، رغم تاريخ الاستعمار في بلدهم.

لكنه قال ان الوضع في دارفور هش جدا وخطر جدا. وان قوات الحكومة لم تعد تقوم بتحركات رئيسية. لكنها لم تنزع سلاح الجنجويد والمليشيا الاخرى.

وقال لا توجد ملائكة في ذلك الجزء من العالم، ولهذا يستولي المتمردون على الابقار ويحاولون عرقلة المساعدات الانسانية. انقسامات وسط المتمردين واشار زوليك الى ان حركة العدل والمساواة التي تحارب الحكومة في دارفور، لها صلات بالترابي الذي كانت له صلات باسامة بن لادن. وقال: اصبح واضحا ان هناك انقسامات وسط قادة المتمردين الذين يفاوضون الحكومة في ابوجا، ولهذا يحاول كل جانب زيادة اسهمه.

واضاف انا ارسل من هنا، بصراحة، رسالة مهمة، وآمل في ان يرسل الكونغرس رسالة مثلها، وهي ذات شقين: اولا، اننا لن نسمح لأي جماعة بان تلجأ الى العنف.

ثانيا، اذا ظنت اية جماعة ان سيطرتها على مناطق بالقوة سيزيد اسهمها في ابوجا، يجب ان تفهم ان ذلك سيخفض اسهمها في واشنطن.

تميز عرقي وديني واشار زوليك الى خلفية مشاكل السودان، وقال ان السودان عرف بـ«تميز عرقي وديني». واشار الى ان «تجار ومرتزقة (ميرسيناريز) في الخرطوم حاولوا تأسيس دولة بالقوة في وادي النيل في القرن التاسع عشر». ويعتقد انه يقصد ثورة المهدي، رغم ان وصف «مرتزقة» يعتبر قاسيا لوصف هذه الثورة.

وقال ان السودان سيطرت عليها زمرة (كليك) صغيرة من التجار والجنود والاداريين، يتحدر معظمهم من ثلاث قبائل تقع شمال الخرطوم. ويعتقد انه يقصد قبائل من بينها المحس والدناقلة والشايقية والرباطاب والجعليين.

وقال ان هذه نقطة مهمة، لأن هذه القبائل تتجه نحو العالم العربي، نحو القاهرة ودمشق والسعودية. واصبحت الخرطوم، لهذا السبب، عاصمة عربية تحيط بها مناطق شاسعة وفقيرة تنتمي الى افريقيا جنوب الصحراء.

واستطرد زوليك في شرحه لخلفية مشاكل السودان لاعضاء لجنة العلاقات الخارجية، وقال ان جنوب السودان فيه قبائل افريقية تقليدية ووثنيون ومسيحيون. وان دارفور فيها خليط من القبائل العربية والافريقية، يرتبط بعضها بالبربر في المغرب، بسبب هجرات لاهداف دينية او تجارية. وهناك صلات مع قبائل صحراوية قديمة، ومع قبائل عربية من الشمال. ويعتقد انه يقصد شمال افريقيا.

وخلص الى ان هذا هو سبب وجود خليط معقد جدا من الرعاة والمزارعين في دارفور. وانه، ايضا، السبب الرئيسي لعدم الاستقرار. وقال، لهذا، بالاضافة الى جهودنا لانجاح مفاوضات ابوجا، لا بد من مشاريع تنمية في المنطقة لمنع تكرار مشاكل الماضي.

واشار الى وجود خليط من القبائل العربية التي تشكل اغلبية في المدن والحضر في الشمال. والى وجود قبيلة البجا الرعوية التي تميل نحو التساوي، ولها علاقات قديمة مع مصر في الشرق.

حكومة الخرطوم ضعيفة وخلص زوليك الى ان كل هذه الاوضاع ادت الى ان يحكم السودان الشاسع المعقد بحكومة ضعيفة جدا في الخرطوم، اعتمدت على الولاءات الاقليمية لدعم قوتها. واشار الى وجود سلطنة مستقلة في منطقة الفور منذ القرن السابع عشر، حتى هزمها البريطانيون في سنة 1916.

وشرح ان الاستعمار البريطاني للسودان كان غير مباشر. ولهذا اعتمد البريطانيون على ادارات محلية امبراطورية (امبيريال)، ومنحوا زعماء القبائل اراضي واسعة، مما زاد مشاكل التوازن الاجتماعي. وادى ذلك الى تأسيس تعاون يثير الدهشة بين زعماء القبائل وحكومة الخرطوم لحل المشاكل. لكن، كما هو واضح الآن، لم يحل هذا التنسيق المشاكل. ولا بد من وضع اعتبار لهذا الموضوع في المستقبل، عندما تستمر عملية السلام.

تمرد الجنوبيين وتابع زوليك سرد التطورات التاريخية، واشار الى استقلال السودان، في سنة 1956، وقال ان السيطرة الاسلامية والعربية في الخرطوم قوبلت برفض قوي جدا من الاقاليم، وخاصة من جنوب السودان، حيث بدأ التمرد، منذ الاستقلال، وحتى اتفاقية السلام الشامل في بداية هذه السنة.

وقال ان اتفاقية السلام الاولى، في سنة 1972، فشلت لأنها لم تنفذ تنفيذا كاملا. وهذا درس لنا كلنا في الوقت الحاضر. واشار الى ان سبب الفشل هو ان حكومة الخرطوم فرضت، في سنة 1983، قانون الشريعة، الذي كان سبب استئناف التمرد الذي قاده جون قرنق.

واتهم الرئيس الليبي معمر القذافي بالمساهمة في توتر الوضع في دارفور في ذلك الوقت، وذلك لأنه حاول السيطرة على تشاد، وبدأ في التسلل اليها من الباب الخلفي، عن طريق دارفور. ولأن سكان دارفور مسلمون، وليسوا مسيحيين، مثلما في الجنوب، بدأ القذافي في تقسيمهم بتأسيس لواء اسلامي (اسلاميك ليجون)، وفي نشر ايديولوجية قومية عربية تعتمد على التفرقة العنصرية.

حسن الترابي واتهم زوليك، ايضا، حسن الترابي، زعيم الجبهة الاسلامية القومية بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال البشير، في سنة 1989، لدوره في الحرب القاسية في الجنوب. واتهمه، ايضا، لأنه، خلال نفس الفترة، حاول كسب سكان دارفور الاقل قبولا، لاسباب سياسية وبدون خطة تنمية او تطوير. ورغم ان زوليك لم يقسم سكان دارفور الى عرب وافارقة كما يفعل كثير من السياسيين والاعلاميين الاميركيين، يعتقد انه يقصد الافارقة عندما اشار الى «الاقل قبولا».

وانتقد زوليك دور الحكومة الاسلامية في كردفان، عندما اعلن، في سنة 1992، الجهاد ضد جيش حركة التحرير الشعبي، الذي قاد تمردا في جبال النوبة. وقال ان هؤلاء المجاهدين «نسوا ان محاولة خلق دولة اسلامية بالقوة يكون مصيرها، عادة، الفشل». واشار الى ان الترابي، خلال نفس تلك الفترة، استضاف اسامة بن لادن، وان ذلك «كان بداية تغيير موقف البشير من الترابي، وهو التغيير الذي ادى الى شقاق بينهما»، ثم الى اعتقال الترابي.

اقتناع البشير وقال زوليك ان حكومة السودان، بعد هجوم 11 سبتمبر، اعترفت بالمخاطر التي واجهتها، وذلك لان البشير يخاف من اية صلة مع بن لادن والارهابيين، بالاضافة الى انه اقتنع بصعوبة هزيمة جون قرنق عسكريا. وقادت كل هذه التطورات الى اتفاقية السلام في بداية هذه السنة.

لكن زوليك حذر من ان اتفاقية السلام كانت بسبب «حسابات باردة»، اي ان الطرفين اضطرا للتفاوض والاتفاق. وانها لم تكن «مثل عيد الظهور في الكنيسة المسيحية، (قرب الخلاص الابدي). لا يقدر النمر على ان يغير نقاطه السوداء». ويعتقد ان هذه اشارة غير مباشرة الى دور السناتور القس دانفورث، لكن زوليك اشاد بدور دانفورث، وقال انه يتحادث معه من وقت لآخر.

ودعا زوليك للحرص على تنفيذ اتفاقية السلام، والى التفكير في استعمال الضغط والقوة في المستقبل، بالاضافة الى الحوافز. واكد ان الاتفاقية حققت شيئا مهما، وهو انها وضعت اسس التقدم والتطور في المستقبل، وجعلت السودانيين يقتنعون بفوائد الارتباط مع الاقتصاد العالمي، خاصة بعد ان ربطهم البترول به.

واشار زوليك الى الرغبة في المساواة، عن طريق اتفاقية السلام، وعن طريق الانعتاق (امانسبيشن)، ويعتقد انه يقصد شكاوى بعض الجنوبيين بأنهم يواجهون تفرقة عنصرية، رغم ان كلمة «انعتاق» تبدو وكأن الجنوبيين رقيق. وقال زوليك ان هذه الرغبة في المساواة تقود الى اغرائين متناقضين: هل تحصل الاقاليم على اكبر قوة ممكنة في الخرطوم؟ أو هل تنفصل عن الخرطوم؟ ووصف هذا بأنه السؤال الاساسي في السودان. واشار زوليك الى اتصالات الحكومة الاميركية مع الافارقة، وقال ان هذا السؤال مهم بالنسبة لهم، ايضا، وذلك للاسباب الآتية: الاول، لانهم يعطفون على السودانيين. الثاني، لانهم يريدون ان ينجحوا في حل المشكلة لأنها اختبار بالنسبة للاتحاد الافريقي. الثالث، لأنهم يخافون من ان تقسيم السودان سيؤثر عليهم، ومن ان اعادة رسم الحدود التي وضعها الاستعمار ستكون سابقة.