المسلمون في أوروبا: تاريخ عريق في حاضر مضطرب

TT

منذ أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001، برزت النقاشات السياسية والأكاديمية عن الفوارق بين الإسلام والغرب. وتردد الحديث عن إمكانية عيش المسلمين في الدول الغربية ومدى اندماجهم في المجتمع، وكأنه لم ينتبه الباحثون سابقاً لوجود المسلمين في أوروبا منذ قرون. ولكن الأوضاع الراهنة، وآخرها تفجيرات 7 يوليو (تموز) في لندن، دفعت المسلمين، قبل غيرهم، إلى تقييم وجودهم في هذه الدول. وتمحور الجدال حول المسلمين في أوروبا، لتنوع خلفياتهم، بالإضافة إلى اختلاف السياسات التي انتهجتها الأنظمة الأوروبية تجاه المسلمين. وبينما توجد دول مثل فرنسا وألمانيا لديها جاليات كبيرة من المسلمين المهاجرين خلال القرن الماضي، هناك دول مثل صربيا لديها أقليات مسلمة تعود إلى القرن الرابع عشر.

ومع انتشار المسلمين بين مدن أوروبا وبلداتها، إلا انه يصعب تقدير أعدادهم بدقة، خصوصاً ان دولا مثل هولندا لا تجري التعداد السكاني حسب الدين حماية لحريات الناس. ولكن الدراسات الأخيرة تشير إلى وجود بين 20 و24 مليون مسلم في كل أوروبا (بالإضافة إلى روسيا)، بينما يتوقع أن يكون اجمالي عدد الجالية المسلمة في أوروبا الغربية حوالي 12 مليون مسلم. وبينما انخرط معظم هؤلاء في المجتمعات التي انضموا إليها، بقي البعض منعزلاً لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. وتسببت الجماعات المتطرفة في تشويه صورة الإسلام في دول عدة في أوروبا، بينما أثرت على العلاقات بين مجتمعات تلك الدول المضيفة وأبناء الجالية الوافدة من الدول الإسلامية. وركز الإعلام على إبراز الانقسامات في هذه المجتمعات، مثل قوانين منع ارتداء الحجاب في المدارس، وأخبار الجماعات المتطرفة مثل «حزب التحرير» الرافضة لخصوصيات الدول التي تقيم فيها. ولكن هناك إنجازات ونقاط تعاون يجب ألا تغيب عن المطلع. فعلى سبيل المثال هناك الصيرفة الإسلامية التي انطلقت في أوروبا وتنمو بسرعة ملحوظة. كما أن عددا من المتفوقين في مجالات الطب والعلم والاقتصاد والرياضة من المسلمين في أوروبا والذين برزوا في مجالاتهم في المجتمعات التي يعيشون فيها. «الشرق الأوسط» تنشر اعتبارا من اليوم سلسلة من المقالات عن المسلمين في أوروبا، عن أوضاعهم وحاضرهم وتاريخهم في البلد المعني.