البرادعي.. الهادئ الذي يمسك بأكثر الملفات سخونة

صبور ويحسن توزيع المهام على مساعديه.. والمصريون في فيينا يشتكون انشغاله

TT

يتفق المؤيدون والمعارضون لوكالة الطاقة الذرية، على ان مديرها المصري محمد البرادعي أظهر من الاستقلالية، وبذل من الجهد للنأي بالمنظمة الحساسة عن التسيس، ما يستوجب احترامه، حتى ان عارض بعض هؤلاء عمل وكالة الطاقة الذرية في السنوات الاخيرة، بسبب تركيزها على ايران وكوريا الشمالية. وكان البرادعي بحكم موقعه على رأس الوكالة الدولية منذ عام 1997 في صلب الموضوعات السياسية الملتهبة على الصعيد الدولي، اذ تابعت الوكالة البرامج النووية في العراق في عهد صدام حسين، كما تتابع حاليا هذه البرامج في كل من كوريا الشمالية وايران. ويقول البرادعي لتفسير دور الوكالة ان «التحقق والدبلوماسية عندما تتقدمان يدا بيد تعملان بشكل جيد».

وقال البرادعي اخيرا «ان نظام التحقق يعمل بشكل جيد عندما تترافق عمليات التفتيش (التي تقوم بها الوكالة) مع السلطة المناسبة، وكل المعلومات المتوافرة، وتلقى دعما من آلية تطبيق جديرة بالثقة وبتوافق الاسرة الدولية». وكان البرادعي في فبراير (شباط) 2003، اول مدير عام للوكالة يزور العراق. وأكد حينذاك انه ليس هناك دليل على ان بغداد تطور برنامجا للاسلحة النووية، مما اثار غضب ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، التي تذرعت بهذا البرنامج وأسلحة الدمار الشامل لشن الحرب على نظام صدام حسين، قبل ان تقر اخيرا بان مثل هذه الاسلحة ليست موجودة في العراق. والبرادعي طويل القامة ويتكلم بصوت هادئ، ومعروف عنه الالتزام والصبر وطول البال. يقول معاونوه انه يحسن توزيع المهام من دون ان يغيب عن ناظريه ان عليه في نهاية المطاف ان يتخذ القرارات الصعبة. غير ان بعض المصريين المقيمين في النمسا اشتكوا يوما لـ«الشرق الأوسط»، من ان البرادعي بسبب انشغالاته الكثيرة لا يجد الوقت الكافي للانخراط في النشاطات الاجتماعية وسط الجالية. وتقول الناطقة باسم الوكالة ميليسا فليمينغ ان «رؤيته للملف النووي تسمح بالتوصل الى موقف موحد بين الدول الـ139 الاعضاء في الوكالة». وهو يشدد في اغلب الاحيان على ان استخدام القوة يجب ان «يكون الخيار الاخير»، عندما لا تحترم دولة ما التزاماتها الدولية. ويقول ديفيد ولير، احد كبار معاونيه، ويعمل معه منذ اكثر من عشرين عاما، ان البرادعي «ذكي للغاية. واذا اضفت الى المزايا الفكرية حسا اخلاقيا كبيرا تحصل على مسؤول كبير». وقد ولد البرادعي وهو دبلوماسي محترف، في 17 يونيو (حزيران) 1942 في مصر، ودرس في جامعة القاهرة قبل ان ينتقل الى نيويورك ليحصل على دكتوراه في القانون الدولي عام 1964. في العام نفسه بدأ عمله في مقر الامم المتحدة في نيويورك، ثم في جنيف. وهو متزوج وله ابن وابنة. وفي عام 1984 بدأ عمله في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا حيث شغل في البداية منصبا استشاريا (بين عامي 1987 و1991) ليتولى بعد ذلك موقع مدير الشؤون القانونية. في الخامس من يونيو 1997، عين مديرا عاما للوكالة، خلفا للسويدي هانس بليكس، بعدما كان معاونا له. وفاز البرادعي في نهاية شهر سبتمبر (ايلول) بولاية ثانية على رأس الوكالة، مع ان الولايات المتحدة لم تغفر له ابدا تأكيده علنا عدم توافر ادلة تثبت ان بغداد تعد برنامجا للتسلح النووي.