مصادر أميركية لـ«الشرق الأوسط»: دمشق أخطأت في التعامل مع ملف التحقيق في اغتيال الحريري

TT

اعتبرت مصادر أميركية واسعة الاطلاع أنه كان يتعين على الرئيس السوري بشار الأسد أن يلزم منذ البداية موقفا حازما بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وأن يتعاطى بشكل مختلف مع لجنة التحقيق الدولية ومع رئيسها ومع التقرير المفترض صدوره عن ديتليف ميليس في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي. وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان من الأجدى للرئيس السوري أن يقول منذ البداية ومنذ أن بدأت الشكوك تحوم حول دور ما للأجهزة الأمنية السورية في اغتيال الحريري إنه يريد الحقيقة أيا تكن وإنه مستعد لقطع الرأس الذي يثبت أنه خطط أو ساهم في التخطيط لاغتيال الحريري أو اليد التي قد تكون قامت أو شاركت في هذه العملية».

وأضافت هذه المصادر إن استعدادا كهذا «كان سيقوي موقع الرئيس السوري ويجعل من سورية جهة تسعى للبحث عن الحقيقة وليس طرفا يمنع من الوصول إليها». وبحسب ما قالته هذه المصادر فإن المسؤولين الأميركيين عندما يتحدثون عن مسؤولية سورية محتملة «لا يقصدون بالضرورة رأس هرم السلطة في دمشق ولا يستبعدون أن تكون المسؤوليات متوقفة عند مستويات أدنى»، ما يعطي الرئيس السوري هامشا من المناورة يستطيع استغلاله وتوظيفه على الساحة الدولية. غير أن هذه المصادر تبدو واثقة من أن الإدارة الأميركية اختارت العمل على الإطاحة بالنظام السوري «رغم أنها لم تجد حتى الآن الطريق الى ذلك أو البديل الممكن» لتسلم السلطة في دمشق. وتنسب هذه المصادر الى الإدارة الأميركية عملها «على الأقل على ثلاثة سيناريوهات للمرحلة المقبلة أي لمرحلة ما بعد التقرير»، من بينها أن تقبل دمشق بالتضحية بمسؤول أو بمسؤولين آملة بإنقاذ النظام. ولمحت المصادر الأميركية الى ما يمكن أن تعتمده واشنطن كـ«مقدمة» لتدخلها في سورية مثل أن «تضيع» قذيفة أميركية داخل الحدود السورية أو أن «يضل» صاروخ تطلقه القوات الأميركة في العراق طريقه ويعبر الى داخل الحدود السورية. وتؤكد مصادر فرنسية رفيعة الخيار الأميركي حول مبدأ تغيير النظام المسمى «REGIME CHANGE ». وتذهب هذه المصادر الى القول إن جناحا في الإدارة الأميركية «مستعد للمغامرة بإحداث هذا التغيير لأنه يعتبر أن أي تطور سيحصل في سورية سيكون أفضل بالنسبة للمصالح الأميركية بما في ذلك حالة من الفوضى التي يمكن أن تفضي الى شيء إيجابي». وحتى الآن، يقوم الموقف الفرنسي على التأكيد إن باريس «ليست معنية بما يحصل في دمشق واهتماماتها تتوقف عند الحدود اللبنانية وتطبيق القرارين الدوليين رقم 1559 و1595 مع الإصرار على الوصول الى الحقيقة حول اغتيال الحريري».

وسبق أن جرت في الأيام الأخيرة اجتماعات تنسيقية بين باريس وواشنطن ولندن حول مرحلة ما بعد التقرير بما في ذلك مواكبة مجلس الأمن للمحاكمة المنتظرة لمن ستوجه إليه الاتهامات وشكل ومكان ومرجعية هذه المحكمة.

وتدعو باريس الإدارة الأميركية لـ«التروي والاعتدال» في الموضوع السوري وتحذرها من تداعيات «تغيير عنيف للسلطة» في دمشق على أوضاع المنطقة وعلى لبنان بالدرجة الأولى. وتقول المصادر الفرنسية إن باريس «نجحت» حتى الآن في «كبح» جماح الأميركيين ولكن المسؤولين الفرنسيين «يشكون» من أن سورية «لا تساعدهم كثيرا» على هذا الصعيد.