وزير الداخلية العراقي السابق: الميليشيات تتمتع بسلطات قوية وإمكاناتها الكبيرة توفرها إيران

فلاح النقيب أكد لـ الشرق الاوسط : دولة مجاورة تقدم للزرقاوي المتفجرات ووسائل تفجيرها

TT

أعطى فلاح النقيب، وزير الداخلية العراقي السابق، صورة مزعجة عن الوضع الامني والسياسي في البلاد، محملا الحكومة الحالية المسؤولية عن ذلك بسبب ما وصفه بـ«اضطراب التوجه السياسي» لهذه الحكومة وتزايد دور الميليشيات المسلحة التي لم تتورع حتى عن اقامة معتقلات والقيام بعمليات خطف وتعذيب وقتل.

وأكد النقيب في حديث لـ«الشرق الاوسط» في منزله ببغداد، تفاقم النفوذ الايراني في العراق، واعتبر ان طهران تقدم «امكانات كبيرة» للميليشيات، وأفاد بان الاصولي الاردني المتشدد ابو مصعب الزرقاوي ينفذ عمليات ضد الشيعة والسنة على السواء، وأكد انه يتلقى اسلحة وذخائر من «دولة مجاورة».

وقال النقيب ان «الوضع الأمني الآن، حسب ما اراه واسمع واطلع عليه بنفسي، وأنا لم اغادر العراق، من أسوأ ما يكون. وهذا يعود الى غياب الرسالة السياسية للحكومة الحالية التي ليس لها توجه واضح، مما ادى الى حالة من الانفلات الأمني وبالتالي الى مقتل المئات من ابناء شعبنا شهريا. اضطراب التوجه السياسي للحكومة ادى ايضا الى تنامي القوى الارهابية والعصابات الاجرامية، وعلينا ألا نلوم الشرطة والجيش فهما أداة تنفيذ»، مشيرا الى ان «عمليات التفجير بواسطة السيارات المفخخة ازدادت كثيرا عما كانت عليه في العام الماضي، كما انتشرت عمليات الخطف المنظمة والمساومة على الاشخاص بمبالغ كبيرة». وأكد النقيب وجود «ميليشيات ومعتقلات تابعة لها يجري فيها تعذيب وقتل المواطنين. هذه حقائق وهناك ادلة تؤكدها. بعض هذه الميليشيات تابعة لأحزاب كبيرة مشاركة في الحكومة الحالية وأخرى تدعي انها ضد الحكومة، وعلينا ان نستثني قوات البيشمركة الكردية، فهذه لم تعد ميليشيات وانما قوات منضبطة ولها قياداتها السياسية، ولم يصدر عنها اي اعمال تسيء الى العراقيين، وليس لها اي دور في العمليات الارهابية التي تحدث في الشارع العراقي».

واعتبر النقيب ان «المستهدف من الاعمال الارهابية هم عرب العراق، سواء كانوا من السنة او الشيعة، وهذه العمليات تستهدف تفتيت عرب العراق وتقسيمهم كونهم الاغلبية، وهم العمود الفقري للوحدة الوطنية الى جانب الاكراد والتركمان وغيرهم. لذا أجد ان العمليات الارهابية سواء كانت ضد السنة او الشيعة مصدرها واحد يريد ادخال البلد في دوامة الحرب الاهلية وتفتيت كيانه، وتقف وراء هذا كله دولة وربما اكثر وليست مجموعات وأحزاب فقط».

وقال النقيب «لا شك ان دور ايران في هذه العمليات كبير ونفوذها يتصاعد ويتضخم، وهو ما ينعكس من خلال الإمكانات الكبيرة لبعض الميليشيات، فلا بد ان تكون خلفها دولة تدعمها ماديا واستخباراتيا وإعلاميا. التدخل الايراني في الشأن الداخلي العراقي واضح جدا ولا جدوى من إنكاره، وإذا سألت اي مواطن عراقي عن النفوذ الايراني في البلد سوف يتحدث لك عن حقائق وليس اعتقادات، وأكثر العراقيين الذين يعانون من التدخل الايراني هم عرب الجنوب».

وأشار النقيب الى تصريحات وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل حول هذا النفوذ، وقال «الامير الفيصل محق جدا في تصريحاته التي جاءت من باب حرص الاشقاء في السعودية على مصلحة الشعب العراقي ووحدة العراق ومستقبله. السعودية لم تتدخل في الشأن العراقي الداخلي طيلة الفترات الماضية، وتصريحات وزير الخارجية السعودي لم تأت من باب التدخل في الشأن العراقي الداخلي، وانما بدافع الاخوة العربية. العرب يجب ان يقفوا مع العراق والشعب العراقي الذي رحبت غالبيته بتصريحات الامير الفيصل». وحول عمليات اختطاف العراقيين ليلا من قبل مجاميع مسلحة والعثور على هؤلاء مقتولين في اليوم التالي او بعد ايام، علق وزير الداخلية السابق قائلا «لا اتهم الدولة بتنظيم هذه العمليات، لكن هناك بعض الامور بحاجة الى تفسير. هذه العمليات تتم خلال فترة منع التجول. كيف تحركت مجموعات الخاطفين بالسيارات ليلا وكيف نفذت عملياتها؟ هناك عراقيون يختطفون ويعثر عليهم مثقوبي الرؤوس بواسطة الثاقب الكهربائي (الدريل) او متروكة جثثهم في حاويات «الزبالة». وما من عراقي اليوم إلا ويتحدث عن ضحايا الدريل، وهناك عشرات الشهود على هذه العمليات. من يغطي على هذه المجاميع وتلك الجرائم؟ ولمصلحة من التستر عليها اعلاميا ونكران هذا الامر تماما من قبل المسؤولين؟».

وتساءل النقيب قائلا «كيف تحرك ما يقرب من 40 سيارة تابعة للشرطة العامة وشرطة النجدة عند الفجر لاختطاف 22 مواطنا عثر عليهم قتلى قرب الحدود العراقية ـ الايرانية؟ وكيف تفسر الحكومة العراقية مثل هذه الاحداث؟ هل يمكن ان يتحرك كل هذا العدد من السيارات التابعة للدولة في ساعات منع التجول وتقوم بهذه العمليات من دون علم احد؟ على الحكومة العراقية ان تفسر وتجيب عن هذه الاسئلة. وعدم الجواب يجعلنا نقول انه اما ان تكون الحكومة مشتركة في التخطيط والتنفيذ لهذه العمليات أو ان هناك مجاميع ادخلت سيارات نجدة وأخرى شبيهة لتلك التي تستخدمها الحكومة من الخارج. ولكن كيف دخلت هذه السيارات وكيف تحركت تحت غطاء رسمي وبغداد مطوقة أمنيا من قبل قوات عراقية واميركية؟ على الحكومة، وتحديدا وزارتي الداخلية والدفاع، ان تعطي التفسير المناسب. أنا اسأل الحكومة كواحد من آلاف العراقيين الذين يطرحون ذات الاسئلة».

وتحدث النقيب عن عمليات فصل الضباط من وزارتي الدفاع والداخلية فقال «من الواضح ان توجهات الحكومة الحالية تقوم على احداث تغيير شامل في كيان الدولة العراقية. المفصولون هم عراقيون واغلبهم كانوا من المعارضين للنظام السابق ولا تنطبق عليهم قرارات هيئة اجتثاث البعث، ولكن يبدو ان هناك محاولة لتغيير نظام الدولة العراقية.الكثير من الضباط الذين أبعدوا ذوو خبرات علمية وعملية ونحن بحاجة لهم اليوم، حيث يتعرض العراق لأكبر موجة ارهاب في العالم ويواجه تفتتا اجتماعيا. فصل هذه الكفاءات يؤدي الى ضعف الدولة. والضباط المفصولون استبدلوا بأشخاص لا يتمتعون بأية كفاءة. هناك تدخلات حزبية وأسباب غير معروفة، وهذا ليس لصالح الحكومة التي تريد نوعا معينا من العاملين معها». وأكد النقيب ان هناك «دولة تدعم بأموالها واستخباراتها ابو مصعب الزرقاوي الذي قتل الكثير من العرب السنة والشيعة، وانه يستهدف كيان الدولة من الشرطة والجيش والمسؤولين، اضافة الى المواطنين الابرياء لإرهاب العراقيين من غير تمييز بين الشيعة او السنة، فهو قتل مواطنين في الموصل والانبار والكاظمية والحلة لإثارة فتنة طائفية، مستخدما في كل مدينة المجرمين من اصحاب السوابق سواء كانوا قتلة او لصوصا، وهذه المعلومات أعرفها من خلال عملي سابقا وزير داخلية»، وأكد وجود «ادلة موجودة لدينا تثبت استخدام الزرقاوي مواد متفجرة وفتائل تفجير مصنوعة في دولة جارة للعراق، وهذه المواد تستخدم من قبل القوات المسلحة لهذه الدولة، ولا يمكن ان تباع في الاسواق».

ويرى النقيب ان إنقاذ العراق «يتم من خلال حكومة وحدة وطنية تحافظ على وحدة الشعب العراقي وكيان العراق يقودها سياسي ورجل دولة لا يميز بين طائفة وأخرى وينظر الى كل العراقيين باعتبارهم ابناء البلد بغض النظر عن قومياتهم مثل الدكتور اياد علاوي الرئيس السابق للحكومة».